بقلم: فاروق عطية
يقول الشاعر: إن النساء رياحين خلقن لنا ... وكُلكُم يشتهى شم الرياحينَ.
أما أخواننا الذين ينظرون للمرأة كوعاء للجنس وأنها عورة مستباحة فهم يؤمنون بقول الشاعر: إن النساء شياطين خلقن لنا... وأعوذ بالله من شر الشياطين.
خلق الله آدم ليسود الكون, "ثم قال الرب الاله: ليس مستحسنا أن يبقى آدم وحيدا سأصنع له معيناً مشابهاً له" تك18:2. "وَكَانَا كِلاَهُمَا عُرْيَانَيْنِ، آدَمُ وَامْرَأَتُهُ، وَهُمَا لاَ يَخْجَلاَنِ" (سفر التكوين 2: 25) ولقد خلق الله حواء بحسب العهد القديم من جنب آدم, وهذا يشير بالنسبة لليهود والمسيحيين إلى وحدة المرأة مع الرجل في الطبيعة والحقوق والامتيازات, مع أنه يسود عليها وهي تخضع له كما للرب في العلاقات الزوجية وشؤون الحياة العامة. وقد وضعهما الله في جنة عدن ووسوس الشيطان لهما فاكلا من الشجرة.
وحين أخطأ آدم بمخالفة وصية الله قال:"انها المرأة التي جعلتها رفيقة لي, هي التي أطعمتني من ثمرة الشجرة فأكلت" تك 12:3. وبعد الخطيئة قال الله: " مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ" (سفر التكوين 3: 17). " بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ" (سفر التكوين 3: 19).
لم يذكر اسم حواء في القرآن ولا مرة ولكنه يسميها بزوجته بدون ذكر إسمها وقد أخذ المسلمون اسم حواء من الكتاب المقدس بحسب القرآن فإنه: بعد أن خلق الله آدم من غير أم ولا أب، خلق الله حواء من آدم، لتكون عوناً له في الحياة، وتعمر الأرض ببني آدم, ليخلف بعضهم بعضاً فيها. وجاء فى سورة البقرة: وقلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ {35 } فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ {36}. وظلت حواء مع آدم يدعوان الله قائلين :((ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين))، فتاب الله عليهما, وبدأت مرحلة جديدة لحواء مع آدم يعبدان الله فيها, وأنجبت حواء لآدم بطوناً كثيرة، في كل بطن ذكر وأنثى, وظلت حواء طائعة لله حتى توفى آدم ثم توفيت هي الأخرى بعده بعام.
كانت للمرأة في مصر القديمة مكانة خاصة من التقدير, سواء كانت أمًا أو زوجةً أو حبيبةً, نُقش هذا التقدير علي جدران الآثار الفرعونية التي تشير إلي وجوب معاملتها باللين والرفق. كان المصريين يعتقدون أنْ المرأة أكمل من الرجل, ولذلك كانوا يضحون بها فى يوم وفاء النيل "حابى" تعبيرا عن مكانتها بينهم, إذ يُضَحّى بالافضل والأجمل في سبيل الحصول على رضى الالهة. تمتعت المرأه المصريه القديمه بالعديد من الحقوق القانونية التي فاقت ما تحظي به المرأة في الحضارات القديمة المتزامنة. فالمرأة الفرعونية قد نالت من التكريم والاحترام ما جعل الحضارة الفرعونية فى المرتبة الاولى بين الحضارات الانسانية بالنسبة لاحترامها للمرأة وحقوقها. كان من حقها إختيار الزوج وإدارة البيت والحقل وحق المشاركه فى العمل, والزوج يكتب كل ما يملك من عقارات لزوجته التي كانت تساعده في الزراعة والعمل, فهى كانت تملك وترث وتتولى أمر أسرتها. والمجتمع الفرعونى كان ذو نظام أمومى, فالأطفال كانوا ينتسبون لأمهاتهم لا لآبائهم, كما كانت القوّامة للمرأة على زوجها. والزوج كان عليه ان يتعهّد في عقد الزواج ان يكون مطيعا لزوجته في جميع الامور. وكانت النساء فى مصر يعتبرن قدوتهن الألهة "إيزيس" أم "حورس", فكن يكافحن للحصول على الذكاء والحكمة والخصوبة والروحانية والأمومة كما هى فى قدوتهن "إيزيس" التى كانت قرينتها "نفتيس" عاقرا. لقد اُعتبِر الزنا عند الفراعنة من الجرائم الخطيرة التى يُعَاقب عليها بشدة ومنها جدع الأنف أو القتل للمرأة, والطلاق الإجبارى للرجل من زوجته (الخُلع), وقد وجدت قصة مدونة عن إمرأة زانية مقتولة وملقى جثتها للكلاب لتأكلها. أما عقوبة إساءة الزوج لزوجته فكانت ضرب الزوج ضربا موجعا وإذا أعاد الكرة يحرم من حقوقه المالية.
أما فى الجاهلية كان العرب يحتقرون الأنثى ويتخلصون منها وأدا بعد ولادتها, ولا حقوق مالية لها بل كانوا ينظرون إليها على أنها متاع من الأمتعة التي يمتلكونها مثل الأموال والبهائم, ويتصرفون فيها كيفما شاءوا. لا يورثونها ويقولون: لا يرثنا إلا من يحمل السيف ويحمي القبيلة. لم يكن لها على زوجها أي حق, وليس للطلاق عدد محدود, وليس لتعدد الزوجات عدد معين. وكان عند العرب أنواع من الزواج الفاسد منها: اشتراك مجموعة من الرجال بالدخول على امرأة واحدة ثم إعطاؤها حق الولد تلحقه بمن شاءت منهم فتقول إذا ولدت: هو ولدك يا فلان فيلحق به ويكون ولده, ومنها: نكاح الاستبضاع وهو أن يرسل الرجل زوجته لرجل آخر من كبار القوم لكي تأتي بولد منه يتصف بصفات ذلك الكبير في قومه, ومنها: نكاح المتعة المحدد بوقت محدد وأجر معلوم, ومنها: نكاح الشغار وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو موليته لرجل آخر على أن يزوجه هو موليته بدون مهر وذلك لأنهم يتعاملون على أساس أن المرأة السلعة يمتلكونها.
لم يكن التحرش بالمرأة وليد هذه الأيام, فالتحرش موجود منذ القدم, ولكنه كان بصوَر مختلفة وليست بهذه الدرجة من الإنحطاط الخلقى الذى نحن عليه اليوم. كان التحرش فى أيام الزمن الجميل يتمثل بالصورة التى رسمها نجيب محفوظ فى ثلاثيته حيث كان ياسين إبن سى السيد يسير متغزلا فى المرأة بكلمات رقيقة, يسير خلفها ممسكا بمنشته يهزها بحركات رشيقة, عاوجا طربوشه على جبهته, مستعرضا لباقته وخفة دمه, فإذا استحسنت الأنثى غزله شجعته بمشيتها المتبخترة, وإن لم يعجبها تتركه ماشيا خلفها حتى مشارف حارتها فتندار عليه ضاربة جنابه بحذائها ويتجمع شباب الحارة ليشبعوه ضربا للدفاع عن إبنة حارتهم. أما فى أيامنا الغيرة فقد صار التحرش شيئا مقيتا تمجه النفس ويعتبر جريمة متكاملة الأركان يعاقب عليها القانون إذا كان مازال لدينا قانون.
التحرش الجنسي هو مُضايقة أو فعل غير مرحب به من النوع الجنسي. يتضمن مجموعة من الأفعال من الانتهاكات البسيطة إلى المضايقات الجادة التي من الممكن أن تتضمن التلفظ بتلميحات جنسية أو إباحية وصولا إلى النشاطات الجنسية ويعتبر فعلا مشيناً بكل المقاييس. وهو يعتبر شكل من أشكال التفرقة العنصرية الغير شرعية, وشكل من أشكال الإيذاء الجسدي (الجنسي والنفسي) والإستئساد على الغير. ويعرّف المركز المصري لحقوق المرأة التحرش الجنسي بأنه " كل سلوك غير لائق له طبيعة جنسية يضايق المرأة أو يعطيها إحساسا بعدم الأمان. وقد استخدام مصطلح التحرش الجنسي في عام 1973 في تقرير إلى رئيس و مستشار معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا آنذاك عن أشكال مختلفة من قضايا المساواة بين الجنسين. ووضع سياسات وإجراءات ذات الصلة. وذكر رئيس معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أيضا أن التحرش يتناقض مع رسالة الجامعة وكذلك لا يطاق بالنسبة للأفراد.
ويعتبر الإغتصاب أقسى مراحل التحرش الجنسى. والاغتصب في اللغة العربية يعني أخذ الشيء قهرًا وظلمًا وامثال هذا اخذ أي شيء دون اذن أو دون حق, حتى عدم احترامك للحقوق الشخصية وحرية الاخر يعتبر اغتصاب لحرية الاخر وجريمة في حقه, وقد طغى استعمال الكلمة لتشير إلى الاعتداء الجنسي وعليه فالاغتصاب هو ممارسة الجنس مع شخص دون رضاه بواسطة القوة أو بالترهيب, ويعتبر الاغتصاب أكثر الجرائم الجنسية شيوعاً. وبلغت عدد قضايا التحرش الجنسي والاغتصاب في مصر على سبيل المثال 52 ألف قضية في سنة 2006 وحدها حسب تقارير أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية, أي بمعدل أي 140 قضية اغتصاب وتحرش كل يوم. يرى علماء النفس أن القليل من الرجال هم الذين يرتكبون جريمة الاغتصاب بقصد المتعة الجنسية والباقون يرتكبونها معاداة للمجتمع الذي يعيشون فيه. كما أن الكثير من المغتصبين لديهم إحساس بالكره أو الخوف من النساء مما يقودهم إلى الرغبة في إثبات قوتهم وسيطرتهم من أجل إذلال وإيذاء المغتصَبات. يسمى الاغتصاب افتضاض عذاري, ويؤدي الافتضاض العذاري عادة إلى إصابات وجروح بالغة لدى الضحية بالإضافة إلى أزمة نفسية قد لا تتعافى منها الضحية إلا بعد وقت طويل وبمساعدة الاخصائيين النفسيين.
الابتزاز الجنسي هو نوع آخر من أنواع التحرش الجنسي، يمكن أن يعرّف على أنه أيّ عرض جنسي غير مرغوب فيه, أو طلب خدمة جنسية, أو أي تصرف آخر له طبيعة جنسية سواء كان شفوي أو جسدي, موجه نحو فرد بسبب نوعه (ذكر أو أنثى) أو مثليته (ذكر تجاه ذكر، أنثى لأنثى). بحيث يكون الابتزاز ضمنيا أو صريحا لدى المتلقي على أنه شرط لقضاء خدمة بعيدا عن الروتين كتوظيف شحص أو إنجاز معاملات أو التغاضي عن أخطاء, بمعنى شيء مقابل شيء. وينتج عن الرفض أو الاستسلام للابتزاز إتخاذ قرارات تؤثّر على ذلك الفرد فيما يتعلق بمطالبه وبمعنى آخر: الرفض لقضاء الحاجة هو النتيجة المضادّة.وقد يكون رفض الابتزاز له أبعاد هجومية أو معادية أو تخويفية تلحق بالفرد في بيئة العمل أو المدرسة أو الجامعة وتؤثر بشكل غير معقول في أداء عمله أو دراسته وذلك من خلال نشر الشائعات والتهكم وتحفيز الآخرين على كره الشخص, لا لشيء إلا بسبب رفضه للابتزاز الجنسي.
وحسب ما أعلنه المجلس القومى لحقوق الأنسن عام 2012 فأن حوالي 64 % من نساء مصر يتعرضن للتحرش الجنسي سواء باللفظ أو بالفعل في الشوارع والميادين العامة, وهذه النسبة جعلت مصر تحتل المرتبة الثانية علي العالم بعد أفغانستان في التحرش الجنسي. والغريب فى الأمر مع استحواز المتأسلمين على الحكم وانتشار مظاهر التدين فى كل مكان نلاحظ إزدياد ظاهرة التحرش الجنسى فى الأعياد الدينية كما لو أن التحرش الجنسى هومن مقوماتها. وتحتاج هذه الظاهرةللدراسات الاجتماعية والنفسية لتفسيرها. كما تحتاج لسن القوانين الرادعة مع اعتبارها من الجرائم الكبرى حتى يرتدع من تسول له نفسه بارتكابها. كما يجب ملء فراغ الشباب خاصة في الإجازات الطويلة, كما تفعل كثير من الدول بتخفيض قيمة تذكرة المواصلات والسينمات والمتنزهات وتنظيم رحلات ترفيهية بأسعار زهيدة و لابد من توافر عناصر من الشرطة يتم دسها في أماكن الأكثر ازدحاما, حتى يتم القبض علي المتحرشين, فإذا علم الشاب أو الفتاة بوجود عناصر من الشرطة متواجدة في الأماكن سوف يفكر ألف مرة قبل أن يرتكب جريمته سواء بالتحرش الجسدي أو المعاكسة. وفيما يلى بعض الروابط التى توضع التحرش الجنسى فى مصر:
1 http://www.youtube.com/watch?v=5BMnC4_tYP
http://www.youtube.com/watch?v=VhSBNJc9AVo
http://www.google.ca/search?q=%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D8%B4+%D8%A7%D9%84%
D8%AC%D9%86%D8%B3%D9%89+%D9%81%D9%89+%D9%85%D8%B5%D8%
B1&hl=en&tbm=isch&tbo=u&source=univ&sa=X&ei=nIQyUbbmJ--80QHwwoCoDg&ved=0CEwQsAQ&biw=886&bih=465
http://www.youtube.com/watch?v=hwMi_JEKWHs
http://www.youtube.com/watch?v=hwMi_JEKWHs
مذيعة فرنسية تتعرض للتحرش الجنسى
http://www.alarabiya.net/articles/2012/10/21/245051.htm
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com