CET 00:00:00 - 14/12/2009

مساحة رأي

بقلم: أيمن عبد الرسول
سؤال وعدت بالإجابة عليه في المقال الفائت, وسأحاول إيجاز إجابته في السطور القليلة القادمة لأنني من هواة التكثيف والمباشرة معًا, رغم انحيازي الواضح لكل ما هو مجازي ورمزي وغامض غالبا, إلا أن موقف مجمع البحوث الإسلامية من قضية التبني للمسيحيين غير مفهوم, وموقف المكفر -أقصد المفكر- الإسلامي الكبير "محمد عمارة" من شركاء الوطن أيضًا كذلك, وأضف موقف الشيخ خالد الجندي من الزعيم عادل إمام حيث لا شيخ ولا زعيم إلا الزعيم الذي زعمه الشيخ الذي هو ليس كذلك -الشيخ قطعًا لا الزعيم- وموقف الأقباط من أنفسهم كذلك!!
عزيزي قارئ هذه السطور من حقك أن تندهش إذا كانت لم تزل لديك هذه النعمة الكبرى, نعمة الاندهاش ومن حقك أن تغضب, فالغضب مباح لوجه الوطن ولوجوه أخرى لو شئت, المهم إن كاتب هذه السطور منذ سنوات طوال كتب دراسة من العيار الثقيل بعنوان (علمنة الإسلام ..المهمة المستحيلة) ونشرها في كتابه الذي يدعي أهميته (في نقد الإسلام الوضعي) كانت تدور حول العقبات التي تواجه محاولة علمنة المجتمعات الإسلامية وقمنا بحصرها في ثلاث مقولات:

أولاً: مفهوم الشريعة الإسلامية
ثانيًا: تاريخ الخلافة الإسلامية
ثالثًا: الظاهرة القرآنية

وفندنا مزاعم المصدر الإلهي للتشريع الإسلامي مستندين إلى ممارسات الفقهاء في تقنين المقاصد العامة للشريعة وآليات الحجب والتمويه الممارسة في تاريخ ما يصح تسميته تجاوزًا بالقانون الإسلامي, والفارق المرعب بين النص الديني وتفسيره وتطبيق التفسير على أرض الواقع من خلال قضاة الأمصار, وإن الإمام الشافعي لم يخلق فقهًا قدر ما جمع أحكام القضاة المحليين في البلدان التي دخلها الإسلام سلمًا أو حربًا.
ولسنا هنا بصدد عرض الدراسة ولكن نتخذ منها متكