CET 00:00:00 - 30/11/2009

مساحة رأي

بقلم: يوسف سيدهم
تناولت الأسبوع الماضي واحدة من المطبوعات التي تروج للفكر الأصولي المتطرف والتي تطبع في مطبعة تعلن عن نفسها بالإسكندرية، وأكاد أقول إنها تطبع تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية، لأن كل من عمل أو شارك في عمل يتصل بالطباعة والنشر يعرف جيداً أن الأجهزة الأمنية تراقب عن كثب ما يتم طباعته في أي مطبعة وتتسلم نسخاً منه وتملك الحق والسلطة في مصادرة أي مطبوعة تري أنها تهدد الأمن العام أو تمثل خطورة علي السلام الاجتماعي.

إذاً كيف أفلتت المطبوعة الخطيرة-مقاس كف اليد-التي عرضتها من رقابة الأمن؟...وهل نستطيع القول إن هناك مطابع «بير السلم» التي تتولي طباعة مثل هذه المطبوعات دون أن ينتبه لها الأمن؟....حتي إذا فرضنا ذلك يظل التساؤل الصارخ: ألا تعلم الأجهزة الأمنية بأمر ترويج تلك المطبوعات في المواصلات العامة
وعلي الأرصفة حيث تفترش الأرض أمام المساجد وتجمعات الصلاة ظهر الجمعة، بجانب استمرار توزيعها علي قائدي السيارات والمركبات في إشارات المرور في شوارعنا؟.... ماذا تنتظر الأجهزة الأمنية لتبادر بمصادرة ذلك الفكر المدمر وتعقب المسئولين عن طباعته وترويجه؟... هل لأن ذلك الفكر ينشر التعصب والعداء ضد الأقباط خصوصاً وضد غير المسلمين عموماً تتقاعس تلك الأجهزة عن التدخل لإيقافه؟... وهل كانت تتحلي بنفس اللامبالاة لو كان التعصب والعداء موجهين ضد النظام الحاكم والشرعية الدستورية؟.... إن هذا التناقض بين رد فعل الأجهزة المسئولة إزاء ما يهدد أمن وسلام هذا الوطن يثير علامات استفهام وتعجب كثيرة.
ويؤكد حتمية ضخ رؤي سياسية في معالجة الأمور وعدم الارتكان فقط إلي الرؤي الأمنية.

أواصل اليوم استعراض النماذج المسكوت عنها والتي تروج للتعصب والكراهية في شوارعنا-فالمحزن أن الرصيد المتراكم في هذا الشأن ليس بالبسيط وما إن أبادر بفتح الملف حتي تأتيني رسائل القراء صارخة من شتي أوجه التطرف التي تعلن عن نفسها بمنتهي الجرأة في شوارعنا وهي مطمئنة أنه لا توجد مراجعة أو مساءلة أو إيقاف أو عقاب ستتعرض له جراء ذلك.. رسالة وصلتني من القارئ خ.ف. من طهطا بمحافظة سوهاج يقول فيها:

تعالوا معي إلي واحد من أكبر مساجد طهطا وهو جامع الحاج عبد العال الذي يشرف علي ساحل طهطا وترتفع مأذنته فوق سائر المباني المحيطة ومثبت عليها ثمانية مكبرات صوت يبلغ نطاق ما يصدر عنها مسافات متباعدة ومساحات مترامية الأطراف...إمام هذا المسجد دائم التعريض بالمسيحيين وبمقدساتهم ولا يكف عن التهجم والتهكم عليهم، وطبعاً خطابه المدمر هذا يصل إلي أسماع سائر المسيحيين الذين يسكنون في الجوار، بالإضافة إلي سائر المسلمين من المارة بالمكان أو المترددين علي المسجد لأداء فريضة الصلاة...الغريب أن هذا المسجد تابع لوزارة الأوقاف، أي أنه خاضع لإشراف الرجل المتنور الدكتور حمدي زقزوق وزير الأوقاف، فكيف يحدث ذلك ويتم السكوت عليه؟...والأكثر غرابة أن هذا المسجد لا يبعد سوي عدة أمتار عن مركز شرطة طهطا، مما يؤكد أن كل ما يصدر عنه يصل إلي أسماع القيادات الأمنية والعاملين في المركز لكنهم لا يحركون ساكنا ولا يتدخلون لإيقاف ذلك التجاوز والعبث، إذ يبدو أن دورهم ينحصر في التدخل - متأخرين جداً- عقب انفجار أي أحداث عنف من النوع الذي دأبوا علي وصفه بالأحداث الطائفية...ولكم أن تتصوروا مشاعر الغضب والمهانة التي تعتمل في نفوس المسيحيين في طهطا كلما أمطرتهم ميكروفونات هذا المسجد بوابل الكراهية والتعريض بديانتهم ومقدساتهم بين الحين والآخر، كما لا يفوتني أن أسجل إن الأمر لا يخلو من جريمة استعداء المسلمين علي المسيحيين وما تؤدي إليه من خلق النفور المتبادل بينهم وما يتبعه من تباعد وتوتر وميل إلي الانفجار علي أثر أي مستصغر شرر.

لست أكتب لكم عن خلية سرية تعمل تحت السطح أو تجتمع في الظلام للتآمر علي هذا المجتمع، بل أنقل لكم ما يعايشه في وضح النهار أهل طهطا ومسئولوها ويتم السكوت عليه بسلبية بشعة رغم خطورته.

هذا مضمون الرسالة التي وصلتني من طهطا بسوهاج وهي تؤكد أن منابع التطرف تمرح في شوارعنا ملء السمع والبصر ويتم غض النظر عنها من قبل المسئولين بلامبالاة عجيبة تبلغ حد الجريمة... وإلي أن يستيقظ ضمير أولئك المسئولين ويبادروا بنزع فتيل هذه القنبلة قبل أن تنفجر أهيب بصاحب الرسالة وبمسيحيي طهطا أن يتجاوزوا مشاعر الألم والمرارة وأن يلجأوا إلي الاحتجاج الإيجابي بمعاتبة جيرانهم وزملائهم وأصدقائهم المسلمين وأن يستعينوا بهم للتدخل لإيقاف ذلك العبث الذي سئمناه... هذا التوجه ليس بالعسير أبداً، فأنا أذكر خبرة عايشتها عندما بادر أحد أصدقائي المسلمين عقب أداء الصلاة في أحد مساجد القاهرة بالاحتجاج علي إمام المسجد وشجب ما قاله في خطبته المصاحبة للصلاة من تعريض بالمسيحيين ونعتهم بالكفار... فحتي تتحرك السلطة لأداء دورها الواجب عليها يمكننا أن نغير الواقع المختل بالاحتكام إلي الروابط الطيبة التي تجمعنا بإخوتنا المسلمين.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٣ تعليق