ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

تصريحات العريان: المتغطى بها.....

منير بشاي | 2013-01-28 08:25:01

بقلم منير بشاى
     ما تزال تصريحات الدكتور عصام العريان فى "قناة دريم"، والخاصة بدعوته لليهود المصريين بالعودة لمصر، تثير حديث الناس، ليس لرجاحتها ولكن لغرابتها.  وكان الدكتور العريان فى معرض كلامه قد ندد أيضا بما فعله الرئيس الأسبق عبد الناصر، الذى طرد اليهود من مصر فى خمسينات وستينات القرن الماضى (ثم عاد وعدل كلامه ان اليهود خرجوا من تلقاء ذاتهم!!).  وأكد العريان ان ما عمله عبد الناصر قد "ساهم فى احتلال أراضى الغير" فى اشارة لاحتلال اسرائيل الاراضى الفلسطينية.  مضيفا ان اقتراحه بعودة اليهود لمصر من شأنه ان يفسح المكان للفلسطينيين أن يعودوا الى وطنهم.  وبهذا قد يظن د. العريان انه تمكن من علاج مشكلتين كبيرتين حار العالم فى ايجاد حلول لهما (بحجر واحد)، وهما عودة اليهود لمصر وعودة الفلسطينيين لفلسطين.


        وصراحة لا أعلم على وجه التأكيد ان كان الدكتور العريان جادا عندما أطلق هذه التصريحات أم أنها كانت مجرد "فرقعة" اعلامية.  وشخصيا لم أتوقع أن يصدقها أحد، ولكن يبدو ان هناك من أخذها مأخذ الجد لدرجة انهم كلفوا أنفسهم عناء الرد عليها.  من هؤلاء أحمد بهاء الدين الأمين العام للجمعية الوطنية للتغيير الذى عارض الفكرة متهما الاخوان "بمحاولة التقرب الى اسرائيل والولايات المتحدة لتحقيق مكاسب اخوانية على حساب القضية الوطنية".
        هذا بينما تسببت هذه التصريحات فى انقسام داخل جماعة الاخوان المسلمين، فأعلن متحدثها الرسمى الدكتور محمود غزلان رفضه لما قاله العريان معتبره احراجا للجماعة واصفا اليهود انهم "مجرمين ويستحقون العقاب لما فعلوه بالمصريين والفلسطينيين".  وهذا ما دعا الشيخ عبد الخالق الشريف رئيس الدعوة بجماعة الاخوان للدفاع عن العريان مفسرا تصريحاته بانها تهدف الى تطهير ارض فلسطين من اليهود تماما بعودتهم الى مواطنهم الأصلية بما فيها يهود مصر.  وأضاف وجدى غنيم ان "الهدف ان يعود اليهود الى اراضى العالم متفرقين كما كانوا ليصبحوا أهل ذمة".  ألم يكن من  افضل أن تقولوا هذا  دون لف أو دوران أوالتظاهر الكاذب بمن يهدف لانصاف اليهود؟


        ولكن  الغريب ان الاخوان بعد هذا الاعتراف بأهدافهم يتوقعوا ان يقفز اليهود لاغتنام هذه الفرصة الذهبية فيتركوا اسرائيل ويعودوا الى مصر وايضا يتشتتوا فى كل بقاع الارض كذميين من تلقاء انفسهم!! ..ولا أعلم ان كان هذا نوعا من الهبل أو الاستهبال ؟


