اختلف عدد من قيادات الأحزاب والقوى السياسية والخبراء، السبت، حول إمكانية حدوث صدام بين جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين، بعد تصريحات الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، التي قال فيها إنه «لا يجوز أن يتولى منصب نائب رئيس الجمهورية قبطى أو امرأة»، في ظل ما أعلنه المتحدث الإعلامي باسم رئيس الجمهورية، عن أن الرئيس الدكتور محمد مرسي، تعهد بتعيين نائبين له أحدهما قبطي، والآخر امرأة.
وفي الوقت الذي رجحت فيه قوى سياسية حدوث صدام سياسي بين الطرفين حول صياغة المادة الثانية من الدستور، وحصة السلفيين في الحكومة، وذلك مع صعوبة تنازل «السلفيين» عن تطبيق الشريعة، وفي ظل وعود «الإخوان» بصيانة حقوق الأقباط والأقليات، فقد أشارت قيادات حزبية إلى احتمالات قيام الجماعة بتقديم تنازلات للسلفيين في إطار دفعهم لفاتورة تأييدهم للرئيس مرسي في الانتخابات.
وقال المستشار مصطفى الطويل، الرئيس الشرفي لحزب الوفد، إن «السلفيين لا يستطيعون تحمل عقبات الصدام السياسي مع جماعة الإخوان في الفترة الحالية، سواء بسبب رفضهم لتعيين نائب قبطي لرئيس الجمهورية، أو رفضهم لكلمة (مبادئ الشريعة)، بالمادة الثانية من الدستور»، مشيرا إلى أن السلفيين يدركون جيدا أن وصول «الإخوان» للحكم سيساعدهم في تنفيذ مشروعهم الإسلامي، حتى ولو تم إرجاء تنفيذ مطالبهم إلى مراحل لاحقة، بما قد يشير إلى احتمال حدوث صدام بين الطرفين إذا لم تنفذ مطالبهم.
وأضاف الطويل، في تصريحات لـ«المصري اليوم»، أن السلفيين يدركون أيضا أن «الإخوان» رغم وصولهم للحكم، لازالوا يقفون على أرض غير صلبة، مدللا على ذلك بأن ضمان نسبة كبيرة لمشاركة السلفيين بالحكومة الجديدة، يتوقف على مدى مشاركة القوى المدنية فيها، وليس على نفوذ «الإخوان» في منحهم نسبة تمثيل أكبر، حيث سيتمتع السلفيون بعدد كبير من الحقائب الوزارية فقط، إذا انسحبت القوى المدنية.
من جانبه قال نبيل زكي، المتحدث الرسمي لحزب التجمع، إن «السلفيين وضعوا الإخوان في موقف حرج، بتمسكهم بمطالب المادة الثانية من الدستور، ورفضهم تعيين قبطي بمؤسسة الرئاسة»، مشيرا إلى أن الوضع الحالي ينذر بقيام الإخوان بتقديم تنازلات لصالح السلفيين، في إطار دفعهم لفاتورة تأييد السلفيين للدكتور محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية، خاصة أن قيادات الدعوة السلفية، مثل الدكتور عبد المنعم الشحات، وعصام دربالة، أعلنوا منذ اليوم الأول لمناقشات وثيقة الأزهر أن السلفيين لن يتنازلوا عن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وليس مبادئها، والنص عليها بهذا الشكل في الدستور الجديد.
وأوضح زكي أن تنازلات الإخوان للسلفيين من الممكن أن تشمل تعيين نائب قبطي للرئيس محمد مرسي، دون منحه أي صلاحيات، لافتا إلى تعيين نائب قبطي، لرئيس حزب الحرية والعدالة، وهو الدكتور رفيق حبيب، دون أي صلاحيات، واصفا دوره بـ«ديكور في دولة الإخوان»، ومطالبا القوى المدنية بالانسحاب من تشكيل الحكومة الائتلافية، مثلما انسحبوا من الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، رغم ما تحمله هذه الخطوة من إفساح مجال أكبر للسلفيين لاحتكار الحقائب الوزارية مع الإخوان.
