رغم وعد الرئيس الفرنسي بحماية الأقليات، وخاصة المسلمين، فقد تعرّض العمال الأفارقة في «محطة الشمال» الباريسية لتمييز صريح، عندما حُظر وجودهم أثناء وصول الرئيس الإسرائيلي، خوفًا من عمل إرهابي قد يقومون به.
صلاح أحمد: حظرت شركة القطارات الفرنسية حضور العمّال الأفارقة العرب والمسلمين ضمن إجراءاتها الأمنية لحماية الرئيس الإسرائيلي الزائر شمعون بيريز لدى وصوله إليها من بلجيكا.
ووفقًا للصحافة البريطانية، التي نقلت عنها الخبر صحف إسرائيلية أيضًا، فقد وقعت الحادثة في الأسبوع الماضي، وبالتحديد في الثامن من الشهر الحالي – لكن النقاب كشُف عنها الأحد – في محطة قطارات «غار دي نور» (محطة الشمال) الباريسية. وهذه هي أيضًا محطة السفريات الدولية، وتعتبر الأكبر والأكثر اكتظاظًا بالمسافرين في عموم أوروبا.
إرهابيون محتملون
يبدو أن السلطات عمدت إلى حظر حضور العمّال الأفارقة – ومن عرب شمال القارة خصوصًا – باعتبارهم مسلمين يشكلون خطرًا إرهابيًا داهمًا على حياة الرئيس الإسرائيلي. على أن من المفارقات في هذا الصدد هو أن زيارة بيريز الفرنسية تأتي في إطار تشجيع فرنسا على المزيد من المشاركة الفعّالة في البحث عن حلّ سلمي للصراع بين اليهود والعرب.
صارت الحادثة الآن موضوعًا لاحتجاج رسمي، تقدمت به نقابة عمّال مواصلات القطارات، ويقوم على اتهام السلطات بأنها اتخذت إجراءها ذاك «لأسباب عنصرية بحتة». وكان بيريز نفسه قد وصل إلى المحطة الباريسية قادمًا من بلجيكا مصطحبًا معه وفدًا إسرائيليًا رفيع المستوى.
لكن عُلم أن المسؤولين الفرنسيين اعتبروا اليوم عطلة مدفوعة الأجر بالنسبة إلى العمّال الأفارقة «نظرًا إلى أن معظمهم مسلمون». يذكر أن قوانين فرنسا العلمانية تحظر التمييز على أساس الدين والمعتقد. لكن إدارة المحطة تجاوزت هذا الأمر، وافترضت أن الأرجح لأي عامل من خلفية أفريقية و/أو عربية، وخاصة "المشتبه في كونه مسلمًا"، أن يكون إرهابيًا محتملًا.
مطالبة باعتذار علني
نقابة العمّال من جانبها قالت إن هذا الافتراض نفسه يقوم على «مظهر» العامل، وما إن كان يوحي بأنه مسلم. وطالبت سلطات المحطة بأن تعتذر، وتدين هذا التصرف وهذه الممارسات علنًا، باعتبارها غير مقبولة.
يذكر أيضًا أن «غار دي نور» تضم عددًا كبيرًا من العاملين من المهاجرين من بلاد شمال أفريقيا أو من أبنائهم، إضافة إلى المهاجرين من أفريقيا السوداء أو أبنائهم.
وكانت إدارة المحطة قد ألقت باللائمة أولًا على «البروتوكولات الأمنية الصادرة من وزارة الداخلية الفرنسية، وأيضًا من السفارة الإسرائيلية»، لكن كلًا من هاتين الجهتين نفى بشدة أن يكون له ضلع في الأمر. وعُلم لاحقًا أن الأمر أتى من إدارة «الشركة القومية للسكك الحديدية الفرنسية» SNCF. وقال ناطق باسم هذه الأخيرة إن تحقيقًا فوريًا في الحادثة «يجري الآن على قدم وساق».
سوابق عنصرية
قالت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، التي كانت أول من أورد النبأ، إن هذا التطور محرج، بشكل خاص للشركة القومية للسكك الحديدية الفرنسية، خاصة بالنظر إلى تاريخها، الذي يشمل دورها في إبادة اليهود وأقليات أخرى (خلال الحرب العالمية الثانية).
وكانت هذه الشركة قد أصدرت للمرة الأولى اعتذارًا رسميًا علنيًا في 2011 لكونها رحّلت اليهود الفرنسيين إلى معسكرات الاعتقال في ألمانيا على قطاراتها، ومن محطة غار دي نور نفسها.
يذكر أن الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرانسوا هولاند كان قد وعد بالانقضاض على التمييز ضد الأقليات، وخاصة المسلمين، الذين يشكلون أكبر الجاليات من نوعها في أوروبا الغربية، إذ يقدر عددهم بنحو ستة ملايين. لكن الممارسات في هذا المجال لا تزال تتم على نطاق واسع في البلاد.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com