        ولا أدرى ان كان الأخوان يستغربون لرفض اليهود عرض العريان كما جاء على لسان عازى نجار أحد القياديين اليهود المصريين المهاجرين لاسرائيل الذى وصف رده على انه "صفعة لاقتراح العريان لان اليهود ليسوا مجانين ولا أغبياء ليقبلوا هذه الدعوة". وأضاف نجار "ان الدعوة للعودة لعب أولاد وليست حكيمة ولا منطقية خاصة فى ظل الأوضاع التى تشهدها مصر ووصول الأخوان المسلمين الى سدة الحكم" وأضاف نجار "حتى لو كانت الاوضاع مثالية فاننا لن نعود لمصر رغم اننا نحب مصر ونتمنى لها ولشعبها النهوض والعيش بكرامة.  لن يعود اليهود لوجود دولة يهودية نعيش فيها، فلماذا نعود الى دول لا تحترم حقوق الانسان، ونحن ننعم هنا بالديمقراطية؟ لذلك أنا أنصح العريان بالاهتمام بمشاكله الداخلية بدل هذا الكلام الفارغ"
        ولكن الشىء الذى يزعجنى ان العريان لم يقدر ان اقتراحه غير معقول وأنه لا يمكن ان يقبله عاقل وانه بهذا الاقتراح يشكك فى سلامة قواه العقلية هو نفسه.  فاى انسان يهاجر من مكان لآخر فانه يعمل هذا نتيجة مكاسب مغرية يتوقع ان يحصل عليها فى الوطن الجديد- فترى ما هى هذه المكاسب المغرية التى تنتظر اليهود ان عادوا لمصر؟ هل هى الكراهية التى سيسمعونها فى الدعوات من مكبرات صوت المساجد التى تطلب من الله ليل نهار أن يدمر اليهود ويبدد شملهم وييتم أولادهم ويرمل نسائهم بينما جموع المصلين ترد بصوت واحد: آمين يا رب العالمين؟ هل عندما يسمعون فى خطب الجمعه ان اليهود هم أحفاد القردة والخنازير وأنهم أكثر الناس عداوة للذين آمنوا؟ هل عندما يقال عن مصير اليهود طبقا للحديث النبوى الصحيح "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبىء اليهودى وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودى خلفى فتعال فاقتله. الا الغردق فانه من شجر اليهود".  وهل يتطلع اليهود للعودة لمصر حتى يسمعوا المتظاهرين وهم يهتفون "خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود" فى اشارة لتكرار ما حدث من ابادة  يهود خيبر على يد المسلمين أيام الرسول؟


        وماذا يتطلع اليهود للتمتع به من رجوعهم لمصر؟ هل هو السكن فى العشوائيات أم الوقوف فى طوابير العيش وأنابيب البوتاجاز؟ هل يغريهم شرب الماء الملوث واستنشاق الهواء الفاسد وأكل الخضار الملىء بالجراثيم؟ هل يستهويهم العيش فى اقتصاد منهار ومجتمع فاقد للامن والأمان؟ هل يتوقوا الى العيش تحت نظام لا يعرف الحريات ولا يحترم حقوق الاقليات؟ وهل من الحكمة ان يستأمن اليهود أنفسهم لدولة نهبتهم ذات مرة وطردتهم شر طردة ليعودوا الى نفس البلد ويعيشوا تحت نظام أكثر كراهية لهم واشد قمعا ؟


        وهل يعتقد د. العريان فعلا ان اليهود المصريين اذا عادوا الى مصر فهذا سيفسح المجال للفلسطينيين ان يأخذوا مكانهم فى اسرائيل؟ هذا مع ان نسبة اليهود المصريين الذين ذهبوا لاسرائيل هى قليلة بالمقارنة بمن ذهبوا الى بلاد أخرى حول العالم. وماذا عن بقية اليهود الذين جاءوا لاسرائيل من كل بلاد الأرض هل يعتقد د. العريان ان الحل العملى ان يعودوا هم ايضا من حيث جاءوا؟ وبمجرد ان يسمعوا اقتراح العريان؟ وماذا سيفعل الأطفال والشباب اليهود الذين ولدوا فى اسرائيل- هل يتركوا وطنهم ويذهبوا؟ وإلى أين؟ واذا كان الهدف هو افساح المكان للفلسطينيين فلماذا لا يطالب د. العريان الشيان المصريين الذين ذهبوا الى اسرائيل وتزوجوا من يهوديات ان يرجعوا لمصر؟ وهؤلاء يصل عددهم عشرات الألاف ويشكلوا خطرا أمنيا على مصر.  فليجرب د. العريان دعوتهم للعودة الى بلدهم مصر ليسمع ماذا سيكون ردهم.


        نصيحة للدكتور عصام العريان، ان كان قد حصل على هذه الالهامات فى أحلام الليل، أن يتغطى جيدا أثناء النوم.  فمن المهم ان رجلا فى مثل مكانته يزن الكلام قبل اطلاقه، حتى لا يسبب الاحراج لنفسه أو لجماعته، أو للنظام الحاكم الذى ينتمى له.
 

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com