بقلم: ويصا البنا
في الحرب الأهلية الأمريكية، حدث أن رجلاً من سكان الحدود بين شمال البلد وجنوبها حيث كانت تدور رَحَى الحرب الأهلية بين القسمين، أراد أن يكون مُحايداً فارتدى قميصاً يخص مقاتلي الشمال، وسروالاً يخصّ مقاتلي الجنوب.
وظن بذلك أنه سيرضي الطرفين المتقاتلين ولم يكن يعلم أنه بذلك وضع نفسه في مأزق خطير؛ حيث أطلق مقاتلو المنطقة الشمالية النار على سرواله، وأطلق الجنوبيين النار على قميصه فكان مصيره الهلاك المحتم!
صديقي.. قد تبتسم وأنت تقرأ هذه القصة الواقعية الطريفة، ولكن ألا ترى معي أن الكثيرين يفعلون مثل هذا الرجل؟
نعم فمنّا من يعيش على هامش الحياة لا يعلم ما هو دوره وما لا بد أن يقدمه لنفسه أو لوطنه، فالكثيرون يتركون أنفسهم بلا موقف في الحياة يتركون أنفسهم للظروف، فهو ليس مع الحكومة مثلاً أو مع المعارضة فهو سلبي فاتر ليس بارد أو حار، يترك حياته بدون موقف عندما تشتد قبضة الشرطة على المعارضين فيظهر أنه في صف الحكومة، وعندما يرتفع سهم المعارضة يظهر وكأنه أحدهم فيعرج بين الفرقتين ليس له مبدأ أو طريق مرسوم ليسلك فيه، وهو بذلك قد يخسر كل شيء، فكل فريق لا يستطيع أن يؤكد أنه معه لذا يستبعده بل وقد يتهمه بأنه عميل لفريق آخر.
الغالبية العظمى من شبابنا وكتّابنا يفعلون هكذا فهو ليس صلب وحاد ذو رأي لاذع أو رأي محدد ولا هو ليّن سلس، بل أنهم يعرجون بين الفرقتين.
بالطبع لا اقصد هنا أن نقسم الوطن إلى أقسام أغلبية ومعارضة وأقلية، ولكني أريد أن أوضح أنه لا بد أن نشارك في الحياة السياسية، أن نشارك في صنع القرار، أن نطرح وجهة نظرنا للجميع وعلى الملأ، فمع قوة وعلم ومشاركة الشباب في الحياة السياسية سيكون لنا في المستقبل القريب خيارات لاختيار رئيس بدلاً من الرئيس الأوحد والحكومة الوحيدة التي تفهم مصلحة الشعب وتتعامل و كأنها ولي أمر لتلميذ غبي لا يملك من أمره شيء، وهي في الحقيقة تفكر وتخطط لمستقبلها ومستقبل وزرائها وصفوتها أما الشعب فهو دائماً الذي يدفع الثمن.
لا بد أن تكون صاحب كلمة وقرار، لا بد أن نساعد جميعاً في محو الأمية السياسية وأن يكون للأحزاب بما فيها الحزب الحاكم دوراً حقيقاً في محو الأمية السياسية وحث الشباب على العمل وإعطائهم الفرصة كاملة للإنخراط في العمل الحزبي، وعلى قيادات الأحزاب التخلي عن بعض المناصب وإخلائها للقيادات الشابة، وهذا لا يقلل من شأن من يترك منصبه داخل حزب بل سيكون هو المعلم والمرشد، لا بد من ضخ دماء جديدة للحياة السياسية في بلدنا لأنه عاجلاً أم آجلاً سيرحل القادة الحاليين والمخضرمين إما بالموت أو أي سبب آخر، فتصبح هذه الأحزاب خاوية من الخبرات وتقع فريسة للصراعات وتدخل نفق التجميد المظلم وتصبح مجمدة بقوة القانون.
لا بد أن يصبح لكل منّا رأي ووجة نظر مع أو ضد ليس هذا هو المهم، المهم الرؤى والمشاركة في صنع القرار فإن سلّمنا للأمر الواقع فنحن حتماً من سيء إلى أسوأ.
ولكن إن شاركنا وتفاعلنا فمن المؤكد ستُشرق الشمس.
ويصا البنا
كاتب صحفي وناشط حقوقي |