بقلم: ابرام مقار
منذ أكثر من عام كُنت أجلس مع رجل الأعمال الشاب "أنتونى لاكافيرا" فى فندق "هازلتون" الشهير بوسط مدينة تورنتو، و"لاكافيرا" هو الشريك الكندى للمهندس نجيب ساويرس فى شركة "ويند" للاتصالات فى كندا قبل أن تندمج مع شركة فيمبلكوم الروسية. ودار الحديث عن شخص وعقل نجيب ساويرس، وحدثنى أنتونى عن شريكه المصرى ساويرس وكيف أنه شخصية عظيمة من حيث الذكاء والإدارة والثقة بالنفس وقبل هذا كله حدثنى عن عشق ساويرس لمصر وللمصريين، وكيف أنه كان دائم الحديث معه عن مصر وحضاراتها الممتدة لآلاف السنين وشعبها العريق والذى استوعب عدة ثقافات بالعالم وخلق له نموذجًا خاصًا به يصعب تكراره. وكيف أنه - أى نجيب - لا يستطيع البعد لفترة طويلة عن مصر وأنه يرى أن مصر أجمل من أى مكان آخر فى العالم. وهنا وكمصرى فخور بابن وطنى استطردت معه فى الحديث وقُلت له إن نجيب ساويرس ينتمى لعائلة تؤمن بالاستثمار لأجل الإنسان قبل المال، ولهذا فعائلة ساويرس من رجال الأعمال القلائل المهتمين بالعمل العام والخيري، وحدثته عن مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية والتى تهتم بإيجاد فُرص العمل للشباب وكذلك بإرسال المئات من المتفوقين من الشباب المصرى فى منح دراسية لاستكمال دراستهم فى الجامعات الكبرى بالعالم على نفقة المؤسسة. بالإضافة إلى إصدارها لجائزة "ساويرس الثقافية" والتى تساعد على اكتشاف المواهب الجديدة فى الأدب والمسرح والسينما. فضلاً عن مؤسسة "ساويرس للأعمال الخيرية" ودورها فى مساعدة الفقراء. وأكد "لاكافيرا" على أن مصر أصبحت حديث الكنديين بعد تداول اسم نجيب ساويرس الملياردير والمستثمر المصرى كثيرًا بالصحف وتجمعات المال والأعمال هنا فى كندا.
ومنذ أيام دار فى عقلى هذا الحوار برمته وأنا اقرأ خبر منع أنسى الأب وناصف الابن من السفر ووضعهم على قوائم ترقب الوصول وبتجاوز خطورة هذا القرار على البورصة والذى كان يتطلب قليلًا من التريث قبل اتهام مؤسسة لم تتهرب من الضرائب يوماً.
وبتجاوز عدم الأخذ فى الاعتبار تأثير ذلك القرار على مؤسسة ينتمى لها مئات الآلاف من العاملين وأسرهم فى مجتمع يعانى من انهيار اقتصادى ونسبة بطالة غير مسبوقة. بتجاوز كل هذا يبقى السؤال كيف سيرى رجال المال والأعمال مصر بعد قرار مثل هذا؟، كيف سيرى المستثمرون فى العالم مصر بعدما حدث لاسم معروف جداً فى عالم المال والأعمال ومنعهم من السفر دون حكم قضائي؟. وكواحد من عشرات الآلاف من أبناء جيل محظوظ تزامن مع صعود تلك العائلة وأتاحوا لهم الفرصة فى الذهاب ولأول مرة إلى دول عربية وأوروبية من خلال العمل فى مجالات الاتصالات وصناعة الأسمنت وغيرها كخبراء، - بعكس ما كان يحدث فى السابق حينما كانت تأتى لنا رؤوس الأموال والمستثمرين إلى مصر. وكواحد من جيل أتاحوا لشباب منه فى الثلاثينات بل وربما فى العشرينيات من عمره أن يرأس مؤسساتهم على أساس الكفاءة. أمام هذا كله يعز علينا أن نرى نجيب ساويرس يبكي!!! ولهذا نناجيه بل ونستحلفه بأغلى شىء عليه - نستحلفه بمصر- ونسأله:
نسألك ألا تبكى فالقادم أفضل ولن تجثو تلك الجماعات الظلامية على مصر كثيراً .
نسألك ألا تبكى فقد شاءت الأقدار أن تشارك أبناءك الذين وقفت بجوارهم فى الماضى من شباب الثورة النضال والظلم حتى تذوق معنا لحظة حرية مصر من ذلك الهم الجاثم على صدرها .
نسألك ألا تبكى فذلك دائماً حال من يذوب فى وطنه عشقاً أمام من لا يحمل أية مشاعر نحوه .
نسألك ألا تبكى فأنت من علمتنا ألا نركع وقلت لنا "اللى يلوى دراعنا، نسيبه يكسره" فأنت فكرة يسير بها كثيرون قبل أن تكون شخصاً .
نسألك ألا تبكى فأنت دائماً تقول "إن كان الله معنا فمن علينا"، فمن عليك إذن .
نسألك ألا تبكى فقد أبكيتنا معك على "مصر" قبل "ساويرس" وقلوبنا لم تعد تحتمل .
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com