بقلم- فرانك ويزنر ترجمة وإعداد- بولس ساويرس
كانت "أمريكا" تشجع المسؤولين خلال الفترة الماضية على النزول وتنفيذ إرادة الشعب المصري في اختيار الرئيس، والجيش والقضاء كان لهما دور في هذه المهمة الصعبة في اختيار الرئيس.
والآن، على الرئيس الجديد "محمد مرسي" أن يواجه التحديات المعقدة التي تمر بها البلاد، وخاصة في ظل الدستور المكمّل، فيجب:
أولًا- وضع دستور تُحدَّد فيه صلاحيات الرئيس بصورة أكثر وضوحًا، ولن يتم هذا إلا بتكاتف الجيش مع باقي مؤسسات الدولة المختلفة، بما في ذلك القضاء الذي لعب دورًا مهمًا في هذه الفترة الحرجة.
وثانيًا- يجب البقاء على توطيد العلاقة مع الجيش، والجلوس معه على طاولة المفاوضات، ومعرفة البنود التي يود الاحتفاظ بها وبالفعل قد صرّح بها، وهي الجيش سيد قراره في كل النواحي، بدءًا من ممتلكاته وصناعاته العسكرية وحتى قراراته بشأن الحرب أو لا، فهو أدرى بالأمور العسكرية أكثر من أي أحد منذ عام 1952 م.
ثالثًا- والأهم، هو التحدي الحقيقي الذي يواجه الرئيس "مرسي" الذي فاز في الانتخابات بنسبة 51 % من الأصوات، التي كانت حوالي 50 % من جميع المصريين الذين يحق لهم التصويت، ففي الواقع أن لديه فقط 25 % من المواطنين، ويعني هذا أن يحكم بطريقة توافقية، أي عليه أن يأخذ فى الاعتبار كل الشعب المصري بكل طوائفه وفئاته، بما في ذلك النساء والأقباط والأقليات بصفة عامة، وأن يتأكد كل المصريين أنه سيتم حمايتهم، وسيكون لهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات، وأن يكون لهم حرية التصويت في أي انتخابات حرة نزيهة.
الآن يجب الاعتدال والحذر، وخاصة في ظل هذه التجربة الفريدة. وتعتبر "مصر" بكرًا في الديمقراطية بعد هذه العقود الماضية، ويدرك معنى هذا الكلام جيدًا جماعة الإخوان المسلمين، الذين قضوا سنينًا طويلة في السجون منذ إنشاء الجماعة منذ أكثر من ثمانية عقود سنة 1928 م. فعلى هذه الجماعة، وعلى كل الجهات المختصة في "مصر"، أن يواجهوا التحدي الأكبر في "مصر" وهو الاقتصاد المتردي، وانتشار البطالة بصورة كبيرة، والنظر إلى احتياطي النقد الأجنبي، وإدارة ميزانيتها بصورة جيدة، وخلق فرص عمل للشباب، وذلك لكبر عدد العاطلين في "مصر"، وجذب إستثمارات أجنبية للبلاد.
وعلاقة "أمريكا" بـ"مصر" هي علاقة قوية جدًا، وستكون العلاقة أقوى فى الأيام المقبلة، ليس فقط مع الرئيس "مرسي" ولكن أيضًا مع البرلمان في المستقبل القريب. ويمكن أن تكون القضايا الهامة والشائكة في المنطقة في الوقت الراهن سببًا في زيادة مساحة الأرضية المشتركة بين البلدين.
وما يجعل "أمريكا" متفائلة، هو ما حدث خلال الأشهر الماضية، حيث عانت "مصر" من ضربات عنيفة شرسة متتالية، أرادت أن تنتزع السلام من "مصر"، ولكن برغم ذلك ظلت "مصر" متماسكة، لذلك يتعين على الحكومة الجديدة أن تتعامل مع المشاكل الصعبة التي ذكرناها، وأهمها الاقتصاد، بحكمة وبصورة عاجلة، وذلك عبء ثقيل على الحكومة الجديدة، ولكن يجب الاستفادة من الديمقراطية الوليدة في "مصر"، بل وفي المنطقة ككل؛ لأن "مصر" الآن أصبحت مثلًا سيُحتذى به في كل المنطقة خلال الأشهر القادمة، فقد أصبحت بوتقة للديمقراطية، وهي أمر حيوي لكل الشعوب المجاورة، فيساعد دولًا أخرى في تحديد مسارها ومصيرها الذي يجب أن يُتخذ.
الآن الصالح لـ"مصر" تعزيز "مرسي" للشراكة بين البلدين، والصالح لـ"أمريكا" استقرار "مصر" في المنطقة؛ لأن استقرار "مصر" من أولى اهتمامات "الولايات المتحدة الأمريكية"، ولذلك لن يتأتى هذا الاستقرار إلا بثلاثة أشياء، ألا وهم: الاهتمام بالاقتصاد المتردي، والسلام الداخلي والأمن النابع من إرادة الشعب المصري نفسه، والسلام الخارجي مع جيرانها.
"من الواضح أن أمريكا لم تتدخل في عملية الانتخابات إطلاقًا، ولا معجبين بالجماعة، ده إحنا بس اللي ظالمين أمريكا، فعلًا مصر في عيون وعقول الإخوان، وهنيالك يا فاعل الخير".
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com