CET 00:00:00 - 12/12/2009

مساحة رأي

بقلم: مجدى نجيب وهبة
سوف تشهد الأيام المقبلة موجات متتالية من جنون الأسعار فماذا نحن فاعلون بعد أن ربطنا وسطنا بحبل إسمه الأسعار العالمية ... سنين طويلة ونحن نتحدث عن حالة الإنفراج الإقتصادى والخروج من عنق الزجاجة ولكن يبدو أنه لا يوجد أى بادرة أمل للإنفراج الإقتصادى أو الخروج من عنق الزجاجة الذى أخذ يطول ويطول حتى إبتلع الزجاجة نفسها فأصبحت عنقا بلا زجاجة .. الإصلاحات الإقتصادية التى شهدتها البلاد فى السنوات الأخيرة كان من المفترض أن تجعلنا أفضل ألف مرة مما نحن فيه الأن ، ونحن بالفعل أفضل ولكنها العدالة الإجتماعية الغائبة التى جعلت أصحاب الثروة يتوحشون ويشفطون التنمية دون أن يتركوا لغيرهم شيئا من اليغمة !!
وعلى سبيل المثال : الرأسمالية فى الدول الأوربية مثل فرنسا وأمريكا وبعض الدول الغربية ليست مثل الرأسمالية فى بلادنا فهل تستطيع أن نفعل فى مصر مثما تفعل فرنسا ، مثلا عندما تجبر بعض الشركات التجارية الكبيرة عن إعلان سعر شراء السلعة والتكلفة بجانب سعر بيعها للجمهور لتحديد نسبة الربح ، وليعرف كل الأطراف حقوقهم وواجباتهم ومن يقوم بإستغلالهم !
على النقيض الأخر الدولة تسمح بالرأسمالية التى تمكن البعض من ممارسة الإحتكار وتباركه وتثنى عليه ولا تستطيع مواجهته ومقاومته ، بعض الذين يتحدثون عن الرأسمالية والإنفتاح فى صمر يأخذون فقط الجانب الذى يحقق مصالحهم ويهدرون الجوانب التى تحقق مصالح المجتمع والناس .. مثل أكذوبة أن الرخاء سيجنى ثماره بعد 10 سنوات أو 20 سنة فكيف يكون الحال والإنتظار حتى يأتى الفرج ؟! وماذا يمكن أن يحدث إذا إنتظر المواطن ولم يأت الرخاء بل نجد مزيد من الغلاء .. وهل نظل نحيا على الأمال والوعود التى يصعب تحقيقها أم نعيش على المثل "عيشنى النهاردة وموتنى بكرة" – فمثلا أمريكا تستيقظ كل صباح تجد نفسها أنتجت ثلاثة أرغفة من الخبز تأكل منها واحد وتبحث عن أسواق لرغيفين ، ولكن مصر تستيقظ كل صباح وتجد أنفسها أنتجت رغيفا واحد وتحتاج ثلاثة ، وعليها أن تبحث عن أسواق لشراء إثنين إما بالدعم أو بالسلف والدين أو البحث عن مصادر ضرائبية جديدة تفرض على الشعب ! لذلك ليست كل النظريات التى تطبقها الرأسماليات الغنية تصلح للدول الفقيرة ، فالمواطن لا يهمه أى نظريات تطبقها الدولة فلا يهمه الإشتراكية ولا الرأسمالية ولا الجن الأزرق ولكن يهمهم تحسين ظروفهم المعيشية .... طبقنا الإشتراكية وتغنينا بها فلم تأت لنا إلا بالفقر لأننا أخذنا أسوأ ما فيها ... طبقنا الرأسمالية وظهرت هوجة الإنفتاح فلم نجد إلا الغلاء لأننا أيضا نطبق أسوأ ما فيها .
