ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

د.الببلاوى: الجيش هو البديل الجاهز إذا ما وصلنا إلى لحظة الانهيار المتوقعة

الوطن | 2013-06-05 22:17:49

«ليس لدى الإخوان رؤية أو كوادر والأسوأ أنهم يرفضون رؤية الواقع على حقيقته ومصارحة الناس»، هكذا بدأ وزير المالية السابق الدكتور حازم الببلاوى حواره مع «الوطن»، موضحاً أن جزءاً من أزمة مصر أن الإخوان دخلوا السلطة تحت شعار الإسلام الجذاب، والآن هم فى ورطة لأنهم غير قادرين على ترجمة الشعار الجميل إلى برامج عمل سياسية واقتصادية محددة. وأشار نائب رئيس وزراء مصر فى حكومة عصام شرف إلى أن الفجوة بين الوعود والتصرفات هى أكثر ما صدمه فى أداء الرئيس الذى أثبت أن ولاءه للجماعة أقوى من ولائه لمصر. وقال الببلاوى إنه وقع على استمارة «تمرد»، مؤكداً أنه لا ينبغى لأى سياسى عاقل أن يستهين بغضب المصريين، فمن أسقط مبارك يمكنه أن يسقط غيره. ودعا الببلاوى إلى عدم القلق من خطورة مشروعى الصكوك وتنمية محور قناة السويس، لا لأنهما جيدان ولكن لأنه يستبعد أن يجدا من يقبل عليهما من الأساس.. إلى تفاصيل الحوار:

 

* كيف ترى الوضع الاقتصادى لمصر بعد مضى ما يقرب من عام على تولى الدكتور محمد مرسى الرئاسة؟

- كل المشاكل التى كانت موجودة قبل توليه الرئاسة تضخمت تحت حكمه، ولا أرى شيئاً كبيراً إيجابياً واضحاً، فمنذ اندلاع الثورة فى بداية عام 2011 ومصر تعانى من مشاكل واضحة، أهمها عجز الموازنة (من المتوقع أن يتجاوز الـ200 مليار جنيه)، وخلل كبير فى ميزان المدفوعات، بسبب تراجع عوائد السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة (أموال البورصة)، وهروب رؤوس الأموال. هذه الأمور لم تتحسن مع تولى الرئيس، وحتى الارتفاع النسبى فى أعداد السائحين قابله انخفاض فى أسعار الخدمات السياحية، ما يجعل الحصيلة واحدة. وعلى الجانب الآخر، زاد الدين الخارجى من 34 إلى ما لا يقل عن 42 مليار دولار، وتجاوز الدين المحلى الـ1.3 تريليون جنيه، وهو ما يساوى نحو 77% من الناتج القومى، ما يعنى أن هذا الرقم لو وزع بالتساوى على الشعب المصرى فإن نصيب كل مواطن مصرى يزيد على 15 ألف جنيه من الدين المحلى فقط. لاحظ أن ارتفاع الدين المحلى الذى يأتى بصفة رئيسية من أموال المودعين فى البنوك يحرم القطاع الخاص من فرص التمويل لمشروعات إنتاجية.

أضف إلى كل ذلك أن النشاط الاقتصادى تضرر أيضاً بشكل واضح بسبب تدهور الوضع الأمنى ونقص العملة الأجنبية وبالتالى الواردات وأبرزها الطاقة، ما يؤثر بشكل كبير على حياة الموطنين.

* هل الوضع الآن أسوأ من المرحلة الانتقالية؟

- نعم أسوأ، لأن الانقسام والاختلاف مع السلطة أعنف، وعدم الثقة بين الأطراف المختلفة عميق، فالإخوان يشعرون بظلم بيّن ويعتقدون أن معارضيهم يتآمرون عليهم، والمعارضة لا تثق فى نوايا الإخوان ولا قدراتهم، خصوصا بعد الإعلان الدستورى والفشل فى حفظ الأمن وتتابع حوادث القطارات وعدم محاسبة المسئولين ونقص الطاقة وارتفاع الأسعار.

* فى تقديرك ومن خلال متابعتك لأداء الحكومة والرئيس، هل لدى جماعة الإخوان رؤية اقتصادية محددة حتى وإن اختلفت معها؟

- لا، ليس لدى الإخوان رؤية اقتصادية محددة، وأشعر أنهم فى مرحلة «تجريب». مشكلة الإخوان أنهم دخلوا السلطة بشعار جذاب جداً وله أنصار كثيرون وهو «الإسلام هو الحل»، لكن ليس لديهم أفكار لتحويل هذا الشعار إلى برنامج عمل سياسى واقتصادى محدد. وما ألاحظه أنهم يعرفون ما يجب عليهم تجنبه وليس ما يجب عمله، فهم مثلا لا يريدون أى نشاط اقتصادى قائم على الربا لكن ليس لديهم بدائل جاهزة للربا، وليس لديهم حتى مفهوم دقيق لمعنى الربا. وهم يرغبون فى تنشيط السياحة لكن دون خمور وعرى، لكنهم -مرة أخرى- لا يعرفون كيف يمكن أن يحققوا ذلك.. وهكذا. وعندما تكون فى السلطة وليس لديك رؤية أو أفكار محددة تصبح فى مأزق، ويزيد من صعوبة مأزق الجماعة انعدام التوافق السياسى بينهم وبين باقى القوى السياسية فى البلد.

* هل كنت متفائلاً بقدرة الرئيس وجماعته على مواجهة مشكلات مصر الاقتصادية عند توليهم الحكم؟

- لا، لم أكن متفائلاً بالمرة، لكن فشلهم فاق كل توقعاتى المتشائمة. الإخوان لا يفهمون الواقع، وأشك فى أن لديهم رغبة فى رؤية الواقع على حقيقته المؤلمة، وليس لديهم كوادر قادرة على التفكير السليم، والأخطر رفضهم مكاشفة الناس بالحقائق، وبالتالى كل ما يفعلونه تخبط وإضاعة للوقت.

* الجماعة تتهم دائماً معارضيها بالتربص بها وتصيد الأخطاء وتجاهل الإنجازات، إلى أى حد هم محقون فى ذلك؟

- أنا لا أعرف إنجازات محددة قام بها الإخوان، لكن على العموم مع مثل هذا الأداء المتواضع لا تحتاج الجماعة إلى أعداء، فالإخوان أعداء أنفسهم. وتابع أداء الرئيس الركيك على مدى الشهور الماضية ستجد أنه وجماعته يرتكب خطأ تلو الخطأ ويصلح الأخطاء بأخطاء، خذ على سبيل المثال كل القرارات التى اتخذها الرئيس ثم تراجع عنها، وهذا يكفى لسقوط مصداقيته. الأمر الثانى اللافت للنظر هو انعدام الشفافية فى كثير من الأمور.. فقد مرت أحداث مهمة على البلد أحاطوها بكثير من الغموض وتضارب البيانات، وأقرب مثال على ذلك موضوع الجنود المختطفين، الذى لم نعرف حتى الآن من اختطفهم وكيف تم تحريرهم وبأى مقابل تم هذا.

* لماذا لا يصارح الإخوان الناس رغم امتلاكهم شعبية فى الشارع والرئيس مرسى يكرر دائماً أنه الرئيس المنتخب؟

- لأنهم شعبيون، ولأن جزءاً كبيراً من الناس انتخبهم ليس لقناعته بهم، ولكن لأن الإخوان اشتروه بالخدمات والرشاوى الانتخابية. ثانيا: الإخوان لم يقولوا أبداً لمؤيديهم إن اقتصاد البلد ضعيف ومريض وإن الدواء مر، ولكنهم روجوا لفكرة أن مصر بلد غنى يحكمه لصوص وأن مهمتهم هى إغلاق محابس الفساد لاستعادة عافية اقتصاد البلد، وهذا غير صحيح، فنحن بلد فقير فى موارده، نعم كان هناك فساد لكن لم يكن الفساد هو المشكلة الرئيسية، المشكلة الكبرى تتمثل فى قلة مواردنا وضعف إنتاجنا، وليس أمامنا إلا العمل والعرق والتضحية

* على ذكر التضحية والعرق، هل ترى أن الحكومة جادة فى ترشيد النفقات؟

- أنا متأكد أن الدكتور قنديل يتمنى ترشيد النفقات ويسعى جدياً لتخفيض دعم الطاقة، لكن مرة أخرى ترشيد النفقات يحتاج إلى مصارحة الشعب بالحقيقة، لأن البلد حين يدخل حرباً تقول للشعب بأن عليكم تضحيات منها التقشف بل والموت، والشعوب تقبل هذا فى إطار عقد اجتماعى واضح بين الحكومة وشعبها لتجاوز تحديات معينة، لكن مثل هذا العقد لم يطرح على الشعب ولم يقل أحد للناس حتى الآن إن الخلل فى عجز الميزانية وميزان المدفوعات غير قابل للاستمرار، فالقاعدة تقول إنه لا يستطيع شعب أو فرد أن يعيش بأكثر من موارده، يمكنه أن يفعل ذلك لفترة عن طريق القروض لكنه لا يستطيع الاستمرار فى ذلك للأبد.

* ما أكثر ما صدمك فى أداء الرئيس؟

- الفجوة الكبيرة بين وعوده وتصرفاته التى أثبتت أنه فعلاً مهتم بالجماعة أكثر من الشعب، ثانياً: أداؤه الركيك فى كثير من قراراته، خذ على سبيل المثال اختياره لمعاونيه.. فهو بدايةً لم يختر أفضل الكفاءات فى البلد، ثم فشل فى الاحتفاظ بمن اختارهم بعد أن استقالوا الواحد تلو الآخر، ما يعنى أنه لم يحسن الاختيار على أساس الكفاءة، ولا حتى الولاء له.

* لماذا تدعم واشنطن الإخوان؟

- بداية، الأمريكان لم يأتوا بالإخوان إلى السلطة، ولكنهم استراحوا لوصولهم إليها لعدة أسباب؛ أولها: أن الإسلام السياسى يحظى بشعبية كبيرة، ومساعدته على الوصول للسلطة يحقق أكثر من هدف، منها تلجيم هذا التيار الشارد وتهذيبه بإدماجه فى المجتمع الدولى عن طريق مسئوليات السلطة (لاحظ أن الرئيس مرسى على سبيل المثال الذى كان يصف اليهود قبل السلطة بأبناء القردة والخنازير خاطب رئيس إسرائيل بـ«صديقى العزيز» بعد دخوله الاتحادية)، فإذا أثبتوا أنهم عاقلون ونجحوا فى قيادة مجتمعاتهم بشكل لا يهدد مصالح الغرب يكونون مكسباً لشعوبهم وللعالم، وإن فشلوا يكون الغرب قد شفى الشعوب العربية من وهم هذه الجماعات، وستنقلب عليهم شعوبهم بعيداً عن التدخل الغربى.

ثانياً: مرسى بالنسبة للأمريكان وإسرائيل هو «مناحم بيجين» المصرى، فبيجين -رئيس وزراء إسرائيل الليكودى المتشدد الأسبق- هو الذى نجح فى إقناع الإسرائيليين بإعادة سيناء إلى مصر، لأنه لم يكن هناك فى إسرائيل من يمكن أن يزايد على تشدده فى الشارع الإسرائيلى. والآن إسرائيل تحتاج إلى «بيجن مصرى» قادر بحكم تشدده على إقناع المصريين بمنح الشرعية لإسرائيل، فإسرائيل حققت كل شىء منذ قيامها فى عام 1948 إلا الشرعية، وهى الدولة الوحيدة فى العالم التى لم تنقطع الدعوات لا بضربها ولكن بإزالتها من الوجود، وهذا أمر غير مسبوق، فبريطانيا حاربت فرنسا ثلاثة قرون، لكن لم يطالب أى منهما بإزالة الأخرى، والغرب المنتصر فى الحربين العالميتين الأولى والثانية لم يطالب بإزالة ألمانيا. ومرور السنين لا يكفى لطمأنة إسرائيل على وجودها، فإنجلترا استعمرت الهند ثلاثة قرون ثم اضطرت إلى الخروج منها بعد أن أصابها الضعف بعد الحرب العالمية الثانية.

والشخص الوحيد الذى يملك أن يعطى إسرائيل الشرعية التى تفتقدها هو ممثل التيار الدينى المتشدد، الذى عاش أنصاره عقوداً ينادون بتحرير فلسطين والقضاء على اليهود.. ويكفى أن يقر الإخوان بوجود إسرائيل حتى يرفع ذلك الحرج عن أى رئيس بعده فى التطبيع مع إسرائيل، لأن من عاش ومات من أجل تحرير القدس قد سبقه إلى ذلك!

* معنى ذلك أن صعود الإخوان إلى السلطة فى مصر جزء من تسوية نهائية لأزمة الشرق الأوسط؟

- تقديرى أن الإخوان يتم استخدامهم لعمل تسوية نهائية فى المنطقة، أهم ملامحها إغلاق باب الدعوة لإزالة إسرائيل من الوجود، وليس من قبيل المصادفة أن وزراء خارجية دول عربية ومنها مصر اجتمعوا منذ عدة أسابيع فى واشنطن فى اجتماع مغلق لإدخال تعديلات على المبادرة العربية للسلام، دون أن يقولوا لنا لماذا لم يطرحوا هذه المبادرة على القمة بشكل مباشر، فضلاً عن الكشف عن طبيعة هذه التعديلات التى يمكن أن تتم فى «واشنطن».

* متى تتخلى واشنطن عن «مرسى»؟

- كلما ضعفت شعبية الإخوان فى الشارع وزادت الأوضاع الاقتصادية صعوبة بشكل يهدد الاستقرار سيتآكل الدعم الأمريكى له.

* من البديل الجاهز إذا سقط الإخوان؟

- إذا انفجرت الأوضاع -وهو أمر لا أستبعده- واقتربنا من الفوضى، فالجيش هو البديل الوحيد المؤهل لقيادة البلد فى اللحظة الانتقالية، ولكنه لن يبقى لأنه لا يرغب فى السلطة.

* وماذا عن جبهة الإنقاذ؟

- فى الوقت الحالى معارضة الإخوان هو ما يجمع شتاتها، وبعيداً عن معارضتهم للرئيس فإن «الإنقاذ» جبهة غير متجانسة.. والرأى العام فى الشارع يسبقها دائماً بخطوة، لكن عموماً القيادة لا تنشأ بين يوم وليلة، ولا بد من الوقت والتجربة.

* وماذا عن «تمرد»؟

- هناك حالة سخط عام فى الشارع يعبر عنه الناس بطرق مختلفة، وأكثر هذه الطرق تنظيماً هى حركة «تمرد» التى وقعت على استمارتها شخصياً، والاستجابة الكبيرة رسالة معناها أنه لا يجب لأى شخص أن يستهين بهذا الشعب ولا يجب على أى سياسى عاقل أن ينسى درس 25 يناير، فمن أسقط مبارك يستطيع إسقاط غيره.

* كيف رأيت المجموعة الاقتصادية فى التعديل الوزارى الأخير مقارنة بالمجموعة التى خرجت؟

- أنا لم أعرف المجموعة التى خرجت ولا المجموعة التى دخلت، ولا أعلم ماذا فعل من خرج ولا رؤية محددة للمجموعة التى دخلت.. مثلاً لم أسمع من قبل بوزير المالية الحالى الدكتور عبدالمنعم فياض، وكل ما أعرفه أنه كان أستاذاً فى جامعة الأزهر، فقط لا غير.

* وهل تعتقد أن بقاء هشام قنديل رئيساً للحكومة فى هذه المرحلة كان اختياراً موفقاً؟

- بصفة عامة أفضل أن يكون رئيس الحكومة شخصية سياسية تتمتع بالقبول العام، لكن بالنظر إلى صعوبة أوضاعنا الاقتصادية فربما يكون من الأفضل الآن فقط أن يكون رئيس الوزراء شخصية اقتصادية معروفة تحظى بثقة الأسواق والمستثمرين الدوليين.

* عندما سألناك منذ عدة شهور عن قنديل قلت إنه أعطاك انطباعاً إيجابياً عندما كان وزيراً للرى وكنت وزيراً للمالية فى حكومة عصام شرف.. فما الذى تغير؟

- الدكتور قنديل أعطانى انطباعاً إيجابياً فعلاً عندما زاملته فى حكومة «شرف»، فتعليقاته -فيما يتعلق بمجال عمله أثناء جلسات مجلس الوزراء- كانت محددة وواضحة وتدل على عقلية تحليلية مرتبة، وهو قطعاً ليس مدعياً ولا كثير الكلام ولا يتحدث فيما لا يعرف، وحين يتحدث فى أى قضية كان يعبر عن المنطق الذى اعتبره سليماً، كل هذا يجعل منه وزير رى جيداً، أما رئاسة الحكومة فشىء آخر؛ هناك فى علوم الإدارة ما يسمى بـ«مبدأ بيتر» ويعنى أن الإنسان يظل يترقى حتى يحتل موقعاً يتجاوز قدراته، فكفاءة الموظف فى شركة ما تؤهله إلى أن يصبح رئيس قسم فنائب مدير، فمديراً عاماً.. وهكذا حتى يصل مثلاً إلى منصب رئيس مجلس إدارة فتجده قد فشل، لماذا؟ لأنه منظم ويسمع الكلام ومجتهد وهذا يجعل منه مدير إدارة ناجحاً مثلاً، أما رئاسة الشركة كلها فتحتاج إلى قدرات أخرى، مثل رسم السياسات والاتصال بالجهات الأخرى. المؤسف فى «مبدأ بيتر» أن فشل الموظف لا يظهر إلا بعد وصوله إلى الترقية الجديدة، وأظن أن هذا الأمر انطبق على الدكتور قنديل كما هو ظاهر.

* كيف ترى مشروع الصكوك؟ وإلى أى حد تشارك الناس قلقهم من توابع هذا القانون على ممتلكات البلد؟

- لا أشارك المتحفظين على القانون قلقهم، ليس لأن القانون جيد فربما يكون فيه عوار أو مآخذ فى صياغته، لكنى لا أعتقد أن أحداً سيُقبل على شرائها من الأساس! الناس الذين يخشون من مخاطر الصكوك يفترضون ضمنياً أن المستثمرين الأجانب سيتكالبون على شراء الصكوك المصرية، ما قد يترتب عليه إلحاق ضرر بمصالح البلد وأمنها. لكن رأيى الشخصى أن هذه الصكوك لن تجد من يشتريها وأن عوائدها إن تحققت ستكون مضحكة!

* ولكن الصكوك نجحت فى دول أخرى؟

- نجحت فين؟! فى دول الخليج وتحديداً الكويت لأسباب تتعلق بظروف الكويت.. فهناك مواطنون صنعوا ثروات ضخمة من التجارة ومتدينون جداً ولا يتقبلون فكرة الربا، وبالتالى وجدوا فى الصكوك حلاً سحرياً، مع أن الصكوك فى حقيقتها سند، أى قرض بفائدة، ولكنهم يسمون الفائدة عائداً، بعد تكييف السند مع ضوابط الشريعة شكلياً، وفى النهاية يحصل المستثمر الذى يخشى الربا على عائد ثابت (يقدرونه عادة بمعدل الفائدة فى لندن «الليبور» مضاف إليه نصف فى المائة)، وأنا أعتبر تمرير السندات تحت اسم الصكوك مثل المحلل الشرعى فى الزواج، أى إحدى الحيل الشرعية الكثيرة التى تملأ كتب الفقه الإسلامى. على أى حال ما انطبق على الكويت حيث استثمر أهل البلد فى بلدهم التى يأمنون فيها على أموالهم لا ينطبق على مصر الآن، فمن المستثمر الذى سيحرص أن يضع أمواله فى بلد تعانى من انفلات أمنى واضطرابات سياسية ومستقبل غير واضح؟ وكيف يمكن أن تقنع مستثمراً -لا تريد أن تضمن له نسبة فائدة محددة كما فى السندات التقليدية- أن يعطيك أمواله ولا شأن له بالإدارة، وإذا استثمر وأدار بنفسه تكون قد ملكته؟

* وكيف ترى مشروع تنمية قناة السويس؟

- ما أسمعه تعبير عن آمال وتطلعات وليس كلاماً منطقياً يمكن مناقشته. هذا مشروع يحتاج إلى استثمارات ضخمة، أنا أسمع أن هذا المشروع سيدر على مصر 100 مليار «جنيه أو دولار مش مهم»، معنى ذلك أن المستثمر سيحقق أيضاً 100 مليار. المشروع الذى يحقق فائضاً 200 مليار يتطلب استثمارات فى البنية التحتية من جانب الحكومة لا تقل عن 500 مليار جنيه مثلاً، من أين ستأتى بهذه الأموال؟ ومن هذا المستثمر الذى سيضع أمواله الآن لينتظر عوائدها بعد 10 سنوات على الأقل؟ أنا «باستخسر» إضاعة وقتى فى قراءة تفاصيل مشروعى الصكوك وقناة السويس، لأنى أعلم أن العوائد التى ستتحقق منهما لا تستحق كل هذا الجدل حولهما. ويذكرنى الجدل حول قناة السويس والصكوك بشخص يأتيك ويسألك ماذا يمكن أن يفعل بمليون جنيه احتمال يكسبها من ورقة يانصيب.. لما يكسب نبقى نتكلم!

* إذا كانت الأمور على هذا النحو، على أى أساس يبنى الإخوان آمالاً كبيرة على هذين المشروعين؟

- عندما تنعدم الرؤية العملية يبدأ الحديث عن آمال ومشروعات كبيرة.

* لكن لماذا تستبعد أن يقبل مستثمرون أجانب على مشروع قناة السويس لأهداف سياسية أخرى؟

- أنا لا أستبعد، ولكن فى هذه الحالة لا يكون الحديث عن مشروع اقتصادى تسألنى عن جدواه، ولكن عملية بيع وشراء لأصول البلد، وبهذا المنطق يمكن نبيع سيناء ونحل كل مشكلات البلد، هذه قضية أخرى.

* هل أنت قلق من تعاظم الدور القطرى فى مصر؟

- لست قلقاً، ولا أفهم سبب قلق الناس. فما الذى يهدد مصر لو استثمرت قطر أو غيرها مئات الملايين من الدولارات على أراضيها؟ أكبر مستثمر فى أمريكا هو الصين، هل أمريكا خائفة من الصين؟ بالعكس استثمارات الصين الضخمة فى أمريكا جعلت الهم الأساسى لمحافظ البنك المركزى الصينى حماية الدولار وليس اليوان، وعام 2008-الذى شهد بداية الأزمة المالية العالمية- كان فرصة هائلة للصين أن تقضى على أمريكا ولكن لم يحدث، لأن الصين كانت ستسقط معها، ثم إن أمريكا لم تكن لتدفع لها أموالها على أى حال!

* ما مصير قرض صندوق النقد الدولى؟ ولماذا تضع الحكومة عليه كل هذه الآمال؟

- الصندوق «ميّال» إلى الموافقة على القرض.. لكن لديه حدود دنيا لا يستطيع تجاوزها، وللأسف فإن فرص الحصول على القرض تضعف وتزداد صعوبة مع الوقت. أما فيما يتعلق بالجزء الثانى من السؤال، فإن القرض يمنح الحكومة شهادة يحتاجونها للحصول على مزيد من القروض، هذا أولاً، وثانياً: عندما تكون يائساً تتعلق بأى شىء، لأن الغريق يتعلق بقشة، والسبل ضاقت بالإخوان وليس لديهم بدائل، خصوصاً مع ارتباك الأوضاع السياسية وتآكل المساندة الدولية لهم.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com