يوميات البصخة 2012
بقلم: أوليفر
يوم يقلب السيد جميع الموائد
يا سيدي ما بالك غاضب هكذا اليوم.؟ في الصباح تلعن و في المساء تبكي.التينة يبست و الموائد إنقلبت.ماذا بين التينة و الهيكل ماذا أغضبك هكذا من الهيكل و من التينة ؟ماذا بين الصباح و المساء الحزين؟ كان المعلم يسير بمحاذاة جبل الزيتون حيث سيصعد يسوع من هنا بعد قيامته.كانت أشجار الزيتون منتشرة علي مرمي البصر من كل ناحية و كانت هناك شجرة غريبة .إقترب منها المسيح له المجد و التلاميذ مندهشون فحتماً لا يوجد ثمر التين في الشتاء.كما أنهم لم يروه يأكل تيناً من قبل؟كانت شجرة تين مورقة مختبأة وسط الزيتون..ما هذه التينة بين الزيتون؟ هذه التي دخلت خلسة وسط الزيتون كأنما دخل أحد المدعوين لمائدة العريس و ليس عليه ثياب العرس.
هذه الشجرة بأوراقها القديمة منذ سقط آدم خلسة في حياة الإنسان بعد أن خاط أوراقها لتكسوه من عري الخطية.
لقد كان المعلم يطهر الزيتون من التينة ثم يطهر الهيكل من الموائد.الزيتون هو النعمة و التينة هي الغربة عن المسيح.
الرسام يعيد رسم صورته و مثاله
كان المعلم يعيد رسم الصورة التي تشوهت.في البدء كان الفردوس.الأشجار في كل الأنحاء.من هنا و هناك تجد ثمراً.إلا شجرة وحيدة تقف في أحد أركانها.ليس فيها ما يؤكل.
الآن المسيح في جبل الزيتون.كل أشجار الزيتون حوله مثمرة إلا شجرة وحيدة ليس فيها ما يؤكل هذه هي التينة.
كانت شجرة المعرفة من أجل إختبار الحب.و فشل أبوانا في الإختبار .و أكلا من الشجرة.فكانت اللعنة نصيب الأرض.و الشقاء نصيب الإنسان.و الفساد نصيب طبيعتنا.و الموت نتيجة حتمية لهذا الفساد.و عرف آدم قيمة خسارته للبركة و عاش وجع اللعنة.
الآن المسيح يقف أمام الشجرة.كانت شجرة لإختبار الفرق بين اللعنة و البركة.هذه الشجرة عديمة الثمر كانت قيمتها أن نعرف الفرق بين البركة و اللعنة.
تري لو عاد آدم إلي شجرة المعرفة هل يجدها شهية للنظر؟ حتماً زالت منه كل شهوة لهذه المعرفة الباطلة.و التي كانت شهية للنظر صارت يابسة لا جمال فيها و لا منظر.
الآن يقف التلاميذ مندهشون يا سيد هوذا الشجرة التي لعنتها قد يبست؟ لا جمال فيها و لا ثمر.لم يدرك التلاميذ حينها أن السيد يضع بصماته الأخيرة علي صورته و مثاله.
من عند اليابسة نزل المسيح و تلاميذه إلي الوادي متجهين إلي أورشليم.و من عند شجرة المعرفة خرج آدم من الفردوس.
في البدء كان الفردوس و خرج منه آدم مطروداً.فكانت أورشليم فردوساً ثانياً.لا يدخل إليها إلا شعب الله.أرضاً للمواعيد الإلهية كانت أورشليم.و شعب إسرائيل كان نموذجاً مصغراً لعودة البشرية إلي مواعيد الله الأبدية.
الآن يقف يسوع أمام أورشليم .حيث تقف التينة الملعونة قرب أبوابها.يقف المسيح بين اللعنة و بين أورشليم.و دخوله أورشليم يعني موته.فالموت مفتاح أورشليم.إنطلق السيد نحو أورشليم غاضباً.التينة أغضبته.اللعنة ليست لغته.هو فقط كان يعيد مشهداً لم نره مشهد السقوط .لأننا لم نر الفردوس الأول.كان يبين كيف حل الغضب محل السلام بعد السقوط.و كيف حل العري محل النعمة بعد الخطية.لذلك يبست التينة و تعرت من أوراقها ثمن اللعنة.
