كتب: د. رأفت فهيم جندى
قال الأبن الأكبر لأخيه: هلما نحضر سويا هدية لابينا فى عيد الأب لكى لا يلعننا ولا يشبعنا ضربا!
الأبن الأصغر مندهشا: هل نحضر هدية لابينا لأننا نحبه ام لأننا نخافه ونريد ان نتجنب شره ولعنته؟!
الأبن الأكبر: ظننت أنه سوف تنالنا "اللعنة" أن لم ندفع عشورنا إلى الله ففكرت بنفس المنطق فى ابينا الجسدى!
الأبن الأصغر: هل لا ترى خطأ هذا التفكير فى علاقتنا بابينا الجسدى فكيف يكون فساد هذا المنطق فى علاقتنا بأبينا السماوى؟!
الأخ الأكبر: الله لا يتغير فما قاله فى العهد القديم عن "اللعنة" يقوله الأن تماما!
الأبن الأصغر: فى العهد القديم لم تكن "اللعنة" من الرب الإله ولكنها كانت من حكم الناموس نتيجة لسقوط البشر فى عبودية الخطيئة، والوحيد الذى لم يكسر احكام الناموس هو يسوع المسيح "ما جئت لأنقض الناموس بل لاتممه" ولكنه حمل "أللعنة" عنا على الصليب وحررنا من حكم ولعنة الناموس، ولهذا قال السيد المسيح "فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا" (يوحنا 8: 36)
انتهى حوارالاخوين، وما اريد ان اضيفه ان البعض منا يفكر أحيانا فى معاملاته مع الله بالطريقة الوثنية "العقاب والثواب" واحيانا أخرى بفكر "لعنة ناموس العهد القديم"، وكلا الفكرين ليس مسيحيا، لأن العلاقة المسيحية هى علاقة "الابن الضال" بابيه كلما اقترفنا خطيئة نقوم ونرجع إلى ابينا، والأبن الضال عانى من الجوع والعطش فى بعده عن حضن ابيه بمشيئته وأختياره وليس بلعنات ابيه.
والمتمسك بحرفيه ما قيل فى العهد القديم نسى أننا لا نقدم الأن ذبيحة الثور والخروف والعصفور! وان ابن الانسان اتى ليعطى حياة لا ليُهلك، وعليه ان يتذكر أيضا أننا نقول في صلاتنا للسيد المسيح "ازلت لعنة الناموس" والقديس بولس يقول "اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا" غلاطية 3 : 13، والسيد المسيح لم تخرج من فمه المبارك كلمة لعنة لأى انسان حتى لصالبيه، بل كانت عظته على الجبل مملؤة بالتطويبات اى البركات، وزيادة على هذا طلب السيد المسيح منا أن نبارك الذين يلعنوننا "باركوا لا عنيكم"، لهذا فالتبشير والتخويف "باللعنة" فى اى شئ هو تبشير مضاد لكلام وعمل السيد المسيح، واللعنة تعنى شر، والقديس يعقوب يقول أن الله غير مُجرب بالشرور، الا اذا كان المقصود هو لعنة الفراعنة وهذا ليس من المسيحية بشئ!
وكم سيكون حزنك لو احضر لك ابنك او ابنتك هدية فى عيد الأب قائلا او قائلة لك "هذه الهدية لكى اتجنب شرك ولعنتك واذيتك" وهكذا ايضا العطاء الذى سببه الخوف فهو ليس رائحة سرور للرب، فنحن لا نعطى لكى نتجنب شر الرب الإله، او لنرشيه لكى يعطينا اكثر، ولكن من محبتنا له اياه نعطيه، وكلما ازدادت محبتنا كلما ازداد عطاؤنا والعكس صحيح، والذى يعطى او يفعل اى شئ للرب بسبب الخوف هو لم يتكمل فى محبة البنوة بعد، وأن كنا ونحن خطاة لا نلعن أبناءنا، فكم بالحرى ابانا الصالح الذى فى السموات.
وكم هو خطأ ومنفر ومستفز خطاب التوعد بـ "اللعنة" للحث على العطاء بالرغم من حسن نية قائله!
كل عيد أب وانتم طيبين، واقول على سبيل الدعابة "لا تلعنوا ابناءكم او بناتكم الذين لم يقدموا لكم هدية هذا العام بل اجتذبوهم بالمحبة "!
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com