CET 00:00:00 - 29/03/2009

مساحة رأي

بقلم / عساسي عبد الحميد
منذ عدة سنوات زار العاصمة المصرية القاهرة حاخام إسرائيل الأكبر "مئير لاو" وطلب مقابلة شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي وعلى هامش اللقاء دعا الحاخام الإسرائيلي نظيره المصري لمحاربة الإرهاب والتعاون سويّاً وفتح صفحة جديدة لمد جسور التفاهم والتوافق بين اليهود والمسلمين والعمل على تأطير الأجيال المقبلة من أجل التعايش والتساكن في محاولة لخلق أجواء من السلام والتنمية بالمنطقة.

فما كان من سيدنا الطنطاوي إلا أن رد عليه قائلاً: اسمع يا هذا إن الله قد أنزل عليكم السخطة أنتم معشر اليهود لأنكم قتلة أنبياء وشهود زور ومشعلوا فتن ورؤوس فساد، وأنتم مَن أوجد الربا وشجع الزنا ...الخ الخ الخ من النعوت الغليظة التي جادت بها قريحة سفير بني وهاب الدائم على أرض المحروسة.
وكان شيخ الأزهر يشير بأصبعه المرتعش على بعد سنتيمترات قليلة من عيني ضيفه حتى كاد أن يغمده فيهما فعاد الحاخام أدراجه دون أن يلوي على قشرة بصلة، وختم شيخ الأزهر موجهاً كلامه للحاخام لست أنا الذي أقول هذا الكلام بل قرآننا هو من وصفكم بهذه الأوصاف ونبينا هو من قال فيكم كل هذا.
نفس المضمون ردده بشار الأسد في إحدى القمم العربية الناجحة وإن كان بصيغة أخرى عندما وصف الشعب الإسرائيلي بالشعب الإرهابي والمتوحش لأنه هو مَن صوّت لشارون وهو من أصعده لرئاسة الحكومة... كان على بشار الأسد أن يستحيي بعض الشيء و يقول لنفسه من أوصلني لسدة الحكم؟؟ هل اختارني الشعب عن طيب خاطر أم فرضت على الشعب فرضاً عندما تم تفصيل الدستور وفق المقاس ووفق وصية حافظ الأمة؟؟ هل الصناديق الزجاجية الشفافة هي التي أوصلتني لأعلى منصب بسوريا أم شياطين البعث التي بكت وانتحبت على والدي هي من كان لها يد في ذلك وعلى رأسها المجرم طلاس؟؟ فإذا كان الشعب الإسرائيلي يا بشار شعباً إرهابياً ومتوحشاً فأن الشعب السوري مقموعاً وسجيناً وجباناً؟؟

قد يتعلل الزرافة بشار بعلل يحسبها حكمة عندما تم الاختيار عليه ليقود سوريا ومنها الحفاظ على ثوابت الأمة وتفادي الانزلاق وتقوية الجبهة الداخلية لمواجهة الأعداء وقطع الطريق على بعض الوصوليين. الرأي العام الإسرائيلي يحس جيدا بما تكنه المنظومة الدينية والقومجية السائدة ببلدان الجوار اتجاهه سواء تعلق الأمر بالترسانة الوهابية المتحصنة بشعاب مكة أو بقنصلياتها وملحقاتها المنتشرة بديار الإيمان وفي مقدمتها الأزهر الشريف...
إن الكثير من النخب المثقفة بإسرائيل على معرفة واسعة بالإيديولوجية الوهابية وهناك مَن يحفظ آيات من القرآن وأحاديث نبوية وقدسية عديدة عن ظهر قلب كالأكاديمي الإسرائيلي "مردخاي كيدار" و"شاوول منشي" و"شمعون شتريت" بل يحفظون تفاصيل مجزرة بني قريظة وعمليات التهجير التي طالت يهود الجزيرة على يد نبي الرحمة، فهذه المنظومة تصف اليهود بأحفاد القردة والخنازير وقتلة الأنبياء والعصاة وأن الله وعد المسلمين بنحرهم و سبي بناتهم قبل قيام الساعة....

إنها ثقافة يحس بها المواطن الإسرائيلي ويلمسها عن قرب وهي التي دفعته لاختيار اليمين الذي جاء ببنيامين نتانياهو على رأس الحكومة بتحالف مع حزب إسرائيل بيتنا، إذاً فكلما ازداد الخطاب الديني والقومجي حدة وكلما دعا لرمي اليهود في البحر كلما اختار الناخب الإسرائيلي أكثر المرشحين تطرفاً وهي ردة فعل طبيعية، فالمواطن الإسرائيلي يبحث عمن يحميه من الحجر الناطق وأحاديث الغرقد، قال صلعم: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود فيختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر: يا عبد الله يا مسلم هذا يهودي ورائي فتعال فاقتله، إلا الغرقد، فإنه من شجر اليهود".

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٦ تعليق