CET 00:00:00 - 09/12/2009

مساحة رأي

تقديم: نبيل المقدس
بعد حفل أقامته الجامعة الأسمرية للعلوم الإسلامية بمدينة "زليطن" لمنح الدكتوراة الفخرية في الدعوة والثقافة الإسلامية إلى من يُسمي بالقذافي، صرحت وكالة الأخبار CNN "بطرابلس ليبيا" أنه شن هجومًا عنيفًا على سويسرا التي وصفها بأنها "مافيا العالم"، وذلك بسبب الإستفتاء الذي أسفر عن الموافقة على حظر بناء المآذن في البلاد، فقال إن هذه الخطوة ستفتح أبواب مقاطعة سويسرا اقتصاديًا، كما سيعطي مبررًا للقاعدة لتأكيد صحة آرائها حول الغرب.
لكن ليس هذا ما أهتم به... أو هو الغرض من كتابة هذا الموضوع، بل أكتب هذا الكلمات لما صرح به صاحب الدكتوراة الفخرية الزليطنية "معمر القذافي" بأن الديانة المسيحية هي ديانة "وثنية" لأنها تقوم على "عبادة الصليب"، ولوح بأن تقوم الدول الإسلامية بحظر بناء الكنائس على أراضيها ردًا على الخطوة السويسرية.
أحب أن أعرّف الأخ القذافي -صاحب الشهادة الفخرية الزليطنية- أن المسيحية ليست ديانة كما يدعي سيادته ذات الكتاب الأخضر والخيمة الخضراء والواصيفات الخضر، بل هي حياة مع الله... أما عن الصليب الذي تدعي بأننا نعبده, فأنت وصلت لمستوى الثقافة العامة لجميع العلوم الروحية أقصى المدى. فمن أي مصدر يا قذافي أتيت بأننا نعبد الصليب؟؟ طبعًا أنا لست بصدد أن اشرح لك أننا لسنا نعبد الصليب.. حاشا بل نحن نفتخر بأن الفداء العظيم قد تم على الصليب، أي نحن نؤمن بالعمل الذي رتبه الله للفداء على الصليب من أجلك ومن أجل باقي الشعوب. نحن في غِنى عن تبرير أنفسنا لك!!

كما نشكر الرب وهذا هو ترتيب من عنده أن عملية الفداء العظيم تمت عن طريق الصليب وليس عن طريق السيف أو الحجارة، وإلا أخذنا السيف رمزًا لنا، لكن نحمد الرب أن رمز حياتنا الروحية هو الصليب الذي يدل على التضحية بعكس السيف الذي يدل علي القتل وسفك الدماء.
كذلك أحب أعرف القذافي أن المساجد الأولى التي بنيت في عهد رسوله وكذلك في عهد الخلفاء كانت بغير مآذن، ثم أضيفت إليها المآذن بعد عشرات السنين لتكون مكانًا مرتفعًا ينادي فيه المؤذن للصلاة، وقد تفنن المعماريون في أشكال المآذن ودوراتها حتى أخذت أشكالاً مختلفة حسب البلاد والأزمنة، وأصبح لكل إقليم من الأقاليم الإسلامية طراز خاص من المآذن ينسب إليه.. فصارت المآذن جزءًا من عبادتكم بدليل إهتمام مختلف الملوك والسلاطين في مختلف البلدان الإسلامية بالمآذن؛ فشجعوا المعماريين على الاهتمام ببنائها وابتداع أشكال رائعة لها تمنحها المزيد من الإشعاع الديني والشموخ الحضاري في تصورهم. ووضعتوا قوة إيمانكم بربكم في مئذنة... فكلما إرتفع طولها كلما توهمت سيادتك أن قوة إيمانك ازدادت وأنك اقتربت من جنة الخلود الموعودة وأنك قد امتلكت العالم.. وهذا ما فعله نسل نوح في بناء برج بابل في سهل شنعار بغية أن يجمعهم مكان واحد من الأرض فلا يتبددون على وجه البسيطة الواسعة. وكان في قصدهم جعل العالم كله مملكة واحدة عاصمتها هذا المكان الذي اختاروه في أرض شنعار وسمي بابل. وليقيموا لأنفسهم اسمًا ومجدًا دلالة على كبريائهم وتشامخ نفوسهم (تكوين 11: 4).

كذلك أود أن أخبر القذافي صاحب شهادة زليطن أن تاريخ المآذن في المسجد النبوي ظهرت ما بين عامي 88 و91 هـ، حين أوعز الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك إلى واليه على المدينة عمر بن عبد العزيز بإعادة بناء المسجد وتشييد مآذن على أركانه الأربعة، إذ لم تعد أسطحة المنازل تلبي الحاجة في إعلام المسلمين بوقت الصلاة .
أنا أندهش حقًا من أن مؤساستنا التي تفتخر دائمًا بأنها تحمي جميع طوائفها ولا تقبل إزدراء الأديان كما تدعي لم تحتج على ما قاله صاحب الدكتوراة الزليطنية الفخرية.. كما ألوم مؤسساتنا الكنيسية والتي تتمثل في جميع رؤساء المذاهب المسيحية بعدم إصدار بيان رسمي إحتجاجًا عما قاله هذا الزعيم المزعوم، وأنا أحمل أيضًا ما تُسمي نفسها جامعة الدول العربية على سكوتها وصمتها على هذا الرئيس والذي يسعي دائمًا في وضع الفتنة بين عنصري الأمة. أين أنت يا أستاذ عمرو موسى من هذا الموقف.. أليس موقفك السلبي هذا يدعونا أن نبتعد كمسيحيين عنك بأن تكون رئيسًا لجمهورية مصر في الفترة القادمة؟؟ فنحن قد فقدنا الثقة فيك.. فأنت تتغاضى عن الواجب نحو كل مسيحي موجود في أمة العرب كما تقولون.

أخيرًا ألوم رجال الفكر المستنير ورجال الأعمال المسيحيين والذي اتضح أنهم لا يريدون أن يوقعوا أنفسهم في مواقف مع الدول العربية ورؤسائها خوفًا على مصالحهم وأعمالهم.
كنت أتمنى من رجال المقاولات والأعمال المسيحيين الموجودين هناك أن يوقفوا أعمالهم لحين أن يصدر بيان إعتذار من هذا الزعيم المزعوم، وكما يفعلون هم عندما يشعرون بأي ضرر غير مقصود بالتهديد بقطع المنتجات وقطع العلاقات بين العرب والغرب، علينا نحن كمسيحيين أن نتخذ نفس الخطوات والإجراءات.

أخيرًا أهدي قصة حقيقية للأخ القذافي:

في عام 96هـ هدمت المنارة الجنوبية الغربية للجامع النبوي, وذلك بسبب إطلالها على بيت مروان بن الحكم –وهو منزل بني أمية في المدينة-، وكان ذلك حين حج سليمان بن عبد الملك في العام المذكور فأطل المؤذن عليه في بيته، فأمر سليمان بهدم هذه المئذنة، فهُدمت حتى سويت بظهر المسجد؛ فأعاد السلطان المملوكي الناصر بن محمد قلاوون إعمارها سنة 706هـ. أي أن المسجد النبي ظل بدون مئذنة حوالي 600 سنه هجرية. وما يضحكني هو سبب هدم المئذنة!!؟
ونحن في انتظار شهادتك الفخرية القادمة بعد قراءة سبب هدم المئذنة علي يد المسلمين أنفسهم!!!

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٩ صوت عدد التعليقات: ٣٣ تعليق