بقلم: عـادل عطيـة
معرفة المجهول، وكشف ما يخفى عليه..
هي محاولة دائبة من الشوق الدفين والدائم في الإنسان، وتشبثه بعلاقته وارتباطه بالكون، على اعتبار أنه جزء لا يتجزأ منه.
انه تراث وارث روحاني، تتضارب حوله الآراء..
فهناك من يزعم أن للنجوم والكواكب تأثيراً كبيراً على سلوكنا، وشخصيتنا، وحياتنا باكملها... ويقول:
ان المجوس بفضل رؤيتهم للنجم، عرفوا شخصية المسيح المولود..
فاحضروا له هدية من لبان؛ لأنهم عرفوا أنه نبي.
وقدموا له ذهباً؛ لأنهم عرفوا أنه ملك.
وعرضوا عليه مراً؛ لأنهم عرفوا انه آتٍ ليفدي بآلام الصليب كل من يؤمن به.
كما عرف كبير علماء أثينا: ان الشمس ستظلم يوماً ما لسبب يجهله..
وبعد صلب المسيح..
عرف أن السبب هو ذلك الحادث التاريخي العظيم.
فآمن وصار أول أسقف على أثينا، غير مرتاب في صحة الوحي القائل على لسان داود النبي:
"السموات تنطق بمجد الله، والفلك يخبر بعمل يديه.
وهناك من ينظر إليها على سبيل التفكه.
وهناك من بقيت في قرارة أنفسهم ذرات من تصديق وشك، يمكن ارجاعها إلى الخوف من المجهول.
*** *** ***
ان الله عندما أمر الإنسان ألا يقترب من شجرة: "معرفة الخير والشر"، لم يكن يريد حرمانه من المعرفة، لكنه كان يعرف طبيعته، وانه سيميل إلى معرفة الشر.
فيسوع لم يعترض على سؤال بعض تلاميذه:
عن علامات نهاية الزمان، ومجيئه الثاني.
لكنه لم يشأ أن يجيب لحكمة إلهية.
ولم يعترض على سؤال القوم الذين سألوه عن:
الجليليين الذين خلط بيلاطس دمهم بذبائحهم،
وعن الثمانية عشرة الذين سقط عليهم البرج في سلوام، وقتلهم.
لكنه لم يشأ أن يعطيهم تفسيراً سوى أنهم:
لم يكونوا مذنبين أكثر من جميع الناس.
وأعطاهم حكمة الاستفادة من المعرفة:
"ان لم تتوبوا، فجميعكم كذلك تهلكون".
*** *** ***
ان اخفاء حوادث المستقبل، نعمة إلهية.
وهو يطالبنا بعدم السعي إلى الكشف عنها؛ لأنها تجربة قاسية:
أن ننتظر كابوساً قد يجيء، وقد لايجيء.
وإذا جاء لن نستطيع أن نمنعه.
وبذلك نعيش الألم قبل أن يجيء.
وتفقدنا هذه المعرفة الشريرة: لذة الحياة.
"فالمعرفة كنز ولكنها في الوقت نفسه شجرة الأسف"، كما يقول الشاعر الكبير: لورد بايرون.
*** *** ***
علينا أن نقتنع بأن كل غد يأتينا بما فيه..
و"يكفي اليوم شره".
وعلينا أكثر أن نقتنع بمحبة الله،
وأن تأثيرات الكون كله لن تمسس الذين يحبون الله!...
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com