بقلم: راندا الحمامصي
إنّ نظرة البهائيّين للجنس قائمة على الاعتقاد الرّاسخ بأنّ العفّة ضروريّة للجنسين، ليس فقط لأنّها فضيلة بحدّ ذاتها، بل لأنّها الطّريق الوحيد نحو حياة زوجيّة ناجحة. إنّ العلاقات الجنسيّة مهما كانت خارج نطاق الزّوجيّة ممنوعة قطعًا وكلّ مخالف يحاسب أمام الله ويعاقبه مجتمعه.
إنّ الدّين البهائي يقرّ بأهميّة الحافز الجنسي ولكنّه يشجب التّعبير الخاطئ وغير القانوني عنه، كالممارسة الجنسيّة الحرّة والزّواج الرّفاقي وغيره مما يعدّه الدّين البهائي ضارًّا جدًا بالإنسان ومجتمعه. إنّ التّعبير السّليم عن ذلك الحافز حقّ مشروع لكلّ فرد ولهذا نزّلت شريعة الزّواج. (مترجم عن رسالة كتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحباء في 5/9/1938)
طبقًا للتّعاليم البهائيّة فليس هناك مجال لأيّة ممارسة جنسيّة خارج حدود الزّواج الشّرعي وخلاف ذلك غير قانوني وضارّ بالصّحّة. على الشّباب البهائي أن يتعلّموا ضبط النّفس حتّى يحقّقوا بناء شخصيّة سليمة في الغالب، ومن جهة أخرى يجب حثّهم على الزّواج المبكّر بينما هم في أوج حيويّتهم الجسديّة. أما العوامل المادّيّة فلا شكّ أنها تعتبر من المعوّقات إلاّ أنّها في غالب الأحيان تكون مجرّد عذر، فيجب ألاّ تعطى الأهميّة الزّائدة. (مترجم من رسالة كتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحباء في 13/12/1940)
العفّة قبل الزّواج تعني الحياة النّقيّة الطّاهرة، وبعده تعني الوفاء والإخلاص من كلّ طرف نحو الآخر في جميع الأمور الجنسيّة قولاً وعملاً. إنّ العالم اليوم غريق التّركيز الزّائد على الحبّ الجسدي دون القيم الرّوحيّة. على الأحباء أن يدركوا ذلك فيرتفعون بمستواهم عن أقرانهم الذين، عبر مراحل التّاريخ الفاسدة، يصبّون جلّ اهتمامهم على النّاحية الجسمانيّة من النّكاح. وفي خارج نطاق حياتهم الزّوجيّة الطّبيعيّة الشّرعيّة عليهم ان ينسجوا بأفعالهم روابط الألفة والمحبة الأبديّة المبنيّة على الحياة الرّوحيّة للإنسان لا على نزواته الجسمانيّة بحيث يكونون في هذا المضمار قدوة، وفي أفعالهم مقياسًا لحياة البشريّة الحقّة حيث تكون روح الإنسان في أعلى المقام وما جسده إلاّ تلك الأداة الطيّعة لروحه المستنيرة. (مترجم من رسالة كتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحبّاء في 28/9/1941)
النّهي عن الأعمال الفاسدة
"... قد حرّم عليكم الزّنا واللّواط والخيانة أن اجتنبوا يا معشر المغلّين. تالله قد خلقتم لتطهير العالم عن رجس الهوى هذا ما يأمركم به مولى الورى إن أنتم من العارفين. ومن ينسب نفسه إلى الرّحمن ويرتكب ما عمل به الشّيطان إنّه ليس مني يشهد بذلك كلّ النّواة والحصاة وكلّ الأشجار والأثمار وعن ورائها هذا اللّسان النّاطق الصّادق الأمين." (من أحد ألواح حضرة بهاء الله- نص عربي)
إنّ بيان حضرة بهاء الله يؤكد على مدى خطورة الزّنا وإنّه عائق أمام الرّوح لترقّيها في العالم الآخر وإنّ شرب الخمر يذهب بالعقل ويُفسده ومن الضّروري تجنّبه. من هذه البيانات المباركة نرى وضوح التّعاليم حول هذه المواضيع. (مترجم من رسالة كتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحباء في 30/9/1949)
الفسق والفجور وتزايد الاهتمام بالجنس، من الشّرور التي تصيب المجتمع الإنساني في هذه الحقبة الزّمنيّة المتميّزة بضعف الرّوحانيّة. إنّ الشّذوذ الجنسي حسب التّعاليم المباركة أمر منبوذ روحانيًّا، ومع إيماننا بأنّه غير مسموح به اجتماعيًّا – مع أنّه مع الأسف مقبول لدى بعض المجتمعات حاليًّا- إلاّ أنّ المصابين به تجب مساعدتهم نحو العلاج. علينا مكافحة الشّرور في المجتمع بالوسائل الرّوحانيّة ثم الاجتماعيّة والطبّيّة وأن نكون متفهّمين لها دون تهاون في المبادىء ولا حياد عن العقيدة. (مترجم من رسالة كتبت بالنّيابة عن حضرة شوقي أفندي لأحد الأحباء في 21/5/1954)
