بقلم: سحر غريب
في زيارتي لمدينة الإسكندرية رأيتها جلست بجوارها وأخذنا نتجاذب أطراف الحديث، عرفت منها أنها جزائرية وأسمها أم علي مُتزوجة من مصري وتقيم بالإسكندرية، تركها زوجها المصري الجنسية وسافر للعمل خارج مصر في السعودية وخيرها بين السفر لأهلها في الجزائر أو الإقامة في بلده مصر فاختارت بلا تردد أن تبقي في مصر وحدها، واعتبرت جيرانها أهلها ثم حملت وأنجبت في مصر، فسألتها هل تشعرين بغربة؟ فنفت تمامًا أي شعور ولو عابر بغربتها...
يا ترى يا أم علي بعد اللي حصل في السودان والجزائر من إعتداء على المصريين اعتدى عليكِ حد من جيرانك؟، هل نسى الجميع أنكِ أخت شقيقة لهم وأهانوكِ وحرقوا بيتك؟، قطعًا لم يحدث ولن يحدث.. فمصر لا ترى في الغريب غريبًا بل تعامله علي أنه صاحب دار وتضعه تاجًا علي رأسها.
إن ما حدث في السودان سيدون على صفحات التاريخ بمداد من عار، مع أنها لم تكن المرة الأولى التي يُهان فيها المصري في الخارج، ولكن هذه المرة تختلف كل الإختلاف فمن تمت إهانتهم هم الصفوة لنكتشف أن من يتهاون في حق صغيره يُهان كبيرة ويتم الإطاحة بكرامته، ومع أن اختيار الحكومة لجمهورنا المعبر عنا قد جانبه الصواب في مباراة تحتاج إلى نوع من الجماهير يستطيع تناول الزلط كبديل صحي ومغذي عن البسكويت، كان مالهم رجال أمن مركزي في ملابس مدنية؟ كانوا ردوا لنا حقنا الضائع ولانتقموا لكرامتنا النازفة.
لكن مصر تعاملت مع الحدث بمبدأ التمثيل المُشرف المُحترم وبعثت فنانيها على اعتبار بأن كل إناء ينضح بما فيه، وإناء مصر نضح بفنانين ومحترمين أما بلاعة الجزائر فطرطشت علينا مخلفات بشرية همجية، ورفعت جماهير الجزائر شعارات رنانة من عينة افتحوا معبر رفح فقط لكسب تعاطف الجماهير العربية الأخرى.
فلنفتح معبر رفح لنرضي الجميع ونواجه عدوانًا آخر شبيهًا بالعدوان الثلاثي الذي أُقحمت فيه فرنسا بسبب تدخل مصر في الثورة الجزائرية، فلندخل من أجلهم الحرب ونواجه أمريكا وإسرائيل وحدنا فنحن وحدنا دائمًا، وحدنا نعاني والجميع يُشاهد وأولهم العرب، وحدنا نعيد بناء بلادنا ولا من مُساعد، الحرب مُتاحة للجميع ومن يريد الحرب فليحارب لم نمسك أيديهم ونكفها عن الحرب، فلتحاربوا يا عرب ولا تنتظروا مصر لتحارب لكم حروبكم وكفى, مصر قدمت الكثير وجاء دوركم لتقدموا شيئًا يذكره التاريخ من باب التغيير.
ورغم أن ما حدث في السودان أهاننا وأحزننا إلا أنني سعيدة لأني اكتشفت أننا ما زلنا نمتلك روحًا تثور وتعترض وترفض والأهم تحب مصر، اكتشفنا أن كرامتنا التي أبدعت الحكومة في إهدارها ما زالت تتوجع وتشعر بالألم، ما زالت جرحًا يحتاج إلى علاج، أرجوكم عالجوا كرامتنا في الداخل قبل الخارج، حافظوا على آدميتنا في الداخل حتى لا نضطر لتمثيل مصر في الخارج تمثيلاً غير مُشرفًا، حافظوا على صغيرنا قبل كبيرنا. |