بقلم:ادوارد فيلبس
بالتأكيد لن يغيب عن ذهن القاريء المعنى المقصود للعنوان ، فالمُسيء هو من يقوم بالإساءة للغير ، والمُساء إليه هو من تُوَجَّه إليه الإساءة ، وما بينهما المقصود به رد فعل المُساء إليه . والإساءة باختلاف أنواعها موجودة منذ بدء الخليقة ، أساء آدم وحواء بأكلهما من ثمار الشجرة المحرمة ، رغم التنبيه عليهما تنبيهاً يصل لدرجة الوعيد بعدم مخالفة الأمر ، أو كسر وصية الطاعة بالكبرياء والتحدي ، والعجيب لمن كانت الإساءة !! ، إلى الله نفسه خالقهما ، لأن عدم طاعة الله ما هي إلا إساءة ليس لها حدود ، وتختلف هذه الإساءة عن إساءتنا نحن الآن بارتكاب المعاصي والخطيئة ، لأنها بالنسبة لآدم وحواء كانت بالأمر المباشر من فم الله تعالى ، ولذا استحقا عقوبة الطرد من الجنة وغيرها من العقوبات التي أتى ذكرها في الأديان . وتلتها إساءة قايين بقتله لهابيل ، وسارت أيضاً حتى وصلت إلى عهد موسى ، كم مرة أساء قومه إليه ، ليأتي السيد المسيح له المجد ، وحسب العقيدة المسيحية بلغت الإساءة حتى الصلب ، وجاء الإسلام ورسوله ( ص ) وكم من المرات أُسيء إليه من قريش ، ومن جاره اليهودي ، ومن كل من كان يرفض الدعوة في البداية ، ومضت الإساءة في طريقها بالنسبة لتلاميذ السيد المسيح واستشهد منهم من استشهد وضرب منهم ضرب ، وللصحابة والخلفاء الراشدين أيضاً ، وكم من حكام أساؤا إلى شعوبهم وشعوب أساءت إلى حكامها ، حتى داخل الأسرة توجد الإساءة فكثيراً ما يسيء الأب أو الأم إلى أبنائهم وكثيراً ما يسيء الأبناء إلى أسرهم ، والأساءة موجودة في حياتنا اليومية في كل مكان ، ففي العمل كم من رؤساء يسيؤن إلى مرؤوسيهم وكم من الموظفين والعمال يسيئون إلى من لديه أعمال طرفهم ، إذاً الإساءة بطرفيها المُسيء والمُساء إليه بدأت منذ الخليقة الأولى ، وتباينت الإساءة حسب درجتها ورد فعل المساء إليه . أي كمبدأ عام الإساءة موجودة دائماً في حياة البشر . السيد المسيح تلقى الإساءة وعلمنا بسلوكه الوديع أن نغفر للمسيئين إلينا ، والنبي محمد ( ص ) تلقى الكثير من الإساءات وكان يقابلها بالكياسة وكم من أعداء للدعوة انضموا للإسلام لكياسته ، حتى جاره اليهودي الذي كان يلقي عليه القمامة وهو يصلي حتى يصرفه عن الصلاة وعندما مرض ابن اليهودي ذهب إلى داره ليسأل عنه ، وبالتأكيد نحن لسنا المسيح له المجد ولسنا النبي محمد ( ص ) لنحمل داخلنا ما حملوه من روح التسامح ، لكن نحن نتبع ما أتيا به لنا من عند الله ، والمفروض أن نحمل من هذه الكياسة وروح التسامح ولو بعض الشيء . هذه هي المرة الثانية التي أكتب فيها عن موضوع أثار زلزالاً كاد أن يكون مدمراً ، وبالتأكيد أقول نحن نرفض الإساءة للعقائد ورسلها وأنبيائها ونرفض أيضاً الفيلم المسيء للرسول ، وبالرغم من أنني كتبت جملة ملحوظات سابقة كرد فعل مباشر أدنت فيها هذا العمل الخارج عن حدود الدين واللياقة والأدب والإنسانية ، إلا أنني حتى الآن وبالرغم من أنني أقيم بأمريكا لا أعلم والله عنه شيئاً سوى ما أستقيه من القنوات الإخبارية والمواقع ، وبكل صراحة ووضوح أقول أنه في الأيام التالية من نشر الخبر لأول مرة أصابني الذهول ، جميع وسائل الإعلام تناقض بعضها من حيث الشكل والمضمون للفيلم ، وحتى كتابة هذه السطور تائه بين حقيقة من انتج الفيلم ومن أخرجه ومن موله ومن قام بالتمثيل به؟! ، وهل لبعض الأفراد من أقباط المهجر علاقة به؟! ، أم إنها إدعاءات بطولية زائفة من المدعو موريس صادق بأنه له يد في هذا الفيلم الغير لائق، وهل الفيلم عُرض بأكمله في هوليود أم لا ؟!، وهل رأى أحد الفيلم بأكمله على اليوتوب أم لا؟! ، وهل هو فيلم ديني أم سياسي؟! ، وما مدى تعرضه بالإساءة إلى الإسلام؟! ، كل هذه مجرد أخبار نسمعها بعضها يناقض البعض وهل ستظهر الحقيقة أم لا ألله أعلم ، لكن في كل الأمور وعلى كل الإحتمالات حتى لو كان الفيلم مجرد بضع كلمات تسيء إلى نبي أو عقيدة فهو مرفوض من كل صاحب عقل وصاحب دين . ولندخل في ثلاث جوانب العنوان وهي المسيء والمساء إليه ومابينهما أو ردود الأفعال .
1_ المسيء : وكما قلت أنه حتى كتابة السطور لم تتضح الرؤية تماماً من أين خرج علينا هذا العته والجنون ، لكن سآخذ الطرف الذي يعنيني من هذا الجزء ، وهو توجيه الإتهام إلى أقباط المهجر ، وكما قلت في ملحوظاتي السابقة أن وسائل الإعلام ، أخطأت ولا تزال ترتع في خطيئتها ، بجمعها لكل أقباط المهجر الذي يزيد تعدادهم عن المليونين والنصف ، لتختصرهم في بضعة أفراد ، لو بالفعل كانت لهم يد في هذا الموضوع ، ولو كان الأمر بيدي لحكمت بإعدامهم أو على الأقل إيداعهم إحدى مستشفيات الأمراض العقلية ، مع العلم أن من ذُكرت أسماؤهم وعلى رأسهم المدعو موريس صادق وكما قيل وأزيد أنا في القول أنهم ليس لهم علاقة بأقباط المهجر ولا يمثلوهم ولم يوكلهم أحد ، ولا يخرج الموضوع عن كونهم بضعة أفراد أعطوا لأنفسهم حق التمثيل وحق الدفاع بالباطل عن الأقباط بالداخل ، يدفعهم إلى ذلك نفوس مريضة أو باحثة عن الشهرة ، أو أمنيات خيالية بأن يكون لهم حق الزعامة لدولة قبطيه ، نفوس مريضة لا تعي لأقوالها أو أفعالها التي تسير في الإتجاه الخاطيء وتؤذي ولا تفيد ، ولقد قرأت على أحد المواقع أن بعض النساء القبطيات في المهجر ضربن موريس صادق بالجزمة ، هذه الكلمات أقولها بناء على فرض أن لهم علاقة بانتاج الفيلم ، إما الطامة الكبرى أن لا يكون لهم صلة بهذا الفيلم ، وأنما خرج موريس صادق بعنترية ليقول أنه الرأس المدبر أو شيء من هذا القبيل ، فاللعنة أشد وطأة ، ولا يداويها سوى قص لسانه ويوقع عليه جميع الأقباط نعتذر للخلل العقلي ، عنترية ابن شداد أن تذهب إلى مصر وتطالب بحل مشاكل الإقباط ، وليس بعنترية لسان امرأة متسلطة تطلق لسانها على زوجها فلا ينوبها سوى الطلاق ، وأنت ومن معك طُلقتم من الجميع ، من أقباط المهجر ، من أقباط الداخل ، من مصر كلها ، من الديانة المسيحية وراجع الإنجيل المقدس بنفسك لتتأكد من هذه النقطة ، ونحملكم كل الدماء التي سالت والتي يمكن أن تسيل ، وكل المصائب في وقت يحتاج فيه الوطن إلى السكينة ليلملم نفسه .
2_ النقطة الثانية : المُساء إليه ، من المُساء إليه هل الرسول ، أم العقيدة ، من الناحية الفعلية لا الرسول ولا العقيدة ، لأن كل البشر لو اجتمعوا لا يستطيعون الإساءة لا للأنبياء ولا للعقائد ، وما أرخص الإساءة بالألسنة والرسومات والأفلام ، الأنبياء والعقائد ليست أوراق مالية في البورصة يرتفع ويهبط سعرها بالألسنة والأقلام والرسومات وكل هذه المعايير التافهة ، هل لو وقف إنسان من الصباح حتى المساء تحت قبة السماء يقذف من بها بكل أنواع الشتائم!! ، ألا يستطيع الله عز وجل أن ينزل صاعقة تحرقه ، لكنه لا يفعل ، كل ما في الأمر سيقول لملائكته أتركوه أنه إنسان خُلق من التراب الذي يقف عليه ، فلنتركه عسى أن يكون الغد أفضل بالنسبة له ، والمرة القادمة يقف ليسبح ويحمد فضلي عليه ، هذا هو الله خالق الكون والبشرية ، لا يمس ذاته أي شيء يحدث على أرض يمكن أن يردها مورد التهلكة في لحظة واحدة لكنها لا يفعل حتى يوم يحاسب فيه كل إنسان عن نفسه ، الذات الآلهية لا يمسها شيء ولا العقائد ولا الأنبياء ، فالعالم كله باطل الأباطيل الكل باطل وقبض الريح .
3_ ما بين المسئ والمساء إليه أي ردود الأفعال : بالطبع يختلف رد فعل المُساء إليه من إنسان إلى آخر ، فهناك الحليم وغير الحليم ، هذا لو كانت الإساءة شخصية ، أما الإساءة للأديان والعقائد الوضع مختلف ، فهي إساءة لكل المنتمين للعقيدة ، ولنتخيل أنه في كل مرة يقوم فرد أو مجموعة أفراد بالإساءة إلى عقيدة من العقائد ، وخرج كل أصحاب هذه العقيدة في ثورة عنف وقتل كيف ستصير الأحوال ، إن أفضل دفاع عن الإساءة للعقائد هو دفاع العقل والحكمة وحساب الأمور كما يجب ، وإلا انقلب الوضع وأصبح الخارجون للدفاع عن العقيدة مُسيؤن لها بدرجة أكبر من الإساءة نفسها . بالتأكيد شاهدت ردود أفعال من يفهم العقيدة تمام الفهم وهي الأقوى كثيراً من أعمال العنف والتي أدت إلى حرائق وأصابات وقتلى ، بالتأكيد لا يمكن أن يكون هذا دفاع عن الرسول والعقيدة قدر ما هو واضح أن الأمور دخلت فيها أشياء بعيدة كل البعد عن الدفاع عن العقيدة ، ورأيت من يُطلق عليهم دعاة وشيوخ وهم أبعد ما يكون عن الدعوة والشيوخ الأفاضل الذين دافعوا بالعقل والإيمان ، بعضهم أطلق وابلاً من قاذورات الشتائم على كل الأقباط ووصف كل أقباط المهجر بأنهم " شراميط " ولا حرج علىَّ في كتابتها فإذا كان الشيخ الداعية وجدي غنيم قالها ، فلا ملامة وأنا الروائي وبالرغم من هذا أأنف عن كتابتها في رواياتي واستخدم كلمة " عاهرات " فقد تكون أنظف من حيث النطق ، أما الشيخ الداعية الذي أحرق الإنجيل وقال أنه سيبول عليه ، أقل ما أقوله له لقد كفرت بالإسلام يارجل ، عد إلى القرآن الكريم واستغفر ربك .
وخلاصة القول سواء كان لبعض أفراد من أقباط المهجر يد من عدمه أقول معذرة أيها النبي معذرة أيها الإسلام نحن في زمن شره أكثر من خيره.
ما سبق هو المشكلة ، لكن ما هو حل المشكلة حتى لا تتكرر الإساءة لأي عقيدة ، وحتى لا تخرج ردود الأفعال إلى ما يمكن أن يدمر المجتمع . أعتقد قبل أن نشير على العالم بأن يسن قانون لتجريم الإساءة إلى العقائد أن نتبع مبدأ " إبدأ بنفسك " لنكون نحن القدوة التي يحتذى بها .
_ إغلاق أي موقع أو قناة تسيء إلى العقائد أو تستضيف من يتطاول على العقائد .
_ تجريم ومعاقبة كل من يتقول على عقائد الآخرين سواء في دور العبادة أو الأماكن العامة .
- خلق روح المحبة بين جميع الأطياف وعدم قمع الحريات الدينية .
-رفع كلمة أقليات نهائياً فالجميع أبناء شعب واحد ووطن واحد
- أن تكون المناسبات الدينية أعياداً للجميع ، فالبعض يعيد مناسبته الدينية والبعض يجامل بالمعايدة والمحبة ، وليس في هذا خروج عن العقائد أو ما يقلل من شأنها ، بل تعطي للعقائد المزيد من الإحترام والتقدير من الجميع .
-وضع حلول لمشاكل الأقباط بالداخل تدريجياً ، بعدل الصحابي عمر بن الخطاب وليس بتفوهات دعاة وشيوخ المواقع ، حتى يُغلق الطريق على من يدعي الزعامة وأنه سيأتي بحق الأقباط بأساليب يرفضها الأقباط أنفسهم .
- وأولاً وأخيراً أن يضع الجميع مصر أمام أعينهم ، ووالله وعلى ما أقول شهيد لففت الكثير من بلدان العالم ولم أجد مثل مصر ، سيسأل البعض لماذا وقد يضع أمام سؤالة ألاف من علامات الإستفهام والتعجب وسأجيبهم جرب وعد واحكي لي .
-هذه بعض نقاط وأعتقد أنه هناك الكثير الذي يمكن أن يضاف إليها من أصحاب العقول المتفهمة للأديان يقودهم حب الوطن .
-حفظ الله مصر ، وبارك في شعبها ، وملأ قلب الجميع بالمحبة والطمأنينة ، وليبعد عنها أعين الحساد وما أكثرهم !!! .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com