بقلم: نبيل المقدس
يقوم موقع الأقباط متحدون بأعظم مشاركة فعلية تدل علي توثيق رسالتها , والتي من شأنها قائمة علي أساس إسترداد حقوق الأقلية في مصـــر , وهي تري من وجهة نظرها أن بالإضافة إلي نشر بعض المواضيع والأحداث التي تُظهر مدي الظلم الذي يقع علي الأقلية , فقد رأت أن البطاقة الإنتخابية واجب علي كل قبطي أو حتي كل مصري يؤمن ببلده بنشر يومياً علي صدر صفحتها الرئيسية إعلان يحث زوارها بأهمية البطاقة الإنتخابية [ خليك إيجابي ... وليك صوت إنتخابي ] .... وهذا الإهتمام هو أحد أسباب نجاح هذا الموقع من بين جميع المواقع الأخري ... فهو يعيش دائما مع الأحداث أول بأول , ولا يدخر وسعاً في نشر جميع الأراء المختلفة ... كما أحيي زوارها وقرائها وكتابها علي إلتزامهم بأخلاقيات الكتابة والحوار .
فكرني هذا الإعلان كأقباط لدينا إختلافات طائفية و جغرافية حيث لنا من إخوة أحباء مهاجرين خارج البلاد , بقصة تعلمتها منذ الصغر تشير إلي أنه مهما إختلفنا فنحن نقوم بعمل واحد وهو رفع الظلم والجور علينا كمسيحيين ... تقول القصة :
في إحدي الأرياف كان يُوجد سَقا عليه أن ينقل المياه من بئر موجود علي بعد مِن خارج القرية ويوزعها علي أهالي القرية لكي يستعملونها لأغراضهم الشخصية نظير أجر بسيط من المال. كان هذا السَقا يستيقظ مبكراً جداً ويَحمِل علي منكبيه ( كتفيه) عصا من الخشب القوي مُعلق علي طرفيها جَرتيّن ( جردلين) من الصاج , ويذهب بهما إلي البئر البعيد والموجود خارج القرية ويملأهما ماء , ويأتي بهما إلي القرية لكي يوزع علي أهلها إحتياجاتهم من الماء اليومية . وكان يكرر هذا الأمر عدة مرات في اليوم حتي يأتي المساء ويذهب إلي حُجرتِه المُتواضعة ويأكل طعامَهُ البسيط ثم ينام مبكراً لكي يستيقظ في الصباح الباكر و يُعيد نشاطَه في نقل المياه من البئر إلي أهالي القرية. كان هذا السَقا يعتني بإحدي الجرتين عن الأخري , فعندما ينام تبدأ الجَرة الذي لا يهتم به السَقا في البكاء , فتسألها زميلتها الثانية والتي تأخذ كثيراً من العناية , عن سبب هذا البكاء , فتقول لها الجَرة الغلبانة , أنا لم أفهم حتي الآن لماذا السَقا يعتني بكِ أكثر مني , ويحاول دهانك بلون جميل وإذا حدث لكِ ثُقب يذهب بكِ عند السمكري فوراً لكي يعالجه , أما أنا فيدهني بلون غريب لا أحبهُ , كما إنه لم يُكلف خاطره ويأخذني إلي السمكري لكي يسد الثقوب التي إبتليتُ بها , فهو عندما يملأنا يبقي الماء عندكِ كما هو حتي نصل إلي داخل القرية, أما أنا يادوب يتبقي بعض المياه القليلة في قاعي لا يكفي لإحتياج فرد , فأغلب الماء يتسرب مني خلال الثقوب حتي إنني أشعر بالحرج ,وبناء عليه أجد أهالي القرية تعودوا يستقبلونك بلهفة ويحيطون بك بفرحة لكي يأخذوا إحتياجاتهم من الماء, أما أنا فلا أجد أي أحد من الناس علي الأقل ينظر إلي بعين الإحترام , لأنه لا يجد فيّ ما يأخذه إلاّ القليل , والذي لا يكفي حتي أن يملأ به ربع كوب.