إنّ بعض المشاكل الجنسيّة كالشّذوذ والتّطرف الجنسي قد تفيد فيها النّواحي الطبّيّة، وهنا يجب اللّجوء إلى العلاج الطبّي. ومن الواضح في تعاليم حضرة بهاء الله أنّ الشّذوذ الجنسي ليس حالة يمكن مسايرتها أو القبول بها، بل إنّها انحراف عن الطّبيعة يجب تقويمه والتّغلب عليه، وهذا قد يتطلّب صراعًا شاقًّا مثلما يستلزمه الفرد الطّبيعي في سيطرته على نزواته الجسديّة. إنّ توظيف السّيطرة على النّفس في هذا الشّأن له تأثيره المفيد على تطوّر الرّوح ورقيّها... علينا أن ندرك أنّه بالرّغم من أهميّة الزّواج إلا أنّه ليس (الهدف الأساسي) أو الغاية القصوى من الحياة. قبل أن يجد الفرد شريك حياته أو حتّى إذا بقي طيلة عمره أعزبًا فلا يعني أنّه لم يستطع تحقيق الهدف من وجوده. (مترجم من رسالة لساحة بيت العدل الاعظم للمحافل الرّوحانيّة المركزيّة في 6/3/1973)
سألت في رسالتك عمّا إذا وردت في الألواح المباركة إشارة مباشرة أو غير مباشرة إلى موضوع الاغتصاب أو الاعتداء الجنسي. حوّلت رسالتك إلى دائرة الأبحاث التي وضعت الملاحظات التّالية:
"إنّ تحريم الفسق واضح تمامًا في تعاليم حضرة بهاء الله (رسالة ابن الذّئب) ويؤكّد حضرة وليّ أمر الله أنّ "الحياة العفيفة المقدّسة"، طبقًا لتعاليم الأمر المبارك، تتطلّب إدانة كلّ أشكال الرّذائل الجنسيّة (ظهور العدل الإلهي) ونهى كتاب الأقدس المستطاب في أحد أحكامه عن الانغماس في الملذّات والزّنا الذي يعني الاتّصال الجنسي المحظور سواء أكان برضاء الطّرفين أو بالإكراه والعنف. أما عن عقوبة الاغتصاب فسيحدّدها بيت العدل الاعظم مستقبلاً." (مترجم من رسالة بيت العدل الاعظم لأحد الأحباء في 8/6/1982)
تطبيق مبدأ "العفّة والحياة المقدّسة"
... إنّ للعفّة ارتباطًا وثيقًا بالشّباب البهائي. فهو الذي يستطيع أن يؤثّر في حياة الجامعة البهائيّة من حيث العفّة والطّهارة والنّشاط والفعاليّة بأفعاله وسلوكه وكذلك في تحديد قدراتها وإمكاناتها وخطّ سيرها في مستقبل الأيّام.
في العفّة والتّقديس يكمن أساس سلوك الفرد وميزان نهج حياته وجميع أطوار الأحبّاء في روابطهم الاجتماعيّة داخل الجامعة البهائيّة وخارجها. فيجب أن تكون هذه الصّفة الأساسيّة طراز هيكل النّفوس وعماد قوّة الجهود في نشر النّفحات المسكيّة الإلهيّة وتصريف الشّؤون الرّوحانيّة حتى ينشغلوا بخدمة عتبة حضرة بهاء الله ويفتخروا بها.
على أحباء الله المستظلّين بهذا اللّواء السّبحاني أن يتحلّوا بهذه الصّفة المُرضية (العفّة والتّقديس) في جميع الشّؤون والأحوال: في السّفر أو الحضر، في المجامع العامّة والمحافل الخاصّة، في المكاتب والمدارس والمعاهد العلميّة والأدبيّة، فتظهر منهم بكمال الدّقة في حركاتهم وسكناتهم اليوميّة وفي نشاطاتهم وفعالياتهم في المدارس الصّيفيّة، كما يجب بذل العناية الفائقة في تحقيق هذا الأمر الدّقيق في كلّ فرصة ومناسبة حتّى يعمل على تقوية أسس حياة الجامعة البهائيّة واستحكامها.
وأخيرًا فإنّ هذه الحقيقة الشّاخصة يجب أن تكون الصّفة الملازمة للشّباب في تكوين شخصيّتهم فلا تنفكّ عنهم في أدائهم لرسالتهم والقيام بمسؤوليّاتهم الجسام. فالشّباب عنصر حيوي عظيم في الجامعة البهائيّة وعامل مؤثّر فعّال في تقويم الشّباب من بعدهم في بلدهم. (مترجم من كتاب ظهور العدل الإلهي – لحضرة ولي أمر الله)
(من كتاب العفة والتقديس)
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com