موائد الصيارفة المقلوبة
في الهيكل كانت الصيارفة تبدل العملات.بينما الذبيح سيفدينا مجاناً.فما الحاجة إلي موائد الصيارفة.
في الهيكل كان الناس يأتون من جهات شتي.من كل القبائل.كان لابد من تبديل أموالهم بالعملة الوحيدة المسموح بها في الهيكل.شاقل الهيكل.و هو يختلف عن جميع العملات لأن صورة القيصر لم تكن عليه.كانت العملات تحمل صور آلهة أو ملوك كالآلهة.ولأن الهيكل لا تدخله صورة و لا تمثال.كان الحديث دائماً يدور بين زوار الهيكل و مقدمي الذبائح عن أمر الصورة التي علي العملة.كانت الصورة تشغلهم أكثر من الأصل.لكن المسيح أصل كل الصور جاء إلي الهيكل فما الحاجة إلي هذه الموائد.
قلب السيد موائد الصيارفة فلم تعد البشرية تشتري ذبيحة بل أصبحت الذبيحة تشتري البشرية.
قلب السيد الموائد لأن الحاجة إلي مائدة واحدة عليها العجل المسمن.
لماذا طرد باعة الحمام أليس لأنهم يجيدون التلاعب بالفقراء الذين لا يقدرون و لا علي شراء ذبيحة.
كما أنه في المسيح لن يعد هناك فقراء و أغنياء.في المسيح نستغني جميعاً بفقره.و نفتقر جميعاً لغناه.
الذبيحة دخلت الهيكل ثلاثة أيام تحت الحفظ فما الحاجة إلي باعة الحمام.دعوا الحمام ينطلق رمزاً للمصالحة.
كان الصيارفة و الباعة في أروقة الهيكل.لكن الهيكل الحقيقي ليست له أروقة و لا باعة.الهيكل الحقيقي ليس إلا قلب مشاق للمسيح.
لن يبيع لك أحد المسيح.و لن يشتريه لك أحد.أنت تطلبه و هو يأتي مجاناً.ليس لأحد عليه سلطان.
موائد الصيارفة المقلوبة تقدم تحذيراً لمحبي المال المنشغلين به كثيراً.بين محبة المال و بين الخلاص هوة عظيمة لا يستطيع الساكنين أن ينتقلوا بينها إلي أورشليم السمائية.
موائد الصيارفة عليها حسابات كل الدنيا لكن ليس عليها الأغلي من كل الدنيا.
منع الداخلين بأمتعة من دخول الهيكل.فالمسيح في الداخل لا يريد منك شيئاً بل يريدك أنت وحدك.
هل علم الداخلون إلي الهيكل أن رب الهيكل واقف أمامهم بدمه و جسده.آه لو علموا,,, آه لو قبلوه.
الحمام طار.موائد الصيارفة إنقلبت.الحملان هرولت من صوت السوط في يد المعلم.خلا المكان إلا من الحمل الإلهي.هنا يبقي أيام ثلاثة وحده.لابد أن يبقي هنا وحده.حتي لا يختلط حمل الله بحملان الأرض.
لو علم قيافا و حنان رئيس الكهنة لأمسكا به و اسكناه الهيكل حتي يحين أوان الذبح.لكنهما في أمور كثيرة منشغلين.لو أدركا أن رئيس الكهنة الأعظم في ساحة الهيكل لخرجا مهرولين و سألاه أن يدخل قدس الأقداس وحده فليس سواه يستطيع أن يدخل هناك كل الأيام.لكنهما غافلان إذ خرجا يسألانه بأي سلطان يفعل هكذا؟ من أعطاك هذا السلطان؟ نحن الرؤساء هنا لم نعطك سلطان لتطرد هؤلاء و تقلب موائدهم.فكان أن أجابهم بسؤال عن معمودية يوحنا.
