بقلم: ايهاب شاكر
من ضمن قوانين المنطق الأرسطي (أي المنسوب لأرسطو) أن القضيتين المتضادتين لا تصدقان معًا ولكن قد تكذبان معًا، وأيضًا يرى المنطق الأرسطي أن القضيتين المتقابلتين بالدخول تحت التضاد لا تكذبان معًا ولكن قد تصدقان معًا، كما يرى أرسطو أنه من البديهي أن صدق الكل يستلزم صدق الجزء وكذب الكل يستلزم كذب الجزء.
لا تشغل بالك عزيزي القارئ بهذه النظريات التي قد تبدو معقدة بعض الشيء، لكن ما يعنيني منها هو هذا القانون الأخير والذي أريد التركيز عليه في هذا المقال:
"صدق الكل يستلزم صدق الجزء وكذب الكل يستلزم كذب الكل"
أو بتفسير أسهل "ما ينطبق على الكل ينطبق على الجزء"
في فجر يوم الإثنين الموافق 23/11/2009 امتدت يد الإرهاب المنظم إلى قرية أبو شوشة، وهي تبعد عن مركز نجع حمادي في محافظة قنا 25 كيلو شمالاً وهي بعيدة عن الأحداث الأخيرة في فرشوط ولا يوجد أي مبرر لتلك الأعمال الإجرامية والإرهابية التي دمرت ممتلكات الأقباط هناك.
ما أدهشني واسترعى انتباهي ـمع أنه أصبح لا يُندهش منه في بلادناـ أن كل أجهزة اعلامنا الموقر من تليفزيون محلي بقنواته المتعددة وفضائياتنا الرائدة الخاصة منها والحكومية وصحفنا بكل أصنافها القومية منها والمستقلة، لم تذكر أي تعليق عن هذا الإعتداء السافر أو عما سبقه من اعتداءات أخرى في فرشوط!!، مع إنه منذ موقعة الخرطوم الرياضية لم تصمت وسائل اعلامنا المتعددة لحظة واحدة عما حدث للمشجعين المصريين من اعتداءات في الخرطوم من قِبل المشجعين الجزائريين، على الرغم أننا جميعا أقباطًا ومسلمين تضافرنا في هذه القضية إلا أنه عندما تكون الإعتداءات على أقباط لا نسمع تعليقًا واحدًا أو شجبًا أو ما إلى ذلك مما نسمعه في أي مضمار آخر.
لن يكفي هذا المقال لكي أعدد طوائف الذين أصدروا تصريحات وكم الوقفات التي أُتخذت كرد فعل لما حدث للمصريين بالسودان، نقابة المحامين مثلاً أحرقت العلم الجزائري وطالبت بطرد سفير الجزائر من مصر، والشركة العربية للسينما ممثلة في "الفنانة إسعاد يونس" قررت قطع كل العلاقات الفنية مع الجزائر، مهرجان القاهرة الدولي السينمائي وقف وقفة احتجاجية لما حدث في السودان..... والكثير والكثير من هذه الإحتجاجات والوقفات التي لا مجال للحديث عنها كلها هنا.
ربما تتساءل عزيزي القارئ ما علاقة ما ذكرته في مقدمة المقال (عن أرسطو ومنطقه) بما أذكره من هذه الإعتداءات على الأقباط، لكن ربما يوضح سؤالي التالي ما أقصده:
سؤالي هو هل كرامة الجزء من كرامة الكل؟! فقد ثورنا جميعًا وثارت كل وسائل الإعلام المصري، بل وثار النواب في مجلس الشعب وكل الشعب بجميع أطيافه من أجل الإعتداءات على المشجعين المصريين، وقال السيد رئيس الجمهورية: إن كرامة المصريين من كرامة مصر، فهل يا سيادة الرئيس وهل يا اعلام مصر كرامة الأقباط من كرامة مصر؟
إذا كان الأقباط جزءًا من الشعب المصري فأين كرامتهم فيما يحدث لهم من انتهاكات واعتداءات على أعراضهم وممتلكاتهم وهي أحداث متكررة وأصبحت متقاربة جدًا، فبعد أن كنا نسمع عنها على فترات متباعدة أصبحنا نسمع عنها في فترات متقاربة جدًا حتى أن هذين الحدثين الأخيرين لم يمر بينهما شهر.
لذلك نطالب كمسيحيين بتطبيق قاعدة أرسطو "ما ينطبق على الكل ينطبق على الجزء" بعد أن فشلنا في المناداة في تطبيق القوانين والدساتير، نريد كرامتنا كأقباط كما كرامتنا كمصريين، لا بد أن تَجب -وهو لفظ خاص بالقانونيين يعني (تحتوي أو تشمل)- كرامة المصريين كرامة الأقباط.
إن كنا نثور من أجل كرامتنا كمصريين في كل المحافل الداخلية والخارجية فهذا يعني بالتبعية وبحسب المنطق الأرسطي، بل وكل أنواع المنطق أن نفعل بالمثل لأجل كرامة كل قبطي يُعتدى عليه على أرض المحروسة، أم هل سيكون لنا منطقنا الخاص كمصريين والذي لا يمت بصلة لا لمنطق أرسطو ولا لأي منطق آخر؟، أو ربما سنفسر المنطق كما فسره الفنان سعيد صالح في مسرحية "مدرسة المشاغبين" على أنه (لما تضرب واحد ويقع ما يحطش منطق) وبالطبع الواحد سيكون في حالتنا هذه هو القبطي، فهل سنظل هكذا حتى يسقط الأقباط بإستمرار دون أي منطق؟! |