بقلم: محمد حسين يونس
بفعل جثامين الشهداء الذين سقطوا خلال زمن حكم مرشد الإخوان المسلمين تآكلت الشرعية (المُدَّعَاة) للصندوق وانخفضت شعبية حزب الحرية والعدالة التابع للجماعة و تتوالد الآن في الشارع (ما يطلق عليه) شرعية جديدة - بتوقيعات موثقة ببطاقة الرقم القومي- حيث تسعى حركة شبابية تطلق على نفسها اسم "تمرد"، إلى سحب الثقة من رئيس مصر المنتخب (بأسلوب عليه تحفظات وشكوك) والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة (لا تكون لجنتها خاضعة لانتماءات المستشار بجاتو)، من خلال موافقات شعبية جمعت منها أكثر من مليوني توقيع خلال فترة لم تتجاوز عشرة أيام.
محمود بدر المتحدث باسم "حركة تمرد" ، صرح كما ذكرت جريدة الدستور الالكترونية ((أن الحملة تعمل على جمع 15 مليون توقيع، وهي أكثر مما حصل عليه الرئيس بصندوق الانتخابات، وذلك حتى 30 من يونيو المقبل موعد انتهاء الحملة، وأنها تعتزم بعد ذلك الذهاب إلى قصر الاتحادية في تظاهرات حاشدة لمطالبة الرئيس بالتنحي عن الحكم والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة)) .وقال نفس المصدر((إن الحملة بدأت أولا من خلال شباب من اللجنة التنسيقية لحركة كفاية، ويتم الانضمام إليها بشكل فردي)).
قد تكون جثامين الشهداء أدلة ملموسة علي أن الحكومات الفاشستية لا تختلف في درجة قمعها للأصوات المعارضة سواء كانت مرتدية كاب و بيادة وتستخدم قوات الأمن أو كانت مطلقة للحية وتتسربل بعباءة الدين وترهب الشعب بأسلحة مليشياتها، ولكن هذه الجماعة – بالذات ـ ودونا عن جميع نظم الفاشيست المعروفة تاريخيا جاء أداؤها السياسي والاقتصادي بمثابة كارثة قومية أصابت الوطن وأمنه وكبرياءه وأذلت المصريين بأسلوب التسول الذي يقوم به مندوبيها علي كل المستويات وحولتنا إلي بلد لا يختلف في انحداره عن أفغانستان والصومال وغزة والسودان، عزبة يديرها عمدة لم يصب من التعليم إلا حدوده الدنيا أضاع عمره في حفظ الفية ابن مالك.
السبب في تدهور الأداء الحكومي يرجع الي أن الحزب الحاكم وجماعته لا يمتلكان القيادات أو الكوادر أو المقومات الفكرية الأساسية التي تجعل منهما حزبا سياسيا أو حتى جمعية دعوية إنهما في أفضل الأحوال عصابة موزعة علي التنظيمين تتخذ من المافيا دليلا ومرشدا في سلوك كل الدروب التي تؤدى في النهاية إلي أن يتمتع أفرادها بالأموال الحلال او الحرام، القانونية او المغتصبة، الضارة للمجموع او المعينة له .. مستخدمة كل أساليب العصابات من اغتيال وإرهاب وخداع وكذب وتمويه ونصب وتمثيل دور الاستكانة الملائكية في القصد و(عشي الغلابة عليك يا رب) في حين أنها من شياطين شريرة تعيش علي إراقة الدماء و لا ترتوي منها مهما امتصت .
المشكلة أن حتى هذا السلوك الشرير لا يتقنونه ـ فجاء فظا عشوائياـ لقد عاشوا عمرهم تطاردهم السلطة يتنطعون علي أبواب من يدفع لهم ثمن العشاء سواء كان هذا استعمارا واضحًا وكائنات بترولية حاقدة علي المجتمعات التي تزدهر بفضل جهد الأبناء ( وليس بسبب استخراج الغرباء للزيت)... نحن أمام وضع متردي بسبب أن من تولي الحكم في مصر كان دائما من الهواة وليس محترفا تدرب علي النضال السياسي وتعلم أساليب مواجهة الأزمات و برع في العمل ضمن فريق من الأكفاء منذ نعومة أظافره .. إن الاقتصاد علم ، والسياسة علم، و الإدارة علم ،وأنظمة الحكم الرشيد علم لا تمتلكه " الست أم أيمن " حتى تتصدى للعمل العام ووضع الدستور وإقرار القوانين ومراقبة الأداء الحكومي ، قد نحتمل فردا أو عددا من الأفراد محدودي الخبرة والكفاءة ولكن باقي الفريق يجب ان يكون مناسبا ..أما أن تحتل جماعة لا تمتلك إلا مرجعا واحدا تطلق عليه الشريعة جميع الأماكن فتعمل بأسلوب التجربة والخطأ بكفاءة منخفضة فهو أمر يؤدى وسيؤدى الي كارثة فظيعة تتعدى تدهور وتخفيض مستوياتنا الدولية علي جميع الأصعدة التي تصدمنا بها الجرائد كل صباح .
لقد تعقدت الأمور منذ ان أطلق ضباط يوليو تعبير الشرعية الثورية ، فهرسوا الدستور والقوانين و أمموا و سرقوا أموال المستثمرين وطردوا الأجانب وأبناء البلد من اليهود ودخلوا في مغامرات عسكرية فاشلة وعادوا ليطرحوا انفتاحا لعصابات تهريب العملة وتوظيف الأموال وأضعاف الإنتاج الوطني وتدمير التعليم .. وعندما يثور الشعب تدعم السلطات الأمريكية أحط من فيه ليعتلي الموجة ويدعي انه يتكلم باسمه .
لقد تعقدت الأمور بحيث أصبحنا نعيش علي الديون والقروض والإعانات لننفق علي بذخ الجماعة وسفريات مندوبيها وتوصيل الكهرباء والوقود للعصابات التي غزت مصر أثناء الهوجة وأخرجت من كانوا بالسجون ليتحكموا فينا .
نقطة البداية كانت وستكون دائما هي العمل والإنتاج و بدونهما لن نمتلك رفاهية الاختيار الصحيح .. نحن شعب جاهل مضلل مضحوك عليه يزحف علي بطنه خلف حواة المولد و((شربة الشيخ محمود تنزل حنشة ودود )) وعلي كل مخلص لهذا الوطن ان يخلق حوله مجتمعات عمل معاصرة، ثم يحميها، ثم يناضل لتكون القوانين في خدمة نموها، ثم يتمرد طاردا الواغش الذي يمتص جهده وعمله، لتصبح بلادنا حرة و ديمقراطية هذا ما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والصين واليابان وبعد كل كارثة حلت باى قومية راشدة ..فلنبدأ بألف باء ..إنه العمل والتعلم ثم النضال من أجل تنمية ما باليد ثم يأتي التمرد في موعده لتغيير الواقع المعيق .. أما الشيخ محمود فعلية بيع شربته في سوق آخر .
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com