CET 00:00:00 - 08/12/2009

مساحة رأي

بقلم: سلام خماط
تكمن أهمية القاص سعدي عوض الزيدي باهتمامه بالمحتوى التكويني للقصة من جانب ,واختلاف آراء النقاد في نوعية ومستوى هذا المحتوى من جانب آخر ,فمنهم من اعتبره سوريالي وآخر من عده واقعي  وثالث من اعتبره شكلانيا ورابع من عده تفكيكيا ,لكنهم أجملوا على انه خليط من كل الذي ذكر حسبما يقوله القاص إسماعيل إبراهيم عبد ,فهو يؤمن بالحداثة لكنه لم يتأثر بأحد رغم قراءته الكثيرة للحداثوين ,والحداثة عند الزيدي هي ليست أكثر من منهج حياتي وفني ,فهو يتميز عن غيره من القصاصين بالمغايرة , والمغايرة لديه لا تعني المشاكسة او الحط من شان الآخرين ,لكنه أراد لها ان تكون سمه او علامة في السرد العراقي ,لقد استلهم القاص الزيدي هم الإنسان العراقي الخارج من أتون الحرب العراقية الإيرانية والمعفر بالبارود والناجي صدفة من حرب بلا قضية ,فقد ظهر القاص مع مجموعة من الأدباء في خضم الحرب المذكورة وقد استطاع ان يحرك الساحة الأدبية مع هذه المجموعة ونذكر منهم فيصل إبراهيم ,عبد علي اليوسفي ,قصي الخفاجي ,إسماعيل عيسى بكر ,فكانت قضيتهم تتوهج في مشغل قصصي  مدركين تمام الإدراك لتراث القصة العراقية لكنهم غايروها في كتابة نمط جديد غير متأثر بمرجعيات اعتمدها أساطين الستينات ,

وهنا كان الاحتدام بين الأجيال حيث تكرس في عقد التسعينات فظهرت جماعة (تضاد ) الذي مثلها شوقي كريم وحميد المختار وعبد الرضا الحميد وإسماعيل عيسى بكر وغيرهم , وجماعة (مدى )مثلهم القاص سعدي عوض الزيدي وفيصل إبراهيم وجماعة بحجم الكف أبرزهم وارد بدر السالم وقصي الخفاجي وحمزة عباس ,حيث كانت الأرض العراقية والواقع والتراث المتراكم مرجعيتهم الوحيدة ,من هنا أصبح الإنسان هو رسالة سعدي الزيدي الذي يكابد من اجلها ,وان كل ما كتبه إنما كان يعبر عن هموم الإنسان العراقي الكبرى ألا وهي الحرية وكرامته في الوجود ,ولم تكن لديه رؤى مسطحة حتى وان كتبت عن الوشائج الإنسانية الصغيرة ,ولهذا السبب يكون أبطال سعدي عوض عبارة عن وجود وحلم ويسعى القاص ان يكون المتلقي جزء منها ,فهو يشارك المتلقي في ترجمة همومه على الورق والمتلقي يعيدها الى القاص من خلال ابتسامة رضا كما يقول الزيدي.

والقاص لديه مهارة فنية في استخدام الارتدادات الزمنية كما في روايته (طوفان صدفي ) الى جانب محاولة استبطان الشخصية القصصية وتفجير هواجسها في لحظة الفعل القصصي,فقصصه تهتم الزمان والمكان مع الحرص على دلالتهما الفنية ,ومن البساطة ان يلتمس القارئ لقصص الزيدي تأثيرات الواقع والتراث العراقي عليها ,وقد ربط بين تجربة الإنسان الاجتماعية اليومية وبين ما هو واقع على المستوى السياسي الوطني.

فإذا سلمنا أن القصة تستجيب لواقع المرحلة التاريخية بشكلها الآني ,فان التطورات الفنية لها سوف تقود الكاتب الى معرفة أشكال العلاقات الحضارية ,سياسية كانت أم اجتماعية لكل مرحلة قصصية وإدراك مدى تأثير هذه العلاقة على تطور الوعي القصصي ,لقد ازداد ميل الزيدي الى الارتفاع  بالحدث القصصي الاجتماعي الى مستوى الموقف الذي يظهر فيه الإنسان كقوة فكرية وسايكيولوجية مؤثرة ,وقد أدرك القاص الزيدي ان المغايرة قد حصلت في حساسية القارئ الذي أصبح يتطلع إلى قصة تؤرق وعيه بأكثر من تساؤل عن أمور الحياة ,وقد استطاع القاص ان يوفق بين ما هو فردي في السلوك الاجتماعي وبين ما هو عام في الممارسة الإنسانية ,فأصبح السرد المعمار في قصة الزيدي ,لأنه يضع قارئه أمام علامات استفهام كبيرة , والزيدي ينحو إلى التجريد دون الإخلال بتجربته الاجتماعية ,من هنا يرى بعض النقاد كما أوضحنا في البداية ان من النادر ان نقف عند نموذج متفرد بحساسية خاصة في قصصه ومن يطلع عليها يلحظ انشغالا كبيرا في اللغة التي تعتبر غاية في الرشاقة والإحكام .
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق