بقلم: ناهد صبري
لا أعرف لماذا تذكرت "سير باولا" مدرسة الدين التي كانت تدرس لي بالمرحلة الإعدادية، وقد كانت أيضًا مدرسة كيمياء بنفس المدرسة.
كانت راهبة إيطالية جميلة زي القمر وذكية جدًا، يعنى لو كانت قعدت في بلدها كان بقالها مستقبل مشرق على الأقل كانت عاشت في بلاد غنية، يا ترى إية اللي جابها مصر علشان تدرس علوم ودين؟
في وقت من الأوقات كانت سير باولا في طريقها للصعيد مع 3 راهبات أخريات في عربيه كانت سايقها هي، وربنا سمح إنهم يعملوا حادثة كبيرة جدًا، بصراحة أنا لا أعرف مصير الراهبات الأخريات لأني كنت وقتها في سن الحضانة، لكن ما أعرفه أن أسير باولا خرجت من الحادثة وهي جالسة على كرسي متحرك، كان هذا في إجازة الصيف، وعندما بدأت الدراسة مره أخرى وجدنا سير باولا أمامنا مفعمة بالنشاط لم يزد عليها إلا الكرسي المتحرك.
كانت سير باولا دائمًا ما تقول أن لكل إنسان صفاته (النفسية – العقلية – الجسدية) وأننا عادة ما ننكر ضعفاتنا وندافع عنها ونعتذر بها ونخفيها ونستاء منها، وهذا ما يمنع عن حياتنا النضوج النفسي، وبذلك تكون سير باولا قد علمتني أهم درس تعلمته في حياتي لأن ما نواجه من آلام وصراعات خلال حياتنا من الممكن أن يكون خطوة هامة تقربنا إلى الله والى بعضنا البعض، فاذا خلت الحياة من المشاكل والصعاب لأصبحنا مكتفين بذواتنا وصرنا منغلقين على أنفسنا، إلا أننا مدعوون لاكتشاف جوانب القوة غير الظاهرة فى طبيعتنا الأمر الذي لن يحدث إلا عندما نكون مستعدون لمواجهه كل ألم داخلي.
إنه لأمر مستحيل تقريبًا أن نحصل على النضوج النفسي والعاطفي دون اجتياز الألم، إذ أننا قد تشبعنا بثقافة السعادة الحسية مما يجعلنا نُصاب بالاضطراب والإحباط حين تعترض المتاعب طريقنا، فكثيرًا ما كانت قصص الأطفال تنتهي بالعبارة الشهيرة وعاشوا في "تبات ونبات".
ومن المؤسف أن البعض لا يدرك أهمية وقيمة مواجهة الواقع، لذا ترى الناس يهربون عن طريق العقاقير والمخدرات والعلاقات الآثمة، تلك الأمور التي لا تمنحنا السعادة والسلام ولكنها فقط تستر وتخفي مظاهر الاضطراب. |