إن من يقرأ تصريحات السادة الوزراء ، ربما يصاب بالجنون ، فلا يصدر تصريح وزير أو غفير إلا وهو يتباهى بنسبة النمو الذى وصل إلى أرقام قياسية ، فى نفس الوقت نجد الدولة عاجزة عن توفير الخبز والقضاء على ظاهرة طوابير الأفران وإرتفاع سعر الرغيف ، ففى الأفران السياحية وصل سعر الرغيف بنفس وزن سعر الرغيف المدعم بـ 5 قروش وصل سعر بيعه فى الأفران السياحية بـ 25 قرش ويباع على الأرصفة الثلاثة أرغفة بـ 100 قرش فى ظاهرة أقل ما توصف به إنفلات الأسعار وإنعدام الرقابة التموينية وهو ما يزيد من معاناة الناس فالمواطن لا تعنيه الأرقام ولا النسب والتناسب بل "خبزا وطعاما" فهل يعقل أن تدعم الدولة رغيف الخبز بما يقارب عشرين مليار جنيه لتذهب هذه المليارات فى جيوب أصحاب الأفران والمنتفعين ولا نجد فى السوق إلا رغيف يصل إلى أعلى درجات السوء ، وتقف الحكومة مكتوفة الأيدى عاجزة عن إتخاذ القرار ويكتفى وزير التضامن بإطلاق التصريحات الوهمية فلا محاسبة لأصحاب المخابز الذين شيدوا أبراج من قوت الشعب فالدولة توفر لهم كل السبل دون رقابة أو محاسبة مما جعلهم يتوحشوا وصاروا كالديناصورات وحينما إشتدت أزمة الخبز وجدنا الجيش يدير هذه الأفران بمنتهى الكفاءة حتى هدأت الزوبعة وإختفت الطوابير وإنعدمت الشكوى فإنسخب الجيش من إدارة الأفران وعادوا أصحابها لإدارتها ربما يضعون حصوة ملح فى عينهم ولكن للأسف عادت ريمة لعادتها القديمة بل تدنى مواصفات الرغيف إلى أسوأ مما كان وتركت الدولة لهم الحبل على الغارب . بل واللافت للنظر أن معظم القضايا التى تحرر ضد أصحاب المخابز تتعاطف معهم الدولة وتتصالح ، بل وتتنازل فى مقابل أن يرتدعوا وتدار هذه الأفران بدلا من غلقها من أجل الشعب !!!
ولم تكن معظم حال السلع أفضل من رغيف الخبز بل إرتفع سعر أنبوبة البوتجاز إلى أكثر من عشرة جنيهات رغم أنها مسعرة بـ 250 قرش وماذا عن الإنفلات فى أسعار اللحوم والدواجن والفاكهة .. لقد إنعدمت الرقابة نهائيا على الأسواق فلم نعد نسمع عن مباحث التموين وظهرت نظرية الخصخصة ، ولم يستطيع أحد أن يطالب بتهدئة سرعتها حتى لا يتهم بأنه شمولى إشتراكى من العهد البائد ويعرقل المسيرة والتنمية ... بينما الدول التى إخترعت الرأسمالية حصنت نفسها بتقوية الدولة وقوانينها حتى تستطيع أن تحمى المجتمع ، إنها صورة ليست وردية وليست سيئة ، ويأتى الدور على رجال الأعمال للخروج من هذه الأزمة على رجال الأعمال أن يقوموا بمبادرة بدفع جزء من أموالهم للمصريين فى صور إنسانية دون إحساس المجتمع بأنهم يدفعون "لمائدة الرحمن" ، هذه الأموال ستوجه للأماكن العشوائية فإنه لا بد من هدم العشوائيات كاملة وليس بمحاولة تجميلها ، ولكن بنسفها وإعادة بنائها مرة أخرى بالتخطيط وليس "بالتلصيم" لأن من أقام تلك العشوائيات وتركها هو محافظ عشوائى سمح لتلك العشوائيات أن تنمو .
على الدولة أن تضع الحلولالجذرية للتعامل مع سارقى أموال الدعم والضرب بيد من حديد على فوضى الأفران وإيجاد الحل البديل فى حالة إصدار أصحاب هذه الأفران على سرقة قوت الشعب .