سأله فسألهم.لم يجيبوه فلم يجبهم.لكنه نصحهم أن يفعلوا كإبراهيم.يتهللوا لأن يوم الخلاص قد حان.لمارأي إبراهيم كبشأً مربوطاً في الشجرة عرف أن المسيح سيثبت علي الصليب.فتهلل لأن إبنه إسحق لن يموت.هل تتهللوا يا رؤساء الكهنة لأن أبناؤكم سينجون من الموت بموت المسيح.أم تريدون فقط الحفاظ علي مكاسبكم من الصيارفة و باعة الحمام؟ لما دخل السيد يطهر الهيكل لم يكن لتلاميذه أي دور.فالخلاص شأنه وحده.لقد وقفوا فقط كشهود يرقبون.يسجلون في ذاكرتهم كل الأحداث.ثم يأتي فيما بعد و يفهمون .العجيب أنه دخل أورشليم ففرحت أورشليم لكنه لما دخل الهيكل لم يفرح أحد.
إذا وضعت المسيح في مقارنة مع أي شيء أو أي أحد ستفقد فرحك. كل من في الهيكل فقدوا فرحهم لأنهم أرادوا أن يربحوا خارج الهيكل بدلاً من أن يخلصوا داخل الهيكل.
ها أنا هنا وسط الزحام.كل مرة أمرق بين الزحام و لا أمتلئ.كأنما لا مكان لك هنا. صيحات كثيرة تعلو هنا و هناك لكنها لا تدعوك أنت. ينادون علي أشياء كثيرة لكنهم لا ينادون عليك؟ ليس لك موضع وسط الزحام لذلك كنت تقول لمرثا أن الحاجة إلي واحد.الفكر المزدحم ليس موضعاً للقاء المخلص.
ما هذا الهيكل ؟ كيف لا قدس فيه و لا قدس أقداس.كل ما فيه يبيعون و يشترون.المكاسب لغة الكلام.و الصفقات أهم من الحياة الأبدية فهل هذا هيكل؟ القدس حيث تقف الكهنة لتقدم الذبيحة عن الشعب يمثل لقاء الله مع الشعوب.قدس الأقداس حيث يدخله رئيس الكهنة وحده يمثل لقاء الله مع النفس وحدها.اليوم يسألنا معلمنا الصالح هل من قدس عندكم أو قدس أقداس.ما أحوج هيكلنا إلي تطهير .
صلاة في الهيكل
تبدو مغترباً في الهيكل مع أنه هيكلك.تقف مشمراً يداك لتغسل الكيان من داخل.تطرد مني فكر المكاسب الأرضي.ليبقي الربح لي فيك.و تبقي أنت اشهي من المكسب.
هل تدخل قلبي .إمسك سوطاً لا يهم إمسك صليباً لا يهم إمسك زوفاك و أنضح فأطهر.
ما هذه الضوضاء داخلي .أسكت الأصوات المتداخلة .يكفيني أن أسمعك أنت وحدك.الأفكار السماوية محتبسة تريدك أن تحررها.
موائد كثيرة عندي و لم أشبع.عملات كثيرة أقتنيتها و لم أغتني.اليوم صار ربحي أن أخسرهذه كلها و صارت أمنيتي لو قلبت هذه كلها و أفسحت لنفسك مكاناً في داخلي.
ما هذا المتاع الذي احمله علي عاتقي .هذه الأثقال التي أدمنت نفسي حملها إنحنت تحتها نفسي..
اليوم تمنع عني هذه الأحمال.حررني من كل الأربطة.أريدك أن تصبح انت سيد البيت.لا صورة في داخلي إلا صورتك.
تينتي يابسة لكنك حملت اللعنة و باركتني.ينقصني ثمار روحك.هل تطعمني في الكرمة فأتغذي عليك.لا تدعني عارياً من نعمتك فليس لي ستراً آخر.
بيتك يستنير من جديد بحضورك .لن يبق هكذا مغارة مظلمة.و لا وكراً لأفكار غريبة كاللصوص.سيعود قلبي هيكلك.و أعود أنظرك فيه كيونان.
فليكن القلب مشغولاً بك حتي تفارقه الدنيا.كما أنك مشغول بي أكثر من كل الدنيا.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com