بقلم: ماجد سمير
بمنتهى السهولة يلاحظ أي شخص أن الإعلام في بلدنا عبارة عن موجات وموضات متتابعة ومتتالية دون هوادة أو رحمة، فجأة الكل يتحدث عن أنفلوانزا الطيور وأضرارها ومشاكلها وتشعر أن البلد من كثرة الحديث عن الطيور أصبحت مريشة، وإرسال القنوات التليفزيونية المختلفة والفضائية يتم نقله مباشرة من "العشة" وتأثير الإعلام يبدو واضحًا على الشعب الذي أضحى مكسور الجناح، وتستمر الموجات وتحمل الأفق هجمة إعلامية جديدة تتحدث مثلاً عن الفتنة الكروية القاتلة بين الأهلي والزمالك وتتلون البلد باللونين الأبيض والأحمر ويبدأ كل طرف في حشد الجماهير حوله ويعاير الفريق الفائز نظيره الخاسر وينسى الجميع المشاكل الخاصة بالوطن ويركزوا في الملعب وتفتي البلد كلها في الكورة التي تحولت إلى أفيون أدمن الشعب تعاطيه ولن يقلع عنه أبدًا.
وعن موجة أنفولانزا الخنازير حدث ولا حرج، فمصر كلها لبست الكمامة، والكمامة ربما تكون نجحت في حجب الفيروس عن الصدر والأنف وكل الأعضاء المعرضة للإصابة بالفيروس لكنها فشلت في حجبه عن المخ وتعطل التفكير بل وقف تمامًا وبات كل الناس بالقلق والخوف والرعب –ولهم كل الحق- لأن الصورة التي نقلها الإعلام للناس جعلت المصري يحلم بالتاميفلو أو اللقاح وأصبحت شعار المرحلة "أديني الحقنة بسرعة.. أرجوك محتاجة الجرعة"، وتسعى الحكومة دائمًا إلى تعضيد إدمان الإعلام وجعله الكيف الوحيد للشعب طبقًا لخطة "سرنجة لكل مواطن".
ولأن الموج "قلاب" مثل البحر اختفت تمامًا أنفلوانزا الخنازير عن الشاشات وصفحات الجرائد وسماعات الإذاعة وانطلق الجميع بلا إستثناء نحو أنفوانزا الجزائر والكمامة هذه المرة غطت المصري "من ساسه إلى راسه" وأصبح الثأر من الجزائر الشغل الشاغل لأبناء الوطن فردًا فردًا، ونسى الجميع أن المصري حقه مُهدر تمامًا في بلده، وهان على حكومته فهان على دول العالم والمسألة أن من لا سعر له في وطنه يُباع برخص التراب في الغربة وربما بلا ثمن الأساس، إهانة الجزائريون للمصريين في الجزائر والسودان كانت الجملة الرئيسية في كل وسائل الإعلام، ونسى الجميع ما يحدث للمصري في دول الخليج مثلاً ونسى أقسام الشرطة ومعاملة رجالها لبني جلدتهم التي أقل ما توصف بأنها سيئة ومهينة، فلماذا تعتبون على الأجانب عرب كانوا أو خواجات لإهانتهم للمصريين؟، وهو يتذوق الذل والإهانة في ركوبه المواصلات للذهاب لعمله أو مدرسته وجامعته أو غيرها، المر هو الطعم الوحيد في حلق المواطن عندما يقبض راتبه الذي لا يثمن من جوع ولو سألت أي فرد في أي وقت مالك أنت شارب إيه سيرد: شارب المر من كيعاني. |