وقال خالد تليمة، عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة، أن مسألة الصدام بين الإخوان والسلفيين تتوقف على الرئيس مرسي، فهو الذى وعد السلفيين هو وخيرت الشاطر، نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين، فى العديد من المؤتمرات الانتخابية بتطبيق الشريعة كما يتصورها السلفيون، وفى نفس الوقت وعد بعض القوى المدنية التي أعلنت عن دعمها له فى جولة الإعادة بأنه سيعين نائبين له «قبطى وامرأة»، وسيختار شخصية وطنية مستقلة لتولي رئاسة الحكومة، ولن يستطيع أحد أن يحسم ذلك إلا مرسي، قائلا: «اللي حضر العفريت يصرفه».
وأضاف تليمة أن الخلافات بين التيار المدني والتيار الإسلامي عموما واضحة، ولكن الخلافات بين الإخوان والسلفيين بكل فصائلهم جوهرية ومعقدة، وهذه الخلافات قد تنتهى بأزمة بين الطرفين، لأن السلفيين لم يدخلوا المعترك السياسي إلا من أجل تطبيق الشريعة، ويصرون على ذلك ولم يدعموا الرئيس مرسي إلا من أجل هذا السبب.
أما محمد عبد العزيز، مسؤول الشباب بحركة كفاية، فقد أشار إلى أن السلفيين قد بدأوا فى المطالبة بفاتورة دعمهم للرئيس مرسي، مضيفا بقوله: «السلفيون كانوا يعتبرون أن الديمقراطية حرام شرعا، ودخلوا العملية السياسية من أجل استخدامها فى تحقيق الشريعة كما يفهمونها، ولما اكتشفوا أنهم لن يستطيعوا ذلك من خلال البرلمان لأن أغلبيته من الإخوان، لجأوا إلى تأييد مرسي، بعد أن قدمت الجماعة الضمانات التي أرادوها، وبدأوا الآن فى المطالبة بهذه الضمانات، ولكن فاتورة ذلك لن يدفعها الإخوان فقط، ولكن سيسددها الوطن لأن بعض الفصائل السلفية قد تلجأ إلى العنف».
وأضاف عبد العزيز أنه من الخطورة أن يتولى السلفيون وزارتي التعليم والتعليم العالي، لأنهم يريدون إجراء عملية «سعودة» لمصر، ونشر الفكر الوهابي للإسلام، وذلك عن طريق التعليم، أما نسبتهم في الحكومة فستحددها المفاوضات بينهم وبين الإخوان.
وقال الدكتور رفعت سيد أحمد، المفكر والمحلل السياسي، إن «السلفيين سيطالبون بمستحقاتهم بعد تأييد مرسي، وسيؤدى ذلك إلى الخلاف بينهم وبين الإخوان، ولكن المحرك الرئيسي لهما (الأمريكي والخليجي) القادر على دفع الأموال، لن يسمح بأن يصل الخلاف إلى حد الصدام، مشيرا إلى أن نسبة السلفيين في الحكومة القادمة لن تقل عن الربع، لأنهم وقفوا بشدة خلف «مرسي».
فيما قال نبيل عبد الفتاح، مسؤول تقرير الحالة الدينية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن «العلاقة بين مطالب وأهداف السلفيين وبين وعود الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية، ستحمل قدرا كبيرا من الازدواجية، بسبب ظهور تأثير مكتب الإرشاد على عملية صناعة القرار داخل مؤسسة الرئاسة، مما يضع الدكتور مرسي في موقف حرج أمام الرأي العام بأكمله، خاصة في ظل تعهده بأن يكون مستقلا في قراراته بعيدا عن خطط الجماعة»، معتبرا أن تمسك السلفيين لن يشعل صداما بينهم وبين الإخوان فحسب، ولكن سيحدث صداما مماثلا أيضا مع القوى المدنية.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com