على وزير المالية أن يدعم الشركات المتعثوة ويلغى الضرائب عن كاهل البسطاء وأن يحال كل مأمور ضرائب يعد على التعنت مع البسطاء بفرض جباية عليهم للمحاكمة ، المجتمع المصرى يطالب بالتغيير من أجل هدف ... المجتمع يطالب بثورة إحلال إدارية حقيقية تحطم اللوائح التى تعيق عمليات التنمية وتقدم تسهيلات حقيقية للمخلصين من رجال الأعمال لتشجيعهم على إقامة مشروعات مختلفة ويفضل منها المشروعات التى تعتمد على كثافة العمالة .. وذلك لمنح فرص عمل جديدة تقضى على البطالة وتوفر الأمن الإجتماعى فى الدول الرأسمالية يتساوى فيها تقريبا معدل شريحة الضرائب بين الدخول المرتفعة والدخول المهمشة .
إن رفع نسبة الضرائب تصاعديا مع زيادة الأرباح سوف يقلل من حجم الفجوة بين الأغنياء والفقراء مما يشيع جوا من العدالة الإجتماعية .
على الحكومة والحزب الوطنى أن يكون هناك حوار يتميز "بالثقة" مع الجماهير التى ذاقت طعم الغلاء الذى لم تراه من قبل ونضجت على ناره لدرجة تسمح بالتحاور البناء حول سياسات جديدة .
فإذا كانت "الثقة" هى جواز المرور إلى الإستثمارات الدولية فمصر الأن تحوز الثقة وتفتح ذراعيها لمشروعات كبيرة بتمويل أجنبى يضخ فى النهاية فى مصلحة الإقتصاد المصرى وهذا يؤدى بالقطع إلى توفير فرص عمل حقيقية للشباب ، ونهاية حقبة المعونات ومد اليد والإستدانة والفوائد والقروض . لقد ألغى الرئيس من قاموس علاقات مصر بمختلف الدول كلمة "المعونات" وإستبدل بها الإستثمارات .... علينا أن نعلم أن العالم لن يأتى إلينا إذا جلسنا وأغلقنا الأبواب وإنتظرنا المستثمرون ، نحن يجب أن نسعى إليهم كما تفعل كل الدول دون إستثناء .
هناك موضوع أخر السياحة ألاف الشكاوى تصلنا من أبنائنا العاملين بمجال السياحة فقد وصلت السياحة فى المنتجعات السياحية بشرم الشيخ والغردقة إلى أدنى مستوى فى وصول الأفواج السياحية لها هذا بجانب أن بعض الشركات السياحية بمنطقة شرم الشيخ والغردقة تستغنى عن العمالة المصرية وتقوم بإحلال العمالة الروسية بدلا عنها كما أنه يوجد بعض الشركات السياحية التى يديرها بعض رجال الأعمال المتأسلمون بدأوا فى تصفية العمالة المسيحية وبدأوا فى لغة " سلام عليكم " وهو ما يفسر محاولة البعض لإنشاء مدارس وكليات إسلامية لتدريب المرشدين السياحيين وهذا يعنى أسلمة السياحة ... والذى ربما يؤدى إلى تدهور السياحة فى بلادنا والدولة فى حالة غيبوبة مستمرة ... كما نتساءل أين وزارة القوى العاملة وهل لدينا فائض من فرص الوظائف بالمجالات السياحية حتى يتم إحلال جنسيات مختلفة عن الشباب العاملين المصريين ... هناك بعض الإشاعات التى تطلق عن قرب تغيير وزارى فسواء إستمرت الوزارة أم رحلت فأعتقد أن مطالب الشعب هى بسيطة جدا هو توفير سبل المعيشة الأدمية للمواطن ... وحياة كريمة أمنة حتى يخرج الجميع من عنق الزجاجة .

كاتب ورئيس مجلس إدارة جريدة النهر الخالد
Email: elnahr_elkhaled2009@yahoo.com
Magdy.nagib@hotmail.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق