CET 00:00:00 - 03/12/2009

مساحة رأي

بقلم: ماجد سوس
في صباح يوم 10 فبراير 1977 توجهت إلى مدرستي بالأسكندرية، وكانت الحصة الأولى لغة عربية فإذا بالمدرس -وهو مسلم- وقبل أن يبدأ الدرس يطلب من المسيحيين القيام، فتهامسنا نتساءل ماذا يريد منا؟ وماذا فعلنا حتى يريدنا الوقوف أمامه؟ فإذا به يقول بصوته الجهوري إن باباكم -يقصد البابا شنودة الثالث- رجل عظيم لقد شاهدته يتحدث بالأمس، إنه مُفوّه جبار وطني حقيقي وإذا أخذت الدولة بآرائه ومقترحاته التي قالها بالأمس أمام رئيس الجمهورية لانصلح حال الوطن وعاش المسلمون والمسيحيون كنسيج واحد ولا يستطيع أحد أن يضرب وحدتنا الوطنية.

وكان الرئيس السادات قد دعى إلى عقد مؤتمر إسلامي مسيحي في التاسع من فبراير 1977 حضرة قداسة البابا شنودة الثالث وأعضاء المجمع المقدس وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وشيوخ الأزهر. تحدث شيخ الأزهر أولاً ثم تحدث قداسة البابا بكلمة عظيمة هزت مصر كلها وارتفعت معها شعبيته بين الأخوة المسلمين في ذلك اليوم جدًا. في هذه الكلمة قال مقولته الوطنية الشهيرة "مصر وطن لا نعيش فيه بل يعيش فينا"، وقدم مقترحات اعتبرت –وما زالت- ورقة عمل لإنقاذ الوطن، وهي وإن طرحها منذ إثنين وثلاثون عامًا إلا إننا ما زلنا في حاجة إليها اليوم بشدة.
وأود عزيزي القارئ أن تتأمل معي بعض من كلماته الذهبية لترى وتحكم بنفسك عما قدمه ويقدمه بطريركنا العظيم منذ إعتلائه سدة رئاسة الكنيسة المصرية الوطنية، وقد أضفنا مقتراحات أخرى أود لو تحقق الحلم وأخذت الحكومة المصرية بها. أدعو كل مناضل قبطي وطني أن يعمل على وصول صراخنا إلى تلك الحكومات الصماء:

أولاً: المقترحات التي قدمها قداسة البابا شنودة:
1- اقترح قداسته بتكوين لجان مشتركة بين المسيحيين والمسلمين.
قال قداسته: "أود أن أقترح كناحية من تأكيد الوحدة الوطنية أن تكون هناك لجان دائمة مشتركة بين رؤساء القادة الدينيين في الإسلام والمسيحية، وأن تجتمع بإستمرار وتناقش ما بينها من أمور، لأن المثل يقول "البعد جفوة" وأنا واثق، كلما فهمنا بعضنا البعض بأسلوب أوسع كلما كان لهذا الأمر تأثيره على أولادنا من المسيحيين والمسلمين".

2- اقترح بإعادة النظر في التعليم الديني.
قال قداسته: "حسنًا أن تهتم يا سيادة الرئيس بالتعليم الديني. واقتراحي في هذا الأمر إن التعليم الديني لا يكون نصوصًا أو مجرد أفكار إنما نتكلم عن روح الدين أكثر من نصوصه ونتكلم عن الدين كحياة يمتصها الإنسان وليس كمعلومات يحشو بها فكرة. وقد قال السيد المسيح: "الكلام الذى أقوله لكم هو روح وحياة" (يو6:63)، وقيل في الإسلام "إن الدين هو المعاملة" ونريد أن يحيا الناس الدين وليس فقط يحفظونه. الدين يملأ قلوبهم ويعيش في حياتهم ويعلمهم الطاعة ويعلمهم إحترام من هو أكبر منهم، فهو يعلمهم الفضيلة مطبقة في الحياة اليومية وليس مجرد أفكار. وأسوأ ما يأخذة الناس عن الدين أن يظن البعض أن الدين هو التعصب ويظن أن محبته لدينه تدعوه إلى كراهية الأديان الأخرى أو محاربتها. نريد الإنسان المتدين الذي يحب الجميع".

3- اقترح بوجود كتب دينية مشتركة.
قال قداسته: ما زلت أقترح أنا شخصيًا لا مانع عندي من أن أشترك مع إخوتي شيوخ المسلمين في وضع كتب دينية مشتركة، فمن الممكن أن نضع معًا كتبًا ضد الإلحاد فنحن نؤمن بوجود الله. ويمكننا أن نضع كتبًا عن صفات الله الحسنى، يمكننا أن نضع كتبًا عن التوحيد فنحن نؤمن بإله واحد وإن كنا نقول بإسم الآب والإبن والروح القدس إله واحد أمين. ويمكننا أن نؤلف كتبًا معًا في الفضيلة والأخلاقيات، يمكننا أن نؤلف كتبًا في الوطنية وفي قضايا بلادنا. يمكننا أن نشترك في هذه الأعمال ويرى عامة الشعب ويرى الطلبة أبنائنا مسلمين ومسيحيين كيف أن أسماء قادة الدين المسلمين والمسيحيين يشتركون معًا في كتاب واحد".

4- اقترح ببث روح الحب في كافة المعاملات.
وقد ختم قداستة كلمته بالإقتراح العظيم أو كما قال الكتاب بالوصية العظمى، وصية المحبة فقد قال قداسته: "يمكننا أن ندخل في وسائل عملية كثيرة نربط بها بين المسيحي والمسلم ونحيا حياة مشتركة. وثقوا أن الحب هو أقوى من القانون. ففي المسيحية يقول الكتاب المقدس "الله محبة من يثبت في المحبة يثبت في الله" يو4:16
هذه هي المقترحات الأربعة التي طرحها قداسة البابا أمام الرئيس السادات وكبار رجال الأزهر، وقد علق الرئيس قائلاً "أشكر لقداسة الباب هذه الكلمات الرائعة وإن ما تقدم به قداسة البابا من اقتراحات كانت تجول فعلاً بخاطري(!!)
فأما عن اللجنة فإننى أوافق تمامًا وسأكلف رئيس الوزراء لكي تأخذ دورها، وأما عن الكتب فإننى أتفق معه تمام الإتفاق، إن إسلوبًا جديدًا يجب أن يُكتب به لأبنائنا. وأن تكون هناك كتب مشتركة هذا شيء رائع"..
وهكذا وافق الرئيس السادات على كل مقترحات قداسة البابا ولكنه لم ينفذ منها شيئًا.

ثانيًا: المقترحات التي نقدمها اليوم:
1- بخصوص اللجنة المشتركة التي اقترحها قداسة البابا، نقترح أن يكون هناك مجلس قومى للوحدة الوطنية وحمايتها ويصدر بتشكيله قرار جمهورى ويكون له الصلاحيات الواسعة في التدخل لحل المشكلات وعقد المؤتمرات وورش العمل بين الشباب المسلم والمسيحي وأن يكون له فرع في كل مدينة وقرية
2 - إنشاء تكتل قومي على غرار التكتلات الدينية، ويضم فيه قيادات شابة معتدلة من الطرفين ويكون له توجه وبرنامج قومي ويُنَاقش فيه مشكلات الوحدة الوطنية بكل صراحة وكيفية حلولها، فيكون هناك الإخوان المصريون بدلاً من الإخوان المسلمون.

3- إعادة صياغة المواد الخاصة بمجلسي الشعب والشورى والمجالس المحلية في الدستور والقانون، فتُزاد نسبة التعيين ويحدد القانون على سبيل الحصر عدد الأعضاء الأقباط –كما تم مع السيدات- ورؤساء الأحزاب، دون أن تُترك لهوى الحكومة.
4- إدخال عضو قبطي في تشكيل كافة اللجان العليا الخاصة بالتعيينات بالمناصب الحساسة بالدولة كالقضاء والمخابرات والجيش وأمن الدولة وكليات العسكرية ووزارة الخارجية وخلافه، لضمان أن تكون التعيينات عادلة مبنية على مبدأ الكفاءة، على أن يتم تعيين قبطي على الأقل في أجهزة أمن الدولة ومديريات الأمن في كل محافظة.
5- عمل استمارة أو بطاقة خاصة تستخدم فقط في الزواج والميراث أوعند الوفاة وهي فقط التى يثبت فيها خانة الديانة، فتكون كشهادة الميلاد أو وثيقة الزواج، يحتفظ بها الشخص ويخرجها عند اللزوم فقط. أما البطاقة الشخصية أو العائلية فتُلغى منها خانة الديانة وهي التي تُقدم عند التعيين في الوظائف أو الترشيح لأي جهة أو في أية إنتخابات.

6- إنشاء إعلام يُوجه فقط لحماية الوحدة الوطنية، يظهر فيه رجال الدين من الطرفين يتحدثون عن قبول ومحبة الآخر والعمل على الحفاظ على وحدة الوطن وتدخل فيه برنامج وأفلام ومسلسلات ومسابقات كلها تخدم الهدف.
7- تفعيل قرارات وزير الداخلية السابق، بعدم لصق أو وضع أي ملصقات دينية أوطائفية على السيارات. على أن يُسمح فقط بالملصقات القومية الوطنية. وتعمل الحكومة أو تشجع على طباعة شعارات وملصقات وطنية تُباع بأسعار رمزية. ونقترح عمل مسابقة لاختيار شعار قومي وطني للمرحلة القادمة.
8- تغيير النشيد الوطني ليكون أكثر حماسًا ويناسب حال الوطن كأغنية "يا أغلى اسم في الوجود" أو عمل نشيد جديد توضح فيه كلمات عن حماية الوطن وحماية الجبهة الداخلية.
هذه بعض وليست كل المقترحات من أجل إنقاذ هذا الوطن، وأدعو كل شخص أن ينشر تلك الإقتراحات في كل مناسبة حتى لا يأتي الوقت الذي نتباكى فيه على الفرص التي وهبها الله لنا لنعيش معًا في وحدة وطنية حقيقية وننقذ ما تبقى من حطام الوطن. فهذا نداء إلى كل مصري. فهل من مجيب؟.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٨ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق