CET 00:00:00 - 19/11/2009

من الاخر

بقلم: أماني موسى
بينما كانت الأحداث تمر حول المصري مليئة بالبؤس والكآبة والاكتئاب من فقر وجهل وخطر الأوبئة وتصريحات المسئولين التي تدعو لليأس، جاء ميعاد ماتش المنتخب المصري مع الجزائر أملاً في التأهل لكأس العالم ليحل معه الأمل للمصريين في تحقيق أي فوز أو انتصار يسبب لهم الفرح بعدما حلّت الهزائم بكل أركان حياتهم اليومية وغابت الفرحة عنهم بعيدًا. 
جلس عم سعيد مسعد أبو السعد مع أصحابه من شلة الأنس عشان يشوفوا الماتش بحماس، وكان عم سعيد ككل إخوانه المصريين وأشقائه اللي هما إخواته بس مش من أبوه ولا أمه (العرب)، في حالة من التوتر وكان عم فرحان الساعي عينه زايغة في الملعب رايح جاي وعمال يشجع ويقول: ياللا خش الجون فاضي أهو.... فمال عليه عم سعيد وقال له: سلامة الشوف يا فرحان، أنت بتشجع مين دول الجزاير!!

وكان الكل يرددون العبارات الحماسية على شاكلة يا حبيبتي يا مصر، ويا أغلى البلاد يا بلادي، فدخلت زوجة عم سعيد وعلامات الغضب المختلط بملامح الأسد الزعلان المتأثر على وجهها وهي بتقفش في رقبته وتقوله: بتحب عليا يا سعيد بعد العمر دة؟ اللي عمرك ما قلتلي يا حبيبتي. فأجابها سعيد: يا ستي مصر دي أمي وكمان أم صاحبي عباس، فسكتت لحظة وقالت إن كان كدة ماشي مدام أم عباس يبقى مفيش مشكلة.
المهم إن كل اللي بيشجعوا كانوا عمالين يقولوا العبارت الحماسية إياها أو بمعنى أصح (السنوية) لأن الانتماء الوطني مش بيتجدد إلا كل سنة في المناسبات القومية والماتشات الكروية.
والغريب إن المصري أفندي بيفضل طول الوقت ناسي مصر أمه ومعتبرها حماته أو مرات أبوه ومتبرأ من أصله الفرعوني وبيتمسح في العرب ويقول أنا عربي أنا عربي، لكن وقت الماتش بس تلاقيه يفتكر هويته المصرية ويلقبوا المنتخب بالفراعنة!!

مش بذمتكم حاجة مدهشة؟ أول مرة أشوف شعب بيغير هويته وفق ماتشات الكورة زي تغيير الساعة وفق التوقيت الشتوي والصيفي!!
بعد ما خلص الماتش وخسر المنتخب جلس كلاً منهم ينعي حظه، فقال عم فرحان: ياللا بلا وكسة.... ما إحنا محسورين على كل حاجة جات عالكورة، وأشاح بيده ونزل. وأخذ عم سيد أفندي أنتكة يضرب كف على كف ويقول منكم لله.. ربنا يحزنكم زي ما ضيعتوا فرحتنا. فقاطعهم عم سعيد ضاحكًا: أنا اللي تاعبني في الموضوع كله أنه اتصرف على الحملة الإعلانية للمنتخب حوالي 370 مليون جنيه وفي الأخر برضه طلعوا أوت. مش كان من باب أولىَ أن الملايين دي تتصرف على أولاد الشوارع اللي ماليين البلد، وللا يبنوا مستشفيات مجهزة بدل المستشفيات الحكومية اللي تدخلها مريض قطاعي تخرج منها مريض بالجملة!! فقاطعه ابنه: ولا يا با يدوا لكل شاب شقة يتجوز فيها ولا يوفروا وظيفة، تعرف الـ 370 مليون دول لو اتوزعوا على الـ 80 مليون مصري يعني كل واحد هياخد 4 مليون ويتبقى كمان.

فابتسمت سعاد بنت عم سعيد وقالت: يااااه وساعتها مش هيبقى فيه مشاكل ولا فقر ولا زبالة في الشارع ولا ناس تنام من غير عشا ولا عنوسة ولا بطالة. أمال إيه الضرايب اللي عمالين ياخدوها من دم الشعب الغلبان دي مدام عندهم كل الفلوس دي؟!
بدت علامات الدهشة على عم سعيد وكل أصحابه من هول المبلغ ومن هول الخسارة المعنوية التي لحقت بهم بعد خسارة المنتخب، وخسارتهم المادية التي تلاحقهم أينما ذهبوا، وصاحوا جميعًا: وضاع الحلم يا ولدي!!!

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١١ صوت عدد التعليقات: ٧ تعليق