بقلم : نشأت عدلي
أصبحت أزمات مصر الطائفية مثار للجدل وللأقاويل الكثيرة، وأصبحت كل الحوادث الطائفية التي يُصاب فيها الكثير من إخوتنا بيد إخوتنا أيضًا كسلسة بغيضة، نجد أنفسنا في هذه السلسلة مجرورين إلى نهاية محتومة لا مفر منها، وهي أن الطائفية في مصر والإرهاب النفسي والفعلى بها أصبح واقع مُعترف به من جميع دول العالم، وهذا سيؤدي ببلدنا إلى نهاية لا نرغبها أبدًا ولا نريدها..
ما من أسبوع يمر علينا إلا ونرى ونسمع عن حوادث لا تمت للإنسانية أو للآدمية بشيء، يستخدم فيها كل المعتدين أبشع أنواع الغدر، كما لو كانوا مغلولين بقيود وانفكت هذه القيود وانطلقوا مستبيحين لأنفسهم كل أنواع القتل والنهب، ومما شجعهم على هذا مساعدة الدولة الضمنية لهم وعدم إتخاذ أية إجراءات قاطعة للردع، وهذا الصمت المميت من الدولة شجع كل هؤلاء المتعصبين على التمادي بل التجاوز في أفعالهم الغير إنسانية ضد كل قبطى، خاصة الأجيال الجديدة منهم التي نمت على بذور الكره والتعصب الذي زُرع فيهم وروتها وراعتها كل أجهزة الدولة في شتى مؤسساتها، فكان هذا هو الإفراز الطبيعى لكل ما زرعوه في القلوب وأوغروه في الصدور..
وبرغم هذا الحقد الدفين في الصدور في هذه الأجيال، إلا أننا لا نستطيع أن ننكر أن هناك أيادى بيضاء لم تستطع الأجهزة المختلفة أن تلوثها أو تذرع بذور التعصب بداخلها، لا زالوا محتفظين بذاكرتهم وبداخل قلوبهم معاني كثيرة عن المحبة التي كنا نعيشها وعلى الذكريات التي كنا فيها نقف بجوارهم ومعهم بل متلاقصين معًا في كل الأحوال والظروف، بل لا زالت الكلمات المموجة عن النسيج الواحد والوحدة الوطنية تثير الكثير من إشمئزازهم، ويجلسوا متندرين عما وصلنا إليه من أحوال رديئة نحاول أن نثبت كلٌ للآخر أننا أبناء أمة واحدة، بل هناك البعض الذي علم أولاده بأننا دائمًا واحد وليس هناك فرق بيننا، ويحكى لأبنائه عن شركتنا القديمة التي كانت معهم وعشرتنا بهم.
وخرج هؤلاء الأبناء وهم يحملون فى قلوبهم ميراث الحب الأبوي بعيدًا عن أي مؤثرات دخيلة عليهم، ومنهم بعض الشباب الذي تثقف ثقافة موضوعية بعيدة عن كل التأثيرات الدينية أو العرقية، هؤلاء المثقفين هم الآن الذين ينادوا فينا قبطيتنا التي تأثرت كثيرًا بهذه الأحداث وهم أيضًا الذين ينادوا بأن يكون لنا صوت مؤثر على كل مجريات الأمور، وهم الذين ينتقدون موقف الرئاسات الدينية الغير واضح، بل لا أبالغ في أن سعيهم لحل هذه الأزمة القبطية والتفرقة الواضحة بحماس صادق وذلك لحسهم الوطني وتأكدهم على أن منظومة الوطن لا تعتمد على عنصر أحادي فقط..
وبرغم خفوت أصواتهم ولم يكن لهم تشجيع إعلامي لكنه يبعث الأمل في أن يومًا سيكون لهم أصواتًا مسموعة بوضوح.. وهذا ظهرت بوادرة في أحداث فرشوط الأخيرة، فهناك البعض من المسلمين أنفسهم قد وقف حائل بين الثائرين المتعصين وبين بعض ما نالتهم أيديهم من منع هؤلاء من الإعتداء على بعض الأماكن، وذلك على قدر عددهم برغم محدوديتها إلا أنه موقف لا يُنسى، موقف العقلاء من أهل البلدة وذهابهم إلى نيافة الأسقف ومقابلتة مع الكهنة واعدين إياه بأن مثل هذه الحوادث لن تحدث في مدينتهم مرة أخرى، ولا ننسى في أن سبب هذه الوقفة لأسقف نجع حمادي وبهجورة وفرشوط "نيافة الأنبا كيرلس" الرجل الهمام.. الذي لا يلين أمام الحق أبدًا.. والذي يتمتع بمحبة لدى الكل وعلاقات بكل الأسر في إيبارشيته..
ولا ننسى أن نسجل هنا موقف المحافظ المتخاذل -محافظ قنا-، لقد فقد الكثير من حقوقة هو كمحافظ وأفقد بموقفه الغير واضح والغير جاد حقوق أبناء المحافظة من الأقباط، وحفاظا على كرامة الموقع الذي يعتليه أن يقدم استقالته هو ومحافظ المنيا وأسيوط.. فكلمة محافظ.. هي الحفاظ على أبناء محافظتة ورعايتهم..
فتحية لمن يستحق التحية.. واللوم لمن يستحق اللوم. |