CET 00:00:00 - 28/03/2009

مساحة رأي

بقلم- نبيل المقدس
قبل تقريباًَ شهرين كنت عندما أستعد للخروج خارج المنزل, أختار البنطلون الذي يتناسب لونه مع لون الجاكت... كما كنت أهتم بإختيار القميص الذي يتوافق مع موديل الجاكت، كانت عملية الإختيار فيها شيء من السهولة... مجرد الإمعان في الشكل أو اللون.

الآن وبعد إنتشار العملات المعدنية بكثرة بدلاً من الصكوك الورقية أصبح عليّ أن أختار البنطلون أو الجاكت الخالي من الجيوب المثقوبة أولاً، ثم بعد ذلك يتم الإختيار طبقاًَ بما سبق وذكرته.

فقد كنت لا أهتم كثيراً بإرسال البنطلونات أو الجاكتات ذات الجيوب المثقوبة والمفضوحة إلى الترزي لكي يعيد تجديد خياطتهم إلا بعد ما يصل قطر الثقب مساوياً لقطر علبة "كانز" المشروبات الغازية.... فقد كان الموبايل هو أصغر الأحجام الذي تحتويه جيوبنا المثقوبة ولا ينفذ منها إلى المجهول (كل ده بسبب درهمة الجنيه المصري)!!

تعودت أن أوزن نفسي طالما أجد أمامي أو في طريقي ميزان لقياس الوزن، فأنا أهتم جداً بموضوع السمنة... قال يعني... لسه شاب بأحاول أن أكون وسيماً في الشكل، ومتناسقاً في الجسم ... كنت قد وزنت نفسي في صيدلية بجوار بيتي، فكانت القراءة مناسبة جداً حيث كانت 74 كجم، وهذا هو المعدل المثالي لي... وبعد أسبوع كنت ماراً بجوار نفس الصيدلية، ولأن صاحب الصيدلية صديق دخلت عنده، وأخذت أوزن نفسي كالعادة.

وإندهشت جداًَ عندما أشار المؤشر بزيادة حوالي 400 جرام، رجعت إلى المنزل وأطلعت على جدول نوعيات الأكل وجدت نفسي أنني كنت ماشي على النظام المدون في جدول "الدايت"... رجعت بذاكرني لكي أفتكر أنني أهملت أو تكاسلت في مواعيد التدريبات السلبية (السير علي الأقدام لمدة ساعة) وجدت نفسي لم أخالف التعليمات... إزدت يأساً.

دخلت حجرتي لكي أستبدل ثياب الخروج بثياب النوم, إذ بي أسمع أصوات رنات متتالية نتيجة تساقط العملات المعدنية على أرضية الحجرة... والعجيب شاهدت العملات تجري على سيفها بحرفنة وإتزان عجيب... حتى إنني لم أستطع ملاحقة أية منها.... إنتظرت بعد هدوء الحالة، وإستقرار العملات في الأماكن التي إختاروها... البعض "تكحرت تحت السرير"، والآخر إستقر تحت الدولاب... والقليل الذي وجد أسفل قدماي الراحة والسكون, فكان من السهل إلتقاطه.

إنكسر ظهري في تجميعهم مرة أخرى... ثم أتيت بكوب (ماج) ووضعتهم فيه... من هذه اللحظة عرفت سبب زيادة وزني (كل ده بسبب درهمة الجنيه المصري)!!

بعد تطبيق قانون حزام الناسف نفسياً ,آسف أقصد (حزام الآمان)... تعودت قبل أن أستقل سيارتي, وأكون ناوي أملأ بنزين أُجهز قيمة البنزين في جيب الجاكت... هذه المرة وضعت في جيبي حوالي 7جنيهات معدنية والباقي أوراق نقدية... بعد ما زودت التانك وعند الحساب لم أجد إلا الأوراق المالية في جيبي... أما النقود المعدنية فقد أخذت طريقها إلى "بطانة" الجاكت لوجود ثقب في الجيب لم ألاحظه من قبل... المشكلة أن النقود التي معي لا تكفي قيمة البنزين الذي أخذته... طبعاًَ لكي أخرج النقود المعدنية من "بطانة" الجاكت محتاج لواحد ترزي... كان موقفي صعب جداًَ أمام عمال محطة البنزين... ولولا أنهم يعرفونني لأني زبون دائم لكان يومي طين (كل ده بسبب درهمة الجنيه المصري)!!

لسه من أسبوع رحت للميكانيكي لعمل صيانة على الماشي لسيارتي... "الموضوع بسيط يا باشمهندس": ده كلام الأسطي حسن ليّ: قلت له "خير"، قال لي: "معاك رُيعين معدن؟؟" قلت له "معي الكثير... هو أنت هتشتري بيهم ايه؟؟"، قال ضاحكاً أبداًَ يا باشا هنستخدمهم وردتين للمسمار اللي تحت بوجي العجلة.. (كل ده بسبب درهمة الجنيه المصري)!!

 من يومين... كنت أسير في إحدى الشوارع أمارس رياضة السير... وجدت مجموعة من الطلبة تتراوح أعمارهم ما بين 12 إلى 15 سنة... تاركين شنطهم على الرصيف, وأفاجيء بهم يلعبون لعبة البليّ... لكن ما صعقني أنهم بدلاًَ من أن يستخدموا البليّ في اللعب, وجدتهم يستخدمون العملات المعدنية الجديدة, وكل من ينجح في الوصول إلى الحفرة أولاً حلال عليه العملات الموجودة على أرض الملعب... لعبة قمار مستترة.. (كل ده بسبب درهمة الجنيه المصري)!!!

 هل معنى هذا أن نظام الرُزم التي كانت تقوم به البنوك سوف يتغيّر ويستبدلون ماكينة عد الأوراق المالية بميزان حساس لوزن العملات المعدنية على أن كل قيمة وزنة تدل على قيمة المبلغ، وبناء على ذلك سوف يأتون بأكياس، كل كيس مكتوب عليه قيمة المبلغ المودع فيه، فمثلاًَ نقول هذا كيس بـ 10 "جناهم" على وزن دراهم (جنيهات)... وهذا كيس بـ 50  "جنهم" على وزن درهم (جنيه)... وهكذا حتى نصل إلى عصر أكياس الدراهم والدنانير والتي كانت تتداول في بلاد العرب قديماً. 

أنا لست ضد هذه العملات المعدنية... فهي كانت موجودة في مصر حتى عهد غير بعيد.. لكن كانت العملة وقتها لها قيمتها الشرائية... فكانت العملة المعدنية ذات الخمسون قرشاً تكفي لشراء كيلو لحمة بتلو... وهذا يعني لو خرجت من منزلي ومعي خمسة قروش سوف تكفيني اليوم كله من مواصلات والجلوس على القهاوي وشرب الشيشة والشاي وشراء بطيخة نمس أمريكاني أفرح بيها العيال وأم العيال...

 الآن تركت المحفظة وطلبت من الست أم محمود بائعة العيش والتي تفرش بجوار عملي أن تصنع لي كيساًَ مثل ما لديها, والتي تحزمه بدوبارة بطريقة سريعة فنية وتضعه تحت إبطها، وأي واحد جدع لا يتجرأ سحب الكيس من تحت إبطها!!! أرجع وأقول "كل ده بسبب درهمة الجنيه المصري"!!.  

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٣٤ تعليق