وفي إحدي الليالي , إستيقظ السَقا علي أنين الجَرة الغلبانة وبُكائها, فأسرع إليها لكي يستفهم منها سبب بكائها , فإضطرت الجَرة الثانية أن تنقل له شكوي الجَرة الغلبانة ذات الثقوب, فتُفاجيء الجَرة الغلبانة بأن صاحبها السَقا يضحك بصوت عال , ويطبطب عليها , وقال لها نامي الآن وفي صباح الغد سوف أريكِ أنكِ عظيمة مثل أختكِ الجَرة. إرتاحت الجَرة الغلبانة لكنها كانت مُندهِشة ... كيف يُطلق عليها السَقا أنها عظيمة مثل زميلتها الثانية . نامت الجَرة وعلي فوهتها إبتسامة عريضة , وإستيقظت في الصباح كالعادة متشوقة ماذا سيقول لها السَقا ... أخذهما السَقا , ولم يتحادث معها عن شيء , لكن بعد ما ملأهما , ووضعهما علي كتفيه , نظر إلي الجَرة المثقوبة وقال لها , أنظرى تحتِك وأخبريني ماذا تجدين ؟؟ قالت له الجَرة أري جانب الطريق الذي هو تَحتي مملوء بالأزهار والحشائش الخضراء . وعندما أنهي السَقا دورته الأولي , رجع بهما إلي البئر وملأهما بالماء وكالعادة بَدّل مكانهما , أي أنه وضع التي كانت علي اليمين في الدورة الأولي إلي ناحية الشمال في الدورة الثانية . وأثناء سيرهم نظر السَقا للجَرة المثقوبة وقال لها ماذا تجدين تحتِك , ردت عليه الجَرة المثقوبة أري تحتي الجانب الآخر من الطريق مملوء أيضاً بالأزهار والحشائش الخضراء. وهنا توقف السَقا ووضعهما في عَرض الطريق . وقال لهما :أريد أن تتعلما أنكما مهما إختلفتا في الشكل لكنكما تعملان عملاً واحداً وهو إسعاد وخدمة القرية , فالجَرة غير المثقوبة عملها نقل المياه إلي الأهالي لسد حاجاتهم و أما أنتِ يا جَرة يا مثقوبة فأنت تسقين جانبي الطريق المؤدي إلي القرية .... فأنتما تعملان عملاً واحداً في سبيل جعل القرية مدخلها مبهج , وسد إحتياجات عطش أهلها . أي أنتما الإثنين تُعتبران أعضاء في كيان ( جسد ) هذه القرية لكي تحيا وتستمر.
ما أعجبني في هذه القصة قول الساقي لهما بأن كل منهما عضوفي كيان القرية لكي يبقي شعبها مرتوي دائماً , كذلك نجد أن الجَرة السليمة لم تُدين الجَرة الغلبانة علي أنها مملوءة ثقوب , ولم تنظرإليها أنها تُهدر تعب السَقا , كما أنها لم يأتي علي فِكرِها بأنها هي المسئولة لوحدها في بذل هذا المجهود اليوم كله , فلو كانت الجَرة المُعيبة من غير ثقوب كانت عدد المرات الذهاب والإياب تقل إلي النصف, كما نتعلم أن أي من الجرتين لم تعتبر هي الوحيدة في تروية شعب القرية وزرع أراضيها ... فياليتنا نحن أعضاء جسد الرب الواحد أن نحذوا حذوتهما فلا ندين بعضنا البعض , متي 7 : 1 - 5 [ لا تدينوا لكي لا تُدانوا. لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تُدانون , وبالكيل الذي بهِ تكيلون يُكال لكم ...]
أما الصفة الثانية التي أبهرتني هو أن الجَرة غير السليمة لم تحسد الجَرة الأخري السليمة علي تجمع شعب القرية حولها ليستقوا منها , تاركينها مُهملة , ولا تسمع منهم إلاّ كلمات السخرية والإهانة . هل لنا القدرة علي هذه المحبة والمملوءة رحمة لإخوتنا في الإيمان ولإخوتنا في الوطن الواحد والتي أوصانا بها الرب يسوع ؟؟... فعندما نسترجع سؤال الرب الذي ألقاه علي الرجل الناموسي في لوقا 10 : 36 - 37 [ فأي هؤلاء الثلاثة تري صار قريباً للذي وقع بين اللصوص. فقال الذي صنع معه الرحمة . فقال له يسوع إذهب أنت أيضا وأصنع هكذا.]
نحن الآن في معركة إقناع الشعب المسيحي وإخواتنا المعتدلين من العقائد الأخري بإقتنائهم البطاقة الإنتخابية حيث بدأت فعلاً من أول الشهر الحالي و فتح الباب لكل من يستحق أن يحمل بطاقة , فعلي كل مِنا و من الآن أن يبدأ في إجراءات الحصول عليها , لأننا نعرف مدي أهمية البطاقات الإنتخابية لنا في المرحلة القادمة, فهي علي الأقل بمثابة معركة التحدي في تثبيت هويتنا كأقباط مسيحيين , معركة تحدي لإثبات وجودنا السياسي , معركة تحدي لإظهار قوتنا وتوحدنا .
أتصور إنها الفرصة الأخيرة لنا لكي نثبت وجودنا ونأخذ حقوقنا , فإن لم نستغلها سوف نعاني الأمرين ... |