CET 00:00:00 - 04/12/2009

حوارات وتحقيقات

قامت بالزيارة : نرمين رضا – خاص الأقباط متحدون
في صباح يوم أحد خرجت لزيارة دير القديس العظيم الأنبا بولا بالبحر الأحمر، واستغرقنا ساعات عديدة ومررنا بين جبال شاهقة الارتفاع بعضها يحمل ألوان مختلفة رسمتها الطبيعة بصورة جميلة بطول الطريق المليء بالمرتفعات والمنحنيات، مما يدل على مشقة وعمق السير في الصحراء، وعلى الرغم من محبي تسلق الجبالالتطور الذي وصلنا إليه الآن إلا أن الطريق صعب، فكم من بعد وعمق الدير داخل الجبال حتى تسير فيه السيارات لساعات طويلة، مما يدل على عظمة قديسينا الذين تركوا العالم كله ليعيشو في البرية الوعرة بطبيعتها القاسية طالبين حياة الطهارة والنسك.
وقت وصولنا للدير أحسسنا أننا في عالم آخر هادئ جدًا وفي غاية الالتزام، وعلى الرغم من بساطته إلا وأنه منظم ومنسق.

اصطحبنا أبونا إليشع "أحد رهبان دير الشهيد العظيم الأنبا بولا"، وقام بتوضيح تاريخ الكنيسة الأثرية والأيقونات والجدران، والتف حوله الزائرين من كل المحافظات لالتقاط الصور معه، وكان في غاية الاتضاع والفرح بالزائرين.

كما ذهب بعض محبي تسلق الجبال إلى ممارسة هوايتهم بافتقاد المناطق الأثرية فوق الجبال التي تحيط بالدير، كما هو موضح بالصورة.

الفتية الثلاثةوبعض الأسر قامت بعماد أطفالها الرضع داخل المعمودية لنوال بركة الدير العظيم، حيث يعد الدير من الأديرة الأثرية، ويضم كنيسة أثرية باسم الأنبا بولا بها جسد وهيكل بجوار المغارة التي كان يعيش فيها الأنبا بولا وصورة المسيح مع الملائكة في القرن الـ13, ومداخل بداية القرن الـ18 تضم رسومات، وثلاثة صور للأنبا بولا والأنبا انطونيوس، كما يوجد بالدير عين باسم "عين مريم" وهي موجوده منذ 300 سنة، وأيقونة للفتية الثلاثة، ومنذ 60 عام بدأ الناس يترددون على الدير.
وخلال زيارة الدير تفقدنا المكتبة العظيمة التي تضم العديد من الكتب والمخطوطات، وذهبنا للأكل في المضيفة التي كانت مليئة بالزوار الذين يخدمون نفسهم بنفسهم.
ومن رهبان الدير أبونا فانوس صاحب اليد المضيئة، الذي يقصده العديد من الزائرين اللذين يستغرقون ساعات عديدة حتى يصلوا إلى الدير لنوال البركة.

سلم الكنيسة الاثرييُذكر أن الأنبا بولا استغل البلح وليف النخيل للمعيشه وظل يتعبد للرب لمده 40 عامًا لم يرى فيها إنسان، وتوسع الدير في مساحات بالجبل, عقب ذلك حاول البابا أخذ الجسد لنقله إلى الإسكندرية لكن الكل رفض، وأصبح المكان مخلد باسم الأبنا بولا.
ومحبة الله للقديس تظهر في حفاظه على الدير خلال تلك العقود الطويلة، حيث حضر الأنبا أنطونيوس ومعه مجموعة من الرهبان وقاموا بحفر المغارة لتصبح كنيسة ونحتوا في الجبل لإقامة هيكل باسم الأنبا أنطونيوس في القرن الـ13, وهيكل ثالث لـ24 قسيس بداية القرن الـ18.
الأنبا بولا عاش 115 عام من سنه 228 إلى 343 وتنيح في 343 وتم تطوير الدير ليصبح مكان أثري.

