بعد أكثر من ثلاثة أشهر من المداولات مع كبار مستشاريه كشف الرئيس الأمريكي باراك أوباما أخيرا عن استراتيجيته الجديدة لإنهاء الحرب ضد طالبان وتحقيق الاستقرار في أفغانستان.وأعلن أوباما عن أسرع عملية نشر قوات لثلاثين ألف جندي إضافي يتم إرسالهم على مدى ستة أشهر في أوائل عام 2010.
جاء ذلك في خطاب يعد واحدا من اهم خطاباته الرئاسية، ألقاه في أكاديمية وست بوينت العسكرية المرموقة في ولاية نيويورك.وقال أوباما إن مهمة هذه القوات هي تفكيك تنظيم القاعدة في أفغانستان وباكستان.
وبذلك سيصل عدد الجنود الأمريكيين المنتشرين في أفغانستان إلى نحو مئة ألف جندي،وتقدر تكلفة هذه التعزيزات العسكرية نحو 30 مليار دولار.وأضاف أنه يخطط لبدء سحب قوات بلاده من أفغانستان في عام 2011.
ودافع أوباما عن الحرب مصرا على أنه لا وجه للمقارنة بينها وبين حرب فيتنام، مؤكدا أن الأمن العالمي في خطر.وطالب الدول الأخرى بإرسال تعزيزات عسكرية مؤكدا أن الحرب "ليست حرب الولايات المتحدة وحدها".
وقد رحب الجنرال ستانلي ماكريستال قائد القوات الأمريكية في أفغانستان بخطاب الرئيس قائلا إنه قد كلفه "بمهمة عسكرية واضحة"، وأمده بالموارد اللازمة.
ويقول ماثيو برايس مراسل بي بي سي إن البيت الأبيض يريد إيصال رسالة بأن هذه الحرب هي حرب باراك أوباما، وأن الرئيس الأمريكي واضح في الأهداف التي يريد تحقيقها بهذه الحرب.
تهديد طالبان
وبالتأكيد على أن الولايات المتحدة موجودة في أفغانستان بسبب هجمات مسلحي القاعدة في الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، قال الرئيس الأمريكي إن حلفاء هؤلاء المسلحين في طالبان قد "بدأوا في فرض سيطرتهم على قطاعات في أفغانستان"، فيما يرتكبون "أفعالا إرهابية مدمرة" ضد باكستان.
وأضاف أوباما أن القوات الأمريكية كانت تفتقر إلى "الدعم الكامل الذي تحتاجه لتدريب قوات الأمن الأفغانية بكفاءة، ولأن تكون شريكة لها وتضمن أمن السكان بطريقة أفضل".
وأضاف أوباما أنه مدرك لمدى خطورة القرار إلا أنه حث الأمريكيين على عدم اعتبار هذه الحرب حرب فيتنام ثانية.فالولايات المتحدة يدعمها "ائتلاف عريض مكون من 43 دولة، ولا تواجه تمردا شعبيا واسعا".
ومضى قائلا "والأهم من ذلك إنه على عكس فيتنام فالأمريكيون قد تعرضوا لهجوم شرس من أفغانستان، ويظلون مستهدفين من قبل نفس المتطرفين الذين يضعون الخطط من مواقعهم على حدودها".ودعا أوباما حلفاء بلاده لتعزيز التزاماتها العسكرية هناك قائلا "إن أمن حلفائنا والأمن العالمي في خطر".
وأضاف أن الولايات المتحدة ستتخذ من تجربة العراق نموذجا لانسحابها من أفغانستان، بحيث يتم ذلك بمسؤولية وبأخذ جميع الأوضاع على الأرض في الاعتبار.
وتعهد الرئيس الأمريكي بالمضي في تقديم الخبرة والمساعدة لقوات الأمن الأفغانية محذرا من أنه "سيكون واضحا أمام الحكومة الأفغانية، والأهم أمام الشعب الأفغاني أنهم سيكونون في النهاية المسؤولين عن بلادهم"."فقد ولت أيام تقديم الشيكات على بياض".
ومن الأولويات الأخرى التي أوردها أوباما في خطابه "تعزيز الأمن الأمريكي في الداخل، ومنع وقوع المواد النووية في أيدي الإرهابيين، وبناء علاقات أفضل مع العالم الإسلامي".
وفي أول رد فعل رحب حلف شمال الأطلسي بإعلان أوباما وأعرب الأمين العام للحلف أندرس فوغ راسموسن عن ثقته"بان حفاء
الولايات المتحدة سيزيدون مساهمتهم العسكرية في افغانستان.
وتوقع أمين عام الناتو المواففقة على إرسال خمسة آلاف جندي إضاف من الحلف إلى أفغانستان استجابة لطلب أوباما من حلفائه الأوروبيين المساهمة بنحو 5000 ـ 10 آلاف جندي إضافي.
قلق في الداخل
وكان الرئيس الأمريكي قد أطلع الرئيس الأفغاني حامد كرزاي على استراتيجيته الجديدة في مكالمة هاتفية على مدى ساعة كاملة من خلال دائرة تليفزيونية مغلقة.
وأعلن البيت الأبيض أن أوباما قد أبلغ كرزاي أن الجهود الأمريكية في أفغانستان ليست "بلا حد"، وسيتم قياسها بالأهداف على مدى عامين.
وكان اشتداد العنف ـ حيث قتل أكثر من 900 جندي أمريكي في أفغانستان"، والانتخابات الرئاسية سيئة السمعة في آب/أغسطس الماضي قد أثارا معارضة متعاظمة في الداخل للحرب التي دامت 8 أعوام.
إلا أن فرنسا قد استبعدت تماما نشر مقاتلين هناك رغم أنها قد تقوم بإرسال مدربين عسكريين، فيما قالت ألمانيا إنها ستنتظر حتى انعقاد مؤتمر في لندن حول أفغانستان في 28 كانون الثاني/يناير 2010 قبل اتخاذ قرار بشأن إرسال قوات إضافية.
وأعلنت بريطانيا الإثنين أنها سترسل 500 جندي إضافي، مما سيرفع عدد قواتها هناك إلى 10 آلاف.
كما أعلنت إيطاليا أنها ستعزز قواتها هناك إلا أنه لم تحدد العدد. |