CET 08:59:45 - 11/12/2009

مساحة رأي

بقلم: د. رأفت فهيم جندي
أراد الإمبراطور الطاغية نيرون أن يهدم بيوتًا للفقراء ليقيم مكانها حدائق غناء، يجلس بها ويتغنى بشعره الردئ، فعارضه مجلس السينيت الروماني دفاعًا عن هؤلاء الفقراء. فما كان من نيرون إلا أن بعث بالذي يحرق هذه البيوت سرًا واتهم فيها مسيحيي روما، وسيق المسيحيون وقتها للحرق وللرمي للوحوش، وتم صلب القديس بطرس، وقطعت رقبة بولس الرسول بالسيف إذ كان يحمل الجنسية الرومانية. وأيضًا في أيامها تم سحل القديس مرقس في شوارع الأسكندرية حتى الموت. كل هذا ولم يحمل المسيحيون سيفًا يقاومون به هذا الظلم. هل كان الرب الإله لا يرى هذا الظلم والبغي وقتها؟ انتهى نيرون وانتهت أيضًا دولته ولكن المسيحية بقيت، بل أصبحت الإسكندرية وروما مركزين هامين للمسيحية.

وفي عهد الإمبراطور الطاغية ديوكليتيان اقتيد المسيحيين والأقباط على الأخص للتعذيب والقتل وأثمرت هذه الموجة من الدماء شهداءنا العظام مثل مارجرجس ومارمينا والشهيدة القديسة دميانة وغيرهم الكثير. هل كان هذا بدون علم الرب الإله؟ وانتهت هذه الفترة أيضًا وازدهرت المسيحية.

وعند الغزو العربي فُرضت الجزية وتم سحل الأقباط وأصبحت الإهانة والتحقير هو خبز الأقباط اليومي، هل كان ظهور هذه البدعة وهذا الغزو دون سماح من الرب الإله؟ انتهى حكم الخلفاء والدول الأموية والعباسية والطولونية والأخشيدية والفاطمية و... وبقيت المسيحية، بل وأضافت أسماء مثل فيرونيا وسيدهم بشاي وسمعان الخراز والأنبا رويس وغيرهم الكثير ما بين شهداء وقديسين.

فى عهد الرئيس السادات تم تقديم المسيحيين كقرابين أيضًا لآلهتهم في مذابح الزاوية الحمراء والخانكة وسمالوط وأسيوط وغيرها، فعلى سبيل المثال لا يعرف الكثيرون الشهيد إبراهيم المنقبادي والذي كان مدرسي في مدرسة الحضانة والذي ذبحه الإخوان المجرمين بالطريقة الشرعية بعد شراءه لقطعة أرض لكي يوسع الملجأ الذي أنشأه وكان يديره، وكان الشهيد إبراهيم المنقبادى بتول (غير متزوج) ومكرس نفسه لخدمة هذا الملجأ بأسيوط، وتيتم نزلاء هذا الملجأ مرة أخرى باستشهاد أبيهم إبراهيم المنقبادى. ومات السادات وبقيت المسيحية وارتوت ارض مصر بدماء شهداء المسيح.

منذ بدايه هذا العهد لا يمر أسبوع بدون تنويع للحوادث، فمنها القتل بالجملة ومنها بالقطاعي، وأيضًا تضيف المسيحية لرصيدها أعدادًا أكثر من الشهداء.

والآن من ديروط إلى فرشوط يا قلبي لا تحزن، الأحداث المتتابعة تأخذ قالبًا واحدًا يوحى بتكرار السيناريو الممل، يبدأ السيناريو بإشاعة أن مسيحي عمل علاقة مع مسلمة وتتوالى الهجمات على مسيحيي البلدة وحرق منازلهم ومحلاتهم وصيدلياتهم وتنتهى بتشريدهم ونزوحهم من منازلهم.

مخطئ من لا يفكر أن الرب الإله يرى ويسمع ويعرف، لأنه لا يقف عاجزًا أمام إخوان الشياطين، فكلنا نعرف كرات اللهب التي أتت من السماء والتي أحرقت بيوت قتله أقباط الكشح. والذين كتبوا عن هذا في الجرائد والذين ناقشوا هذه الظاهرة الفلكية العجيبة في التلفزيون المصري كانت هناك غشاوة على قلوبهم فلم يربطوا بين شهداء الأقباط في الكشح وكرات النار التي أصابت بيوت القتلة.

هذا العهد سيذهب للجحيم أيضًا، وستظل المسيحية في مصر ترتوي بدماء الشهداء، ومن ديروط إلى فرشوط لا يصيبنا القنوط. ولكن ما هو دورنا وسط هذه الأحداث ونحن بأرض المهجر وننام آمنين في بيوتنا؟ هل نقول لأخوتنا في مصر استشهدوا والرب يبارككم ونقص عليهم سير الشهداء؟! فعلى الأقل نستطيع أن نضافر جهودنا لعون هؤلاء المشردين المرتجفين من الخوف والبرد لأجل أسم المسيح. كل كنيسة قبطية في المهجر بها لجنه مستقلة ومرخصة لمساعدة هؤلاء المنكوبين، ونحن نعلم جيدًا أن الإيمان بدون أعمال هو إيمان ميت، وأيضًا نؤمن أن من يعرف أن يعمل حسنًا ولا يفعل فهذا خطيئة له.

رئيس تحرير جريدة الأهرام الجديد الكندية

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق