CET 00:00:00 - 18/11/2009

مساحة رأي

بقلم: زهير دعيم
في عمر الزّمن تُسمّى دقيقة ! بينما حسبها الجزائريون وأحسّوها يوم السّبت الفائت دهرًا. وأحسّها المصريون جزءًا من هُنيهة ، بل لمحة بصر. وانفجرت الآهات المكبوتة بركانًا هادرًا ، ورقصت الأعصاب المشدودة ، وبُحتّ الحناجر وما مِن مُصدّق ...فالأمل الذي خبا وهجه او كاد يخضرّ من جديد ، يخضرّ في دقيقة ، يُزهر فتزهر معه نفوس الملايين في ارض النّيل ، فيغدو ملعب القاهرة كتلةً بشرية واحدة تصرخ وترقص وتقفز ، بل قل كتلة واحدة مجنونة ، لقد فعلها مُتعب وأتعب الجزائر والجزائريين ، وأدخلهم من جديد في دوامة " نكون او لا نكون " و  " بحبّني .....ما بحبّني " .

وقفز القبطيّ الذي يسكن الجليل .....
قفز فرحًا .....
أعرف إنساناً قبطيًا رائعا ، أجبرته ظروف الحياة ان يحطّ بعصا ترحاله في الجليل بحثًا عن لقمة العيش . وأسمعه كثيرًا وهو يُحدّثني بمرارة عن ظلمٍ أو بعض ظلم يقع على أهله وأخوته في مصر ، يتحدث والدمعة تطفر من عينيه عن العوائق التي تضعها السلطات أمام بناء الكنائس ، وأمام تقدّم الأقباط واندماجهم في الوظائف الحكوميّة ، أمام.....
ولكنّه سرعان ما ينسى هذا كلّه ...أو لربما يضعه جانبًا على مضض ويروح يلاحق في تلفازه أخبار المنتخب المصريّ  ، يتابعه ويُصفّق له ، ويحزن لخسارته.

إنّ مصر تجري في دمائي !!
إنّ النّيل أروع نهر خلقه الله المحبّ !!
قفز وما زال ينتظر اللقاء المرتقب في السودان ، إنّه بربد أن تتمّ الفرحة ، فالفرحة الفائقة هذه ما زالت الخطوبة ، إنه يريد العرس والحفلة الحفلاء على ملعب المريخ السّوداني ، يريد أن يتألق الحضري وأبو تريكة وعمرو زكي واحمد حسن و.....
يريدهم أن يزرعوا السودان أهدافًا ، ويجعلوا جبهة الدّفاع الجزائريّة جبنةً سويسرية تمتلئ بالثقوب ، يريدهم - وهو المؤمن بالمحبّة  -يريدهم هذه المرّة قساةً، عنيدين ، يصولون ويجولون ويزرعون الدّنيا هجومًا واحتلالاً !!! يحتلون منطقة حرام ونّاس جاواوي ، ويُقيّدون زياني وصايفي وكلّ من بدأ وطنه بحرف الجيم.
ويتحسّر صاحبي على أيام هاني جودة رمزي ، نجم دفاع منتخب مصر والنادي الأهلي سابقا ، والذي احترف في البوندز ليغا سنوات طويلة .
ويتنهّد ..
لقد كان الوحيد...

واليوم لا أحد ...لا بأس كلّهم إخوتي.
أتصدّق يا هذا أن حسن شحاته لم يختر قبطيًا واحدًا للمنتخب المصريّ ، لا لأنه يُفرّق بين أخٍ وأخ ، بل لأنّ الدوري المصري الأول يخلو من أيّ لاعبٍ قبطيّ !!..أتُرى أن الملايين من الأقباط عجزت من أن تلد نجمًا في كرة القدم وهي التي ولدت الطبيب الالمعي  مجدي يعقوب ومئات مثله ؟!!
أترى أن هاني رمزي القبطي كان بيضة الدّيك ؟!
ويهزّ صاحبي رأسه قائلا : لا بأس دعنا من هذا....دعنا نُصلّي مع الأب مكاري يونان أن يُنجِّح ربّ المجد المنتخب المصري في السودان ، دعني أرفع دعاءً حارًّا لربّ السماء أنّ يمنّ على المصريين في هذه المباراة بالنصر والغَلبة.
وتركته وهو ينتظر المباراة المصيريّة على احرّ من الجمر وهو يقول : يكفينا هذه المرّة أن نزجّ هدفًا واحدًا يصيب مقتلا ..لا.. لا... نريد خُماسية ، نريد هزيمة الخضر ؛  هزيمة " مْنيِّلة".
وأروح أفكّر في هذا الرجل الذي يعشق وطنه حتّى النُّخاع ، ويتمنّى ان يشرب من نيله ويُحرم ظلمًا ..
نعم الظلم يقف حائلا!!
وأعود وأفكّر في المباراة ,اتعب ، ويتعب تفكيري ، فأنا من عُشّاق هذه اللعبة ، أحبّها كثيرًا واقضي السّاعات الطوال أمام العمالقة وهم يُرقِّصون الكرة ويُدغدغونها...
أفكّر كيف ستبدأ ..والمهمّ والأهمّ  كيف ستنتهي !!

فأنا بصراحة أتعاطف مع صديقي ، ومع أحباء لي في القاهرة والأقصر وعزبة النخيل ، ولكنني في حيرة .
اعترف – رغم تجربتي وحنكتي !!!-أن الأمر شائك ، وأنّ كلّ نتيجة مُحتملة ، ولكنني أتوق أن أرى الفرحة تملا وجه صاحبي القبطي الجليلي .
لقد انتقلت ارض المعركة الفاصلة الى السّودان .
أستراها ستكون معركةً وفاصلة وتنتهي على خير .
أترى سيرقص صديقي القبطي الجليليّ قائلا : 
الخلاص لله والوطن للجميع.
إن غدًا لناظره قريب.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ٩ تعليق