CET 00:00:00 - 29/11/2009

مساحة رأي

بقلم: زهير دعيم
سيلفا فتاة سودانية يافعة في عمر الورود خرجت من بيتها إلى السوق القريب لتشتري احتياجات البيت "فتاة عادية"، تلبس كما تلبس الملايين من صبايا العالم تنورة وبلوزة ويراها من بعيد حماة حاكم الكهوف والعهد البائد والجاهلية والقرون الوسطى الذين لا يؤمنون ولا يُفكرون إلا بالمرأة والحريم والرُكبة، رأوها تتهادى بصباها الغضّ، بل بطفولتها الملونة، فهي لم تتجاوز ال16 من العمر، فإنقضوا عليها، وكيف لا؟ وهي عكرت النظام العام، وشوهت الإحتشام الخانق في عاصمة الدنيا ومحور الكون: السودان!!

تنورة وفي السودان!!
قد تظهر الرُكبة من يدري؟  إنها جريمة بل أكثر.
ما هذا يا حُرمة؟!

تنورة وما زلنا فقط في الألفية الثالثة؟
تنورة ؟!!! لماذا لا تتغطين من أم رأسك وحتى أخمص قدمك ها.....؟!!
 انك تُهيجين نزوات الرجال المتأججة، وتُثيرين الغرائز الكامنة، فأمثالك يملأن الجحيم.
 وتُساق المسكينة إلى القاضي وأظنه حافيًا أشعث لم يسمع بالشبكة العنكبوتية بعد ولا بناسًا، فيحكم عليها بخمسين جلدة تُلهب جسدها الغض الطري حتى تتعلم كيف تحتشم في دولة الإحتشام، وفي دولة الحضارة والثورة العلمية والصناعية والهايتك!!

 مهزلة، مسخرة، جاهلية.
لم يتعلم القوم من حادثة الصحفية لبنى حسين وصديقاتها، لم يتعلموا أن الشرف لا يتعلق بالغطاء والسُترة الموغلة في السترة، فكثيرًا ما تسير الخيمة المتحركة وهي تنضح نجاسة، وكثيرًا ما تسير غادة بالتنورة والشرف يتشرف بها.
لقد ترك القوم كل الأمور العالقة والفالتة والمواضيع المهمة وتعلقوا برُكبة المرأة.
سيلفا يا سادة مسيحية ودون الثامنة عشرة من عمرها، وهي لا تعترف بالشريعة بل تؤمن بشريعة المحبة -وهذا من حقّها- وتؤمن أن الطهارة تخرج من القلب لا من الرُكبة، وأن الشرف غير منوط وغير متعلق بسنتيمتر فوق الرُكبة.
سبق وصرخت لبنى حسين المسلمة ضد ارهاب حماة الإحتشام ، هؤلاء الحماة الذين في سوادهم الأعظم اعتنقوا وطبقوا المثنى والرباع قولاً وفعلاً، وما زالت عيونهم جائعة!!.

أين الحق وأين العدل في هذا البلد الفائر بالحضارة؟
أين العدل في "جرجرة" فتاة بل طفلة في السوق وأمام الناس وجلدها دون اعلام أهلها؟
أين نعيش يا سادة؟ 
ستبقى الجلدات الخمسون سياطًا تُلهب نفسية سيلفا، وستبقى رغم اعتناقها المحبة، جرحًا ينزف وينزف إلى أن يغير البشر، هذه القوانين الظالمة، المُظلمة، ويقتنعوا أن هناك اناسًا لا يؤمنون بالجّلد، اناسًا يؤمنون أن النجاسة تخرج من القلب لا من التنورة.
ألا يتعلم هؤلاء القادة؟!!
ألا يسمعون ويعون؟!!
ألا يعرفون ان تورا بورا وكهوف الأفغان أضحت أطلالاً؟!!
 جلد، جلدات ....كلمات تقشعر لها الأبدان وتجرح النفس حتى النُخاع.
 كلمات سوداء، قاتمة، لاهبة، حارقة، وحشية ..

والمضحك حقًّا هي الفكرة التي تراودني وأخاف ان يقرأها حماة الإحتشام: وهي الحشمة في الأكل، فلا طعام بعد اليوم في السودان إلا حبة تمر وكسرة خبز يابسة، ومن يخالف فالجلد سيكون من نصيبه، فلقد اعتدى على الإحتشام النفسي وجرح شعور الفقراء وهيَّج معدهم ونزواتهم وشهواتهم.
واضحك وكأني بالسودانيين -هذا الشعب الطيب- لا يأكلون إلا لحوم الضان المشوية ولا يشربون إلا الكوكا كولا، ويا ليتهم يفعلون فهم يستحقون.
الوقت مؤات لأن تطير هذه الخزعبلات من الوجود.
حان الوقت أن تتبخر هذه الأنظمة الظلامية من الدنيا، فالإنسان الذي لا يعشق الا القتام والسواد والنحيب والنعيب والوجوم، حر به أن يدفِن نفسه حيًا.
فالحياة فرح ومرح وعبادة للإله المحب.
سيلفا ... ثقي أن الجهل إلى انقضاء، وتنورتك أشرف من سراويلهم.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٧ تعليق