بقلم: رشدى دميان بدأت ظاهرة الحجاب في الانتشار في الدول العربية بشكلٍ مميز ولافت للأنظار وذلك في الربع الأخير من القرن العشرين وبالتحديد بعد الحرب الأخيرة بين مصر وإسرائيل التي تُعرف بـ "حرب أكتوبر المجيدة" عام 1973. وانتهت نظرية السيطرة والهيمنة التي كانت تنتهجها دول القوى العظمى التي تمتلك القرارات المؤثرة بالإضافة إلى القوة الاقتصادية والعسكرية، علاوة على كل إمكانات المخترعات الحديثة، وإهتزت قلاعها الصناعية التي تعتمد في المقام الأول على البترول ، وكان لا بد لهذه الدول العظمى من تقديم التنازلات وأن تنحني وتُقَبِّل الأقدام وتُبْدِي نَدَمَهَا على ما أخطأت به في حَق الأغنام!! بسبب الأساليب التي كانت تتعامل بها مع الدول العربية من استعلاءٍ وكبرياءٍ وغطرسةٍ كانت تصل أحيانًا إلى الغزو والبطش، لأنها - أي الدول العظمى - كانت تفرض على الدول العربية ما تراه لا يتعارض مع مصالحها بالدرجة الأولى حتى ولو على حساب كرامة وسيادة هذه الدول على أراضيها، ومن هنا بدأت لعبة الغَزَلْ من طَرَف واحد!! غَزَلٌ بين الذئْاب والوحوش التي تكسرت أسنانها وتهشمت أنيابها خاصة بعد إعلان حظر تصدير البترول، وبين الدول العربية التي تمتلك الثروات المدفونة تحت الأراضى التي تسودها !! ومن هنا أيضًا بدأت شعوب الدول العربية - في ثورة غير مُعْلَنَةٍ وكرد فعل طبيعى للانتقام - في تطبيق قانون ( وعلى الباغى تدور الدوائر ) !! ولكن في حذرٍ وفى ترقب وبتخطيطٍ مدروس وبأجندة سرية غير مُعْلَنَةٍ ؟! ولكنها تستند على فتاوى وأحكام شرعية ومُقَننَّة؟! عملاً بمـا جـاء في القرآن: ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ) وغيره مما أمر به الله والرسول والكتاب!! وهكذا بدأت مرحلة جديدة من مراحل الغزو الإسلامى المستتر لمختلف دول العالم وذلك من خلال فرض الشخصية والرموز الإسلامية على مجتمعات هذه الدول، وكان من أبرز وأهم هذه الرموز هو الحجاب الذي بدأ في الانتشار في الدول العربية في الربع الأخير من القرن العشرين، ثم إمتدت ظاهرة الحجاب إلى الدول الأوروبية وأمريكا وأستراليا وإلى معظم قارات العالم بعد أن نزح إليها أعداد كبيرة من المسلمين الذين خططوا لكى يستقروا في هذه المجتمعات وذلك لأسباب كثيرة، قليلها مُعْلَنٌ وصَرِيحٌ ومَكْشُوفٌ، وكثيرها سري ومكتوم وغير معروف؟! وأيضاً من أوراق لعبة ( خُذْ وهات )، علاوة على ما تتطلبه سياسة الغَزَلْ من تقديم كل التسهيلات والتنازلات!! كان أن فتحت الدول الغربية أبوابها على مصراعيها لكل من يريد دخولها من مواطني الدول العربية سواء للزيارة والسياحة، أو للاستثمار، أو للعلاج والاستشفاء، أو للدراسة وغيرها من المبررات التي تسمح بالدخول الرسمي المشروع من بوابات المطارات والموانيء إلى دول أمريكا والغرب!! ومُنِحَتْ التأشيرات وتصاريح الدخول لكل من هَبَّ ودَب!! وذلك خوفًا من التلويح والصراخ في مظاهرات التنديد والشجب وبالأكثر خوفًا على ما تبقى من المصالح الاقتصادية، وخشية من الاتهام بممارسة سياسة العنصرية؟!! وأيضًا لأن الإنسان هو الإنسان سواء كان من الذئاب أو من الأغنام، ولأن الذئب كان وسيظل ذِئْبًَا حتى بعد أن انحنى وقبَّل الأقدام وبدأ في مغازلة الأغنام!! ولأن الأغنام كانت قد وَعَتْ واختبرت وعَرِفَت مكر ودهاء الذئاب، فلذلك كان عليها أن تتذئَّبْ هي أيضًا لكي لا تقع فريسة لها مرة أخرى، مستخدمة في ذلك كل الأسلحة بما فيها سلاح التدين في مواجهة هذا الغَزَلْ المفاجئ من الغرب نحو الدول العربية، وكان استخدام سلاح التدين بالذات هو بمثابة الخنجر الموجه ناحية الولايات المتحدة الأمريكية وكل الدول الغربية، ذلك لأن الغرب عامة هو بمثابة العضو الكافر في جسد الإنسانية والذى يجب هدايته وتقويمه، أو بتره وتحطيمه؟! هذا الغرب الكافر الذي كان قد أذَّلَ شعوب الدول العربية على مدى القرون والحقب المختلفة في العهود الماضية، هذا الغرب قد جاء دوره ليشرب من نفس الكأس التي شربت منه هذه الشعوب؟! ولكن بتكتيك وبأسلوب هادئ مُتَرَّوٍ وساكن؟! وباستراتيجية تعتمد على مبدأ الضرب على الحديد وهو ساخن!! وهكذا أصبح الحجاب الذي هو رمز للتدين والطهارة والفضيلة بمثابة السلاح الأقوى والبَتـَّار؟! في مواجهة لعبة غَزَلْ الذِئَاب التي بدأها أعداء الإسلام الكفَّار!! وإن لم يكن كذلك؟ فلماذا إذن هذا التدين المفاجئ الذي ساد العالم العربي الإسلامي بدءاً من الربع الأخير من القرن العشرين وحتى يومنا هذا وذلك من خلال ارتداء الحجاب علاوة على العمل بشتى الطرق والوسائل على إبراز الشخصية والرموز الإسلامية الأخرى على الساحة العالمية والدولية؟! ولماذا أصبح الحجاب ظاهرة تسترعي كل هذا الانتباه والجدل في نفس الوقت؟! |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت | عدد التعليقات: ٦ تعليق |