CET 00:00:00 - 05/12/2009

المصري افندي

بقلم: جرجس بشرى
استغربت جدًا لحد وصل إلى درجة الدهشة من رد فعل العالم الإسلامي والمؤسسات الدينية الإسلامية على مستوى العالم إزاء القرار الذي اتخذته سويسرا عبر استفتاء شعبي  بحظر بناء المآذن، ومبعث الغرابة أو العجب هنا أن ردود الأفعال الإسلامية صبت جميعها في شجب واستنكار القرار بل وإدانته والمُطالبة بوقف تنفيذه، معتبرة أن القرار ضد حرية العقيدة وحقوق الإنسان، لدرجة أن حذّر رئيس الإتحاد العالمي لعُلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي من التأثير السلبي لهذا القرار وقال في بيان صادر عن الإتحاد "اليوم المآذن وغدًا المساجد".
كما شجب فضيلة شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي القرار مُطالبًا بوقفه وقال: "إن الإسلام دين يدعو للأمان ونشر السلام، والمسلمون طوال المدة التي قضوها في سويسرا لم نسمع أن واحدًا منهم قام بعمل يضر الدولة، وإن قامت قلة بالمخالفة فللحكومة السويسرية مُعاقبة المُخالفين لكن لا تعاقب الأغلبية، وعلى الحكومة السويسرية أن تنزع المخاوف من تزايد أعداد المُسلمين وإيقاف قرار منع المآذن.

كما أكد وزير الأوقاف المصري د. محمود حمدي زقزوق في تصريحات إعلامية أن نتيجة الاستفتاء السويسري تناقض الدستور السويسري في المساواة، وقال في تصريحات للتليفزيون المصري إن الأسوأ لم يأت بعد، وأن القرار سينسحب على دول أخرى أوروبية.
وأنني هنا أؤكد على أن حق الإنسان في العبادة والمعتقد الديني حق إنساني في المقام الأول، وهو أيضًا حق تكفله المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، ويعلم المنتقدون والمتشنجون رغم استنكارهم لاستفتاء حظر المآذن أن سويسرا من أكثر الشعوب احترامًا لحقوق الإنسان، ويعلمون علم اليقين أن هناك مساجد كثيرة في سويسرا يبلغ عددها أكثر من 200 مسجد وأن عدد المسلمين في سويسرا يتعدى 400 ألف مسلم، كما تتمتع الجاليات المسلمة في سويسرا بكافة حقوقها.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الذي دفع غالبية الشعب السويسري إلى هذا القرار؟ والسؤال الأخطر لماذا؟ والسؤال الأخطر منه هل اتخذت الحكومة السويسرية التدابير الأمنية المُشددة بل والقصوى لتدارك ردود الفعل الإسلامية المحتملة حيال هذا القرار؟!! 
إن صدور قرار بذلك يؤكد على أن هناك مخاوف مبررة لدى الغالبية العظمى من الشعب السويسري من المسلمين بشكل عام والإسلام السياسي بشكل خاص، ويؤكد أيضًا على أن الشعب السويسري من أكثر الشعوب معرفة بسوابق الإسلام السياسي وما جلبه على الإنسانية من تدمير وخراب وإرهاب، ولهم في حوادث 11 سبتمبر وما يجرى للأقباط في مصر والأقليات الدينية المسيحية في الشرق الأوسط أسوة حسنة، وربما يكون الشعب السويسري على وعي "ربما" بمخططات الإسلام السياسي لأسلمة العالم كله وأوروبا تحديدًا، وهي مخططات باتت واضحة ومكشوفة ومفضوحة على الملأ، ولعل أبسط مثل ممكن أن يتخذ منه العالم كله أسوة حسنة في ذلك مصر التي بعد أن أحتلها العرب المسلمون بذلوا وما زالوا يبذلون محاولات مستميتة لمحو هويتها الدينية المسيحية.

ولقد نجحوا بالفعل في طمس هذه الهوية ونجحوا بالفعل في تديين أسلمة الشوارع والإعلام والتعليم والمصالح الحكومية، ولا يمكن لمنصف أو عاقل المحاولات التي تمت لإبادة يهود مصر من بلدهم بدعم حكومي واضح.
وأنني أتعجب أن تتكلم المؤسسة الدينية المصرية عن حقوق الإنسان وحرية العقيدة، وهي المؤسسة التي أنتجت وساهمت بل وتبنت كتبا ومؤلفات تدعو إلى تكفير المسيحيين واليهود واستحلال دماؤهم، أليست دار الإفتاء المصرية هي التي اعتبرت في فتوى رسمية لها أن الكنائس لأشبه بنوادي القمار وحظائر الكلاب والخطط وأنها دور للكفر والشِرك؟ كما أستغرب من الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية لمقاومة الحريات الدينية في مصر وتقييد بناء الكنائس وتبرئة الجناة المسلمين المعتدين على المسيحيين في أحداث العدوان الجماعي على المسيحيين مع أن أقباط مصر "المسيحيين" ليسوا بجالية وافدة على مصر بل سكان أصليين بها.
ومن الواضح إن الحكومات العربية والإسلامية تعيش حالة من السبات العميق ولا تدري أن العالم يتابع ويرى وينظر ويقيم ما يحدث منها وبها تجاه غير المسلمين.

لقد آن الأوان أن يقوم الأزهر الشريف بإظهار الروح الوسطية والمعتدلة للإسلام وليبدأ أولاً من الداخل من مصر كي يصدقه العالم بدلاً من الشجب والإدانة والاستنكار لقرار اتخذته دولة "سويسرا" تجاه جاليات بها، فتصحيح الصورة يبدأ أولاً من الداخل وبالفعل لكي يكون مقنعًا ومؤثرًا ويحظى برضا العالم، وأحذر الحكومة السويسرية أن تتخذ التدابير الأمنية المناسبة تحسبًا لردود أفعال إرهابية من المحتل أو الممكن حدوثها في المستقبل على حافية هذا القرار، وهي أفعال من الممكن أن يقوم بها أتباع الإسلامي السياسي الذين شوّهوا صورة الإسلام والمسلمين في أرجاء المعمورة.
وسؤال أخير هنا: لماذا تقاوم وتحظر السعودية بناء الكنائس؟

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٦ صوت عدد التعليقات: ٨ تعليق