وفي مخطوطة تاريخية بها نشأة القديس وتاريخ حياته قبل الرهبنة تحكي أنه من أهل الإسكندرية سقف الكنيسة الاثريةوكان والده رجل غني جدًا، أي أنه من أسرة غنية وله أخ آخر يدعى بطرس، توفي والدهما وبعد فترة طلب ميراثه عن أبيه من شقيقه بطرس وكان القديس وقت ذاك يدعى بولس، أخذ بطرس ثلثي الميراث وأعطى بولس الثلث فقط بحكم أنه الأصغر سنًا، حزن بولس جدًا قائلاً لأخيه تمنعني من نصيبي من أبي ولي نصفه، رد بطرس قائلاً إني أدبر المال أكثر منك وأخشى أن تنفقه وتحتاج لآخر. طلب بولس اللجوء للحاكم وقت ذاك ليحكم في هذا الأمر.
وأثناء ذهابهما رأى ميتًا مشيع للدفن وحوله أفراد يبكون، سأل أحدهم مَن هذا الرجل؟ أجابه أنه أحد الأغنياء والآن ميت مثل غيره وسيدفن، ولا أحد يعرف وقت ساعته والله يجازي كل واحد حسب عمله.
المحررة مع الفمص اليشعلما سمع بولس كلام الرجل صمت قليلاً وانكشف له العالم، وطلب من أخية الرجوع إلى البيت قائلاً إلهي الذي خلق كل شيء الخفي والظاهر والمبارك إلى الأبد يعلم أنني لا أحمل شيء في قلبي نحوك.
ومن هذه اللحظة بدأ الروح القدس يعمل داخل بولس، فعرف أن العالم فاني ولا منفعة تحت الشمس، فمضى إلى غرب بلدته، فوجد قبرًا فدخل فيه وأقام فيه 3 أيام و3 ليالي يتنهد لله دون أكل وشرب ولا خوف من الظلام أو القبر، وفي صباح اليوم الرابع أرسل الله له ملاكًا اختطفه ومضى به نحو الشرق وتركه على عين ماء وتركه وصعد إلى السموات.
وجد القديس جحر وحش فدخل فيه ولبس ثوب من الليف وداخل المغارة كان يقول... يا سيدى يسوع المسيح ابن الله الحي، احرسني من العدو الغير مشفق، لتحل رحمتك عليّ وتعينني حتى أكمل سعيي برضاك إلى اليوم الذي ألقاك فيه يا ملك الدهور كلها لأن لك المجد إلى الأبد آمين.

عين المياةتاريخ الدير
تأسس الدير في القرن الرابع الميلادي بواسطة تلاميذ الأنبا انطونيوس، سنة 1484م تعرض ديري الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس لهجوم من البدو الذين قاموا بقتل معظم رهبان دير الأنبا بولا وحرقوا المكتبة وظل مهجورًا حوالى 80سنة، إلى أن قام البابا غبريال السابع (1520-1568) بإرسال عشرة رهبان من دير السريان حاملين الأواني والكتب المقدسة لتعمير الديرين.
وتعرض لعدة هجمات أخرى من البدو وظل مهجورًا لمدة 119 سنة، حتى جلوس البابا يوأنس السادس عشر (1676-1718) واهتم بإعادة تعمير الدير بإرسال رهبان دير الأنبا أنطونيوس وعدد من الحرفيين لإصلاح القلالي والكنائس وترميم الأسوار، ثم زار الدير ومعه القمص مرقس "رئيس دير الأنبا انطونيوس" والقمص تادرس الأنطوني والقس شنودة الأنطوني وفرشوا الكنيسة وعلقو القناديل والأيقونات وبيض النعام ودشن الكنيسة وعيّن القس بشارة الأنطوني رئيسًا للدير ومعه 4 رهبان من دير الأنبا أنطونيوس.
مكتبة الديروفترة 1897 حتى 1924 قام رئيس الدير الأنبا أرسانيوس الأول بشراء أراضي زراعية للدير بمركز ناصر محافظة بني سويف وبنى بيتًا كبيرًا للإدارة ومدرسة.
وعام 1948 سيم القمص ميساك أسقفًا للدير باسم أرسانيوس الثاني الذي اهتم بتعمير الدير، أما عام 1973 اهتم قداسة البابا شنودة الثالث بتعمير الدير فارسل نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة للإشراف على التعمير.

معجزة ظهور النور بالدير
في 4 سبتمبر 1975 والساعة السابعة والنصف مساءًا ظهر نور عظيم أعلى كنيسة الأنبا بولا وشاهده الرهبان والضيوف واستمر لمدة 25 دقيقة وتحول لبخور، راح الجميع يسبّحون ويمجّدون الله وأقاموا تمجيد للبار الأنبا بولا، مع العديد من المعجزات والتي دوّن بعضها في كتاب (السر المكتوم) الذي يُباع داخل مكتبة الدير.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٩ صوت عدد التعليقات: ٢١ تعليق