بقلم: نشأت عدلي
2– النظام واستقراره
تألمنا جدًا مما لاقيناه من الجزائريين بعد هزيمتهم الأولى في مصر وأخذنا نُهلل ونُندد بما أحدثوه كرد فعل على هزيمتهم، واتهمناهم بالتعصب الأعمى على أفعالهم العصبية والغير مسئولة، وعندما هُزمنا في السودان لم يشفي غليلهم ما أحدثوه بمصر بل حملوا في قلبهم ما عجزوا إكماله عندنا وأكملوه على أرض بعيدة.. وهذا هو الظلم بعينه.
لقد رأينا دموع المضروبين فحنت أحشائنا لهم.. وهنا لا بد من تساؤل يطرح نفسه هل رأيتم الظلم الذي مارسوه عليكم وأنتم قلة؟؟، هل أحسستم بدموع المغلوبين على أمرهم؟؟، هل شعرتم بما تمارسوه من ظلم وقهر للأقباط وهم قلة عددية؟؟ هل قارنتم الذي حدث لكم بالذي يحدث مع أشقائكم أبناء البلد الواحد والمجاورين لكم في كل شبر من هذه الأرض؟؟
- التعصب الذي زرعناه بأيدينا وجناه أبناء لا ذنب لهم في كل ما حدث لهم، قد جنته مصر في أبنائنا واخوتنا (اللاعبين والمشجعين) وعانينا من الذي كنا نشكو منه دائمًا، عانى مشجعينا من إضطهاد من نوع آخر ومن ظلم ليس لهم ذنب فيه.. مثلنا نحن الأقباط وما عانيناه من هذا الظلم عينه، هذا الظلم الذي رأيته مترسمًا على ملامح كل الوجوه (الذعر والثورة في آن واحد، ثم الأنين والشكوى، والصراخ) لكي يأخذوا لهم حق آدميتهم التي أُهدرت والإستعانة بالمسئولين ليأخذوا لهم حق المهانة والظلم والرعب الذي عانوه.
- حالة التعصب المزمن الذي نعيش فيه هل هو تعصب لبلد نعيش فيه وننتمي له لذا ندافع عن مبادئه باستماتة وعن سلامة أراضيه بفداء الروح؟، أم هذا التعصب لمبادئ تساعد على رفاهية الشعب؟؟ أم هو تعصب للتعصب فقط؟؟
إن كنا نتعصب من أجل بلدنا فهذا شيء حميد جدًا نؤيد المبادئ التي تُساند العدل وتحارب الظلم في كل أوجه الحياة عليها..
نتعصب لأراضينا وحمايتها.. يصيبنا التعصب لبلدنا لأننا نرى كل شيء حسن بها، لا إستغلال نفوذ ولا ضرب الضعيف وتكسير سبل الحياة أمامه، لا استقواء بمناصب والتربح منها والكل يعمل لصالح المواطن بعيدًا عن الأغراض الشخصية.. هذا النوع من التعصب هو تعصب حسن جدًا.
- أم التعصب الموجود في بلدنا هو تعصب عقيدي تعصب لكل من يختلف معنا في العقيدة والعبادة، تعصب لمن يختلف في الرأي وإعتبار كل المختلفين معنا هم مارقين ومتمردين وكفار ونستبيح لأنفسنا القتل والنهب والإهانة والإعتداء دون أية ضوابط قانونية أو حتى أعراف قد إعتدنا عليها وعشنا بها كل أيامنا..
بمعنى أوضح هو تعصب ضد الأقباط في كافة وجوه الحياة ومحاربتهم بطرق خفية وظاهرة عيانًا للكل، بها بعض المشروعية (مشروعية الشر وإهانة كرامة الآخر وإذلاله) دون خجل أو حياء أو حتى في الخفاء بل علنًا للكل على أمل زرع الخوف في النفوس، وهم لا يعلموا إننا لا نخاف شيئًا.. لا نخاف أحكام ظالمة لإننا إعتدنا عليها ولا نخاف القتل والنهب لأنه بالنسبة لنا نعمة لا أحد يُقدرها أو يُدرك معناها الروحي لنا.
- التعصب الأعمى الموجود لدينا ليس له مقابل في الدول الغربية التي بها أقليات عربية ذو جنسيات ومعتقدات مختلفة عن العقيدة الرسمية لهذه الدول، ولم نسمع يومًا أن أحد قد أُهين أو وقع عليه ظلم، وفي قضية مروة الشربيني أكبر مَثل، وقضية الكشح والأحكام بالبرائة أو وقف التنفيذ على الذين قتلوا الكثير من الأقباط له مَثل آخر على العدل الذي يسود بلادنا بحسب معايرنا نحن، وليس بمعيار العدل المستند على مواد القانون الذي لا ينظر لهؤلاء على أنهم أقلية عددية بل ينظر على أنهم بشر يعيشون معهم ومع ذلك لم يتعلم الدرس هؤلاء المتعصبين.
- لم نسمع يومًا أنه قد منع أحد من بناء مسجدًا هناك، ولكنهم منعوا الميكروفونات التي تسبب إزعاج للسكان، فبناء أي مسجد لا يحتاج إلى مجهود أو قرار من رئيس الجمهورية أو وساطة المجلس المحلي أو موافقة من جيران المنطقة.....إلخ (هذه الشروط المجحفة لبناء أي كنيسة)، ولم نسمع أن أحد من الغوغائيين قد هجم على منزل هناك وقتل من به وهدم المنزل لإشتباهه أنه سيبني مسجدًا أو أنهم يصلون فيه تمهيدًا لبناء دار للعبادة.. مقارنة بما يحدث هنا في مصرنا.
- وأخيرًا.. لقد أدان كل مصري بل كل عربي حر التصرفات الجزائرية ضد كل إخوتنا سواء اللاعبين أو الزائرين... وتبارى الإعلاميون في إدلاء البيانات والتصريحات التي تُندد بما حدث، والمطالبة برد الفعل المضاد الذي يرد الحق لأصحابة، وكثير من المُطالبات والصرخات التي تبين أنه قد وقع عليهم ظلم شديد، والبعض الذي ينادي بحماية أبنائنا في الخارج ولم ينادي بحماية الأقباط الذين في الداخل.
ومن المفارقات المماثلة أن إذاعة السودان وإعلاميها قد أنكروا كل ما حدث لأبنائنا وأخذوا نفس نهجنا أمام كل ما حدث.
لكن إسمحوا لي، كل الظلم الذي حدث لإخوتنا في ديروط والمنيا والكشح وفرشوط...إلخ، هذه الكوارث هل رأينا مسئول واحد يتعاطف مع هذه الأحداث ويدلي حتى ولو بتصريح واحد ليشعر الأقباط أن هناك من يسمع أنينهم ويعرف كل ما يحدث لهم... لا أحـــد.
دائمًا نُطالب كل الهيئات أن تتعاطف وتقف معنا أمام كل مشكلة تواجهنا، ولكن هل هناك أحد قد طلب أن يقف بجوار الأقباط في كل ما يحدث لهم من مشاكل والمطالبة بحلها؟؟؟... انتهى. |