ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

دولة الإخوان المزعومة ودولتهم المؤبدة

مجدي جورج | 2013-03-30 00:00:00
بقلم: مجدي جورج 
حلم الإخوان منذ تأسيسهم في عشرينات القرن الماضي بتاسيس دولتهم الغير مماثلة ولا مشابهة لاي دولة موجودة بالمعمورة ، فدولتهم ليست دولة بالمعني المتعارف عليه لها حدود معترف بها ولها شعب واحد تحاول تحقيق آماله وأحلامه ، ولكنها دولة أممية لا تعترف بحدود فحدودها مفتوحة تضم مبدئيا كل الدول العربية والإسلامية مع محاولة إقامة هذه الدولة كي تشمل دول العالم اجمع وشعوب الدنيا جميعها كمرحلة ثانية بعد الانتقال الي مرحلة التمكين والتغلب علي الجميع .
 
هكذا كانت دولة الإخوان في مخيلة مؤسسيها ولقد تأخر قيام دولة الاخوان  هذه كثيرا  وحاولوا إقامتها أيام التقية والاستضعاف ان لم يكن بأيديهم فبايدي وسواعد غيرهم ، فهم تارة حلفاء أحزاب الأقلية قبل الثورة وتارة يزينون للملك الشاب فاروق ان يكون خليفة للمسلمين فقد أقنعوه  بفكرة حلف اليمين امام شيخ الأزهر بالقلعة لولا رفض النحاس باشا والوفد لهذه الفكرة لمخالفتها للدستور   .
 
وحينما قامت ثورة يوليو حاولوا القفز عليها وتوجيهها لصالحهم ولصالح دولتهم المزعومة ولكن عبد الناصر المتيقظ لم يمكنهم من ذلك فاختلفوا معه وحاولوا اغتياله في المنشية وباءت محاولتهم بالفشل فدخلوا في حالة كمون واستضعاف وتقيه حتي أخرجهم السادات منها في السبعينات ولكنهم لم يصونوا العهد معه فقام فريق منهم  بقيادة خالد الاسلامبولي باغتيال السادات في حادثة المنصة الشهيرة حيث كان مقدرا وقتها  لتيار الإسلام السياسي ان يحكم ويتحكم في مصر  وفي مقاديرها بعد  هذه الحادثة التي وقعت في سبتمبر ١٩٨١ .
 
وقد كانت الظروف  الي حد ما مواتية أيامها لإقامة دولة الاخوان خصوصا بعد النجاح الساحق للثورة الإسلامية في إيران بقيادة الخوميني التي أزاحت  نظام الشاه محمد رضا بهلوي ، فقد كان هدف التيار الإسلامي بمصر ان يقوم بثورة شبيهة بالثورة الإسلامية بإيران وقد كان هذا التيار يتصور انه باغتيال رأس الدولة فان الجماهير ستخرج متظاهرة ومطالبة بإقامة الحكم الإسلامي بمصر كما تم في ايران . 
ولكن فشلت محاولة التيار الإسلامي هذه ، ولقد حمد احد رموز التيار الإسلامي ربه بعدها بسبب هذا الفشل  (( أظن انه احد الأخوين الزمر )) قائلا ان خالد الاسلامبولي ورفاقه  قد تسرعوا في فعلتهم هذه لان الشعب المصري لم يكن مهيأ بما فيه الكفايه لتقبل المشروع الإسلامي في هذا الوقت .
 
طبعا لم تنجح خطة التيار الإسلامي في إقامة دولته منذ ثلاثين عاما باغتيال راس الدولة في حادثة المنصة ليس لان  الشعب والشارع لم يكن مهيأ بما فيه الكفاية لتقبل هذا المشروع كما ظن أصحاب هذه الأفكار ولكنه فشل وقتها لأسباب ثلاث  هي  :
أولا ان الشعب المصري شعب متدين ووسطي ومعتدل ومسالم يكره العنف فلم يقبل هكذا تغيير بدأت بوادره بالاغتيال وإراقة الدماء حتى لو كانت دماء رئيس كان في خلاف مع معظم أطياف شعبه .
ثانيا ان هناك مؤسسة قويه هائلة الإمكانيات وقفت وراء انتقال سلمي وسلس للسلطة الي نائب الرئيس وقتها حسني مبارك  وهذه المؤسسة هي القوات المسلحة .
 
ثالثا وجود نائب لرئيس الجمهورية قادم أيضاً من هذه المؤسسة العسكرية جعل الشعب والجيش يلتفا حوله من اجل العبور بمصر من هذه الفترة العصيبة.
ولكن هذا الفشل لم يثني الاخوان ولم يردهم عن فكرة دولة الخلافة هذه خصوصا وان مبارك  ومنذ  بداية عهده وعلي عكس ما أشاعوا عنه   قد أعطاهم الفرصة كاملة  دون ان يدري ولمدة ثلاثين عاما لتهيئة الشعب وإعداده لتقبل فكرة  دولة الإخوان(التي صوروا للناس أنها دولة ملائكة لا ظلم ولا عدوان ولا فقر فيها  ).
فقد كان مبارك وكأنه كان يحفر قبره بيديه طوال فترة حكمه الطويلة  تاركا الحبل علي الغارب لهم وللأسف ليس قبره هو فقط بل قبر الدولة المدنية ، دولة القانون والعدل والمساواة التي يحاول الإخوان الان وأدها والقضاء عليها .
 
قلت ان دولة التيار الإسلامي او دولة الإخوان كان يمكن ان تقوم منذ ثلاثين عاما ولكنها تأخرت الي أيامنا هذه الان أصبحت وضع قائم  لأسباب عديدة سأعدد منها أربعة هي :
أولا حسني مبارك ترك لهم مهمة تهيئة الشعب لمدة ثلاثين عاما فلا تصدقوا حكاية انه كان يضيق الخناق عليهم فهناك آلاف المساجد التي سيطروا عليها ومعاهد الدعاة التي افتتحوها وشارع سيطروا عليه بالمعونات وغذوه بالأحلام عن دولة اليوتبيا الملائكية التي  يزعمون أقامتها وذلك  في ظل غياب تام للدولة وترك المواطن العادي لقمة سائغة في فم هؤلاء الانتهازيين .
ثانيا الصدام الخفي بين المؤسسة العسكرية وبين الرئاسة بسبب رغبة مبارك او بعض أفراد أسرته وبعض أركان حكمه في توريث السلطة لابنه جمال مبارك .
 
ثالثا عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية يتم من خلاله التغيير بسلاسة كما تم في المرتين السابقتين من ناصر للسادات ومن السادات لمبارك وحتي كما تم في اليمن بعد ثورتها فالثورة في اليمن رغم شدتها إلا ان وجود نائب للرئيس علي عيد الله صالح جعل التغيير يتم داخل النظام ولم يكن تغيير دراماتيكي كالذي حدث في مصر وتونس وادي الي سيطرة التيارات الظلاميه فيهما .
رابعا ان ما فشل فيه الاخوان من سطو علي الثورة في يوليو ١٩٥٢ نتيجة يقظة عبد الناصر ورفاقه نجحوا فيه بعد ثورة يناير ٢٠١١ نتيجة تفرق الثوار وتراخي ولا مبالاة المجلس العسكري السابق وتشتت القوي المدنية وخديعتها من الإخوان  .
 
والآن بعد ان قامت دولة الإخوان فان كل المؤشرات تدل علي أنها لن تستمر طويلا وأنهم لن يستطيعوا ان يكرروا تجربة الثورة الإسلامية في ايران  ويرسخوا أوضاعهم ويرجع هذا الي عدة أسباب منها : 
 
أولا ان قوي الممانعة من قوي مدنية وقوي ثورية لا زالت حية رغم ضعفها وتشتتها .
ثانيا ان هناك قوي  قوية ومؤثرة لازالت تقاوم سيطرة الإخوان وتقف موقف المتيقظ والمنتبه لمحاولات الإخوان لاختراقها وعلي رأسها الجيش والقضاء .
ثالثا ان عصرنا هو عصر العولمة والإنترنت وهو مختلف تماماً عن عصر الكاسيت الذي نجحت فيه الثورة الإسلامية بإيران ، ولكل عصر رجاله وأدواته لأحداث التغيير والتأثير في الشعوب وبالتأكيد فان القدرة علي السيطرة علي الشعوب وقمعها باسم الدين  الان ليست كما كانت عند قيام ثورة الخوميني .
 
رابعا ان الإخوان فصيل استئصالي إقصائي يريد استبعاد الجميع  من قوي ثورية الي قوي ليبرالية الي قوي يسارية الي الاقباط وحتي المرأة التي تعتبر وقودهم في معاركهم الانتخابية يحاولون إقصائها وأبعادها عن المشهد وجعلها تلزم بيتها بحجة الحفاظ عليها وهذا كله يخلق لهم عداء مع الجميع .
خامسا وأخيرا فان اهم سبب علي الإطلاق لاحتمال فشلهم في ترسيخ قواعد دولتهم هو الإخوان انفسهم بأخطائهم وخطاياهم  العديدة فقد أثبتت التجربة أنهم ليسوا رجال دولة ولا يملكون لا الكفاءة ولا الخبرة لإدارة أمور دولة بحجم مصر وهم في نفس الوقت لا يريدون الاستعانة بالكفاءات الموجودة بل جل اهتمامهم واعتمادهم يقع علي  أهل الثقة من أتباعهم وهذا ما سيعجل بسقوطهم وسقوط دولتهم .
 
Magdigeorge2005@hotmai.com
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com