أكد الرئيس التونسى منصف المرزوقي، أول رئيس منتخب بعد الثورة التونسية، أن شرعية القوة استبدلت بعد الثورة فى تونس ومصر بشرعية الشعب، وأن الشعوب العربية تريد نوعيات أخرى من الحكام.
وقال المرزوقي في حواره مع الإعلامي خيري رمضان، ببرنامج "ممكن" عل قناة "سي بي سي"، إن الشهداء دفعوا من أرواحهم فداءً للثورة التونسية، لكن هناك من المشاكل الروتينية والقانونية ما تعوق حصولهم على حقوقهم وهذه المشكلات تتطلب مزيدا من الوقت لحلها لككنا سائرون فى الطريق لحلها. وأضاف أن المتاجرين بالدم والمتاجرين بالثورة قد زادوا الأمر صعوبة للتحرى الدقيق عن الشهداء الحقيقيين وأن ما يحدث فى سوريا يجعله يشعر بالشفقة على من سوف يتولى ملف الشهداء والجرحى السوريين.
وقال المرزوقى، إنه طرح آلية حل الملف اليمنى على الملف السورى حقنا للدماء وهى قائمة حتى الآن وأن الحل مرتبط برحيل الأسد، وهو خيار بين الحياة والعدل. وقال إن بن علي هرب بطريقة مشينة وتساءل كيف للسعوديين أن يجيروا من دنست المصاحف فى عهده وكيف لأرض الإسلام أن تؤوى سارقا تسبب فى قتل مئات الشهداء ومئات الجرحى، وطالب السعودية بتسليمه ولا يضعوا الشهامة البدوية فى غير محلها، وقال إن بن علي لن يرد أموالاً لتونس.
كما صرح المرزوقي بأن العلاقات بين تونس والسعودية لن تتأثر بعدم تسليم بن على مشيرا إلى أن العلاقات بين الدول تقوم على المصالح المشتركة لكنه أكد أن هذا سيثير حفيظة التونسيين تجاه السعودية لإيوائهم هذا السارق بن علي، وهذا سيؤثر على العلاقات بين الشعوب والعلاقات الإنسانية بينها.
وعن موقفه الغاضب تجاه الحكومة التونسية بالموافقة على إعادة البغدادى المحمودى رئيس الوزراء الليبى إلى ليبيا قال إنه يناقش الأمر كناشط حقوقى ومن منطلق تعهدات تونس الدولية بعدم تسليم لاجىء سياسى لم تثبت عليه التهم بعد، وقال إن تونس دولة قانون وتتوافر بها المحاكمة العادلة، وتمنى أن يغلق هذا الملف كى لا يؤثر فى العلاقات الليبية التونسة والتونسية التونسية مع رئيس الحكومة وقال إن هذا الموضوع كاد يعصف بالائتلاف الحكومى.
واعترف المرزوقى بتنازع السلطات فى تونس، وقال إن تونس فى المرحلة التجريبية الآن وأن المجلس التأسيسي هو السلطة الحقيقية إلى أن يكون هناك دستور جديد يحدد السلطات، وحتى يتم ذلك ستبقى هذه الصراعات التى نتداركها للوصول إلى بر الأمان.
وعن توقعه بأن يشهد القرن الحادى والعشرين سلسلة الثورات العربية، أجاب المرزوقى بقوله إن التاريخ يقول أن الأمة العربية أمة عظيمة رغم فقرها وقال إن الصين فى القرن التاسع عشر كانت تعانى مما يعانيه الوطن العربى الآن وقال إن التحديات هى مكمن القوة للثورات وقال إن الشعوب العربية لا يقتلها المرض وأنها تتعافى.
وقال المرزوقى إن موقعه كرئيس للجمهورية يضع مسؤوليات كبيرة على عاتقه، لم يكن يتحملها فى مرحلة سجنه لأنه الآن مسؤول عن ملفات كثيرة، ولم يكن فى السابق مسؤلاً بل كان هناك من يتولون أموره مشيرا إلى أن المشكلات كبيرة والموارد محدودة والمطالب تفوق هذه الموارد وتفوق قدرات البشر وقال إن المسؤلية شرف كبير لكنها باهظة الثمن فى ذات الوقت.
كما قال إنه ليس بالمصادفة أن يتولى أساتذة الجامعة منصب الرئاسة فى تونس ومصر على السواء، وعن تحفظه على التيارات السلفية فى تونس قال إنه يسعى إلى كل التونسيين وقال إن من يمارس العنف هو من يقصى نفسه عن الشعب على حد قوله ويضع نفسه فى المواجهة وقال إنه فتح الحوار مع قادة السلفيين وطالبهم بالديموقراطية والدعوة إلى أفكارهم دون عنف أو فرض رأيهم بالقوة وقال إنه يتعامل مع السلفيين بصحيح القانون دون تعذيب أو محاكمات ظالمة كما كان يحدث فى السابق وقال إنه يريد دمج هذه الحركة وغيرها من الحركات فى الحياة الاجتماعية لكنه لن يقصى أحداً إلا من يقصى نفسه وقال إن هذه الظواهر تكمن مشاكلها حسب الدراسات الاجتماعية فى استيعاب تلك الحركات فاقدى الأمل من الشباب ومن تحول من الإجرام إلى التيار الدينى وهذا يتطلب معالجة الأمر اقتصايا وثقافياً.
وقال إن من يشاركونه فى الحكم لا يرفعون شعار الإسلام هو الحل وقال إن الحل هو التعددية ومنها الإسلام السياسى الذى يقبل الديموقراطية وأضاف أن راشد الغنوشى رجل معتدل ينتمى إلى المذهب المالكى وقال إن الإسلاميين ليسوا فصيلا واحدا من أردوغان إلى طالبان وقال إنه يقبل التعامل مع المعتدلين من الإسلاميين لأن الصراع على فرض الوجود على الشعوب من فصيل معين دائما ما تؤدى إلى الديكتاتورية ووصفها بالصراعات العبثية التى يجب أن تنتهى وقال إن المجتمع المصرى مجتمع تعددى لا يقوم على الإقصاء أو الوصاية وقال إن الحوار هو الحل الوحيد للتفرغ إلى التحديات التى تواجهنا.
وأكد أن الإسلاميين كانوا جزءً من الثورة فى مصر وتونس لكن ما حدث فى ليبيا من انتصار لليبراليين، ربما سببه عدم اقتناع الناخبين هناك بأداء الإسلاميين فى تونس ومصر، وقال إن على التيارات الإسلامية أن يعلموا أنهم فصيل من عدة فصائل وطالبهم بالتعايش مع الآخرين، كما طالب التيارات العلمانية فى مصر بقبول التعامل مع الفصائل الأخرى من التيارات الاسلامية والتخلى عن عقلية الوصاية والإقصاء وحذر من ديكتاتورية العلمانية أو الديكتاتورية الإسلامية.
وحول المشاكل الاقتصادية، أشار المرزقى إلى أنها أقل حدة فى تونس من مصر وأنه مشفق على الرئيس المصرى من مشكلاته التى تتضاعف عن المشكلات فى تونس عشرات الأضعاف وقال إن الضغوط هى التحدى الذى يواجه مصر الآن لكنه واثق من التغلب على هذه التحديات.
وقال المرزوقى إنه تلميذ غاندى ومانديلا فى السياسة وأنه ألف كتابا فى العشرين من عمره عن غاندى، وقال إن غاندى لا يخلط بين القوة والعنف، وهذا ما تعلمه منه، أن القوة فى الثبات على المبدأ والصبر على المكروه.
وأوضح أن مفهوم الليبرالية الاقتصادية خطر كبير، وقال إنها تسببت فى المشكلات الاقتصادية فى أوروبا مشيرا إلى أنه مع الدولة الاشتراكية الديموقراطية التى تدافع عن الفقراء وقال إنه ضد خصخصة التعليم والصحة وأنه يرفض الليبرالية المطلقة التى تفقر الفقراء وتغنى الأغنياء حتى وإن أخرجت البعض من الفقر.
واتفق المرزوقى مع الرئيس مرسى على رفض التدخل الأجنبى والضغط على أصدقاء سوريا للضغط على الأسد للرحيل، والتأكيد على أحقية الشعب السورى فى اختيار نظامه، وأقر بأن سوريا أصبحت بؤرة صراع بين القوى الدولية، وأننا نختار أقل الحلول سوءاً برفض التدخل الأجنبى.
واختتم المرزوقى حواره، بأن الأناقة أناقة الروح والفكر وأنه يفضل أن يبقى على فطرته وطبيعته التى تميز بها قبل توليه الرئاسة، وقال إن السلطة لا تغوى إلا النفوس الضعيفة، لأنه يمارس السلطة من موقع المسؤولية وليس من موقع الغواية.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com