CET 00:00:00 - 28/03/2009

مساحة رأي

بقلم- عماد توماس
انتشرت واستشرت شائعة فى مصرنا العزيزة، خلال الأيام الماضية زعمت بوصول رسائل واتصالات هاتفية خارجية"من دول اجنبية" على التليفون المحمول، ويترتب عليها " إصابة متلقيها بصداع شديد يعقبه الاصابة بنزيف فى المخ والوفاة"  وزيادة فى "الحبكة" فقد قيل انه توجد حالات اصابه من جراء تلك الاتصالات بمركز ملوى بمحافظة المنيا بالإضافة لإصابات بمحافظتى القاهرة وقنا !!
و قال لى أحد الأصدقاء أن منشورا تم توزيعه على مديريات وزارة الصحة والمستشفيات يحذر من خطورة الرد على اى مكالمة خارجية لعدم التعرض لانتقال الفيروس "الموبايلى" إلى جسم الانسان !!

تنمو الاشاعة كظاهرة اجتماعية وتنتشر في المجتمعات الشرقية القريبة من خط الفقر حيث ينتشر الفقر والجهل والبطالة ، ورغبه الإنسان العارمة في الإيمان بتصديق كل شئ بدون إعمال العقل والتفكير المنطقى، حيث يسود جو ملغم بالغيبيات وقبول المسلمات بدون إدراك ووعى وعدم التروى والبحث فى أصول ما يستمعون إليه. والمبالغة والتهويل او التشويه فى سرد الأشياء.
 وتجد الاشاعة ضالتها فى وسط هذا الجو المغيب فتنتشر وتسود وتسيطر ويصبح من الصعوبة قلعها بعد انتشارها، رغم ان المنطق البشرى يقول أن الفيروس "التقنى" لا ينتقل إلى جسم الانسان.

وآى إشاعة تتطلب "حبكة" قصصية وأصلا يُرجع إليه، فالبعض ردد عن وجود ثلاثة اصابات فى مدينة ملوى بالمنيا، آخرون قالوا ان هناك منشور تم توزيعة فى وزارة الصحة، والبعض ردد انها "جاءت على النت"  وتنتقل الروايات والحكايات من شخص لأخر ومن مجتمع لأخر ومن وسيلة لاخرى، فيتعامل الجميع بعد ذلك على أن الحدث حقيقة مطلقة لا تقبل الشك !!

وهذا النوع من الإشاعات هدفه نشر روح الخوف فى وسط المجتمعات واثارة الرعب بين المواطنين، ونشر فكر المؤامرة واستهداف الخارج لنا فى كل شر يحيط بنا، وربما تبدأ الإشاعة بدعابة او خبر غير مؤكد او ثرثرة بين اثنين ثم تنتقل إلى  وسائل الإعلام وتعبر عبر الانترنت فى منتديات الحوار وساحات الدردشة والمواقع الالكترونية وتصبح كالنار فى الهشيم.

وطالما عانى مجتمعنا المصرى من انتشار شائعات طائفية تثير الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، فتارة تسمع عن شائعة بناء كنيسة، أو أسلمة احد المشاهير، أو ما  قيل عن تحول الفنان محمد صبحى للمسيحية، أو انتشار شائعات اجتماعية مثل شائعة  عوده الفنان صلاح قابيل للحياة بعد وفاتة ودفنه فى القبر أو شائعة وفاة  فنان معين، وآخر هذه الشائعات فى عالمنا العربى التى ترددت منذ عدة أيام قليلة، شائعة أسلمة المطرب جورج وسوف والمطربة اللبنانية دومنيك حوراني، وأخر الاشاعات الساخرة التى سمعتها  شائعة أسلمة المطرب ايهاب توفيق (رغم انه مسلم) !!

والصعوبة فى التعامل مع الاشاعة  ينبع  فى طرق المقاومة  فليس كافيا أن تكتب مقالا فى جريدة أو على الانترنت –لأنهم لا يقرأون- أو تثير فكرهم وتتحدى ذكاءهم-لأنهم لا يفكرون- أو تناقش الظاهرة فى برنامج علمى فى التلفزيون-لأنهم لا يشاهدون- مثل هذه البرامج التى تخاطب العقول
كذلك دور وسائل الاعلام المنوط بها رفع وعى المشاهدين وتحذيرهم من أى إشاعات،وبث برامج هادفة لانارة العقول وليس تغيبها، وهو ما فعلة برنامج "البيت بيتك" فى تحذير المواطنين، وإن كان التحرك، كان بعد أن انتشرت واستشرت الاشاعة وسببت قلقا ملحوظا بين المواطنين.

ولا بديل عن الدور الأمنى الرادع فى ردع كل من تسولت له نفس ببث الرعب فى نفوس المواطنين الآمنين، وحسنًا فعلت وزارة الداخلية عندما أصدرت بيان نفت فيه  شائعة ورود  رسائل على المحمول تتسبب فى صداع شديد يعقبه وفاة.

ونقول فى النهاية، العلم يرفع شأن الامة، وإعمال العقل والتفكير الموضوعى هو الطريق لمقاومة الإشاعات والخرافات، وامتحان كل شئ واجب ضرورى والتمسك بالصحيح أمر مطلوب. حتى لا تتكرر الظاهرة كل بضع شهور ولا نتعلم من دروس الماضى ويُعيد التاريخ نفسه ولكن فى أسوأ أحداثة وكأننا لا نتعلم أبدا من أخطائنا وخطايانا !!
ما أجمل ما قاله شاعرنا العربى الكبير المتنبي، أبو الطيب أحمد
" ذو العقلِ يَشقى في النعيمِ بعقلهِ وأخو الجهالةِ في الشقاوة يَنْعَمُ "!!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق