لا أكتب اليوم عن الكنيسة لأننى فجأة وبلا مناسبة قررت التفتيش عن الكرة داخل كل وأى كنيسة فى مصر.. وإنما لأحتفل بشادى عهدى، لاعب نادى وادى دجلة، الذى قرر الشيخ ربيع ياسين ضمه لمنتخب الشباب الذى يستعد لنهائيات كأس العالم.. وأصبح شادى الآن أول لاعب قبطى فى كل منتخبات الكرة المصرية منذ اعتزال هانى رمزى اللعب.. واللاعب القبطى الوحيد على الساحة الكروية المصرية حاليا.
وهذا فى حد ذاته يشكل قضية ظللنا نهرب منها ونتجاهلها كثيرا فى الماضى، بدعوى ألا نشعل النار فى رماد الفتنة النائمة.. وأنا لست مقتنعاً بذلك.. فالهرب من أى مشكلة ليس هو الحل الأمثل لها.. وإغلاق الجروح على ما فيها من صديد لن ينتهى أبداً بالشفاء مهما كانت مهارة الطبيب ونوايا المريض.. وجاءت اللحظة التى لابد فيها من استغلال بساطة كرة القدم لخوض أى قضية سياسية أو اجتماعية دون خوف أو خجل أو حساسية.. فليس من المنطقى والطبيعى ألا يكون لدينا إلا لاعب قبطى واحد فى الدورى المصرى الرسمى لكرة القدم، بينما هناك داخل الكنيسة دورى حقيقى لكرة القدم بدأ منذ عام 2002.
دورى يبدأ كل عام فى أول أغسطس وينتهى فى سبتمبر.. وتشارك فيه سبعمائة فرقة من مختلف الإبراشيات والكنائس فى كل محافظات مصر.. تتنافس فيما بينها وتخوض تصفيات طويلة حتى نصل لمباراة نهائية وفائز وحيد.. أى أننا فى حقيقة الأمر أمام دورى كروى كنائسى يفوق فى عدد أنديته ولاعبيه الدورى المصرى الرسمى لكرة القدم بمختلف أنديته ودرجاته.. دورى يلعب فيه أكثر من عشرة آلاف شاب قبطى.. من المؤكد أن بينهم موهوبين ورائعين يستطيعون أو يستحقون اللعب فى مختلف الأندية الكبرى مثل الأهلى والزمالك وغيرهما، واللعب أيضا لكل منتخباتنا القومية تماما مثل شادى.. وأنا أعرف مقدما أن الإجابة السهلة التى ستأتى على لسان الأقباط ستكون أنهم ممنوعون من اللعب خارج أسوار الكنيسة، وأن الأندية كلها ومدربيها ومسؤوليها يغلقون جميع الأبواب فى وجه المواهب القبطية.. وأعرف أيضا أن الإجابة السهلة التى ستأتى على لسان المسلمين ستكون أنه لم يتم منع أحد، وأنه يصعب جدا تصور امتلاك أى ناد موهبة شابة وحقيقية، ويتم قتلها لمجرد أن صاحبها قبطى.. وأنا أرفض هذه الإجابات السهلة سابقة التجهيز.
فالأمر لم يعد يحتمل اتهامات ظالمة أو ردوداً متعصبة، لكنه يحتاج لوقفة هادئة ومكاشفة ومصارحة.. وهل أحد الأسباب الحقيقية لهذا الوضع هو الاضطهاد غير المحسوس كروياً والمسكوت عنه نتيجة الجهل والغفلة أو خشية الحساسية والتوتر.. أم أن السبب هو فكر قبطى قرر اختصار كثير من أوجه الحياة داخل أسوار الكنائس لتبقى الكنيسة هى العنصر الأساسى فى حياة الأقباط وقناعتهم دوماً بأن قوتهم تبقى داخل كنيستهم وليس خارجها.. خلف أبوابها وليس بعيداً عن أسوارها.. وأن الكنيسة حرصت على ألا تكون خارج أى مشهد يمكن أن يتواجد فيه أقباط حتى لو كان مجرد مشهد كروى.
المصرى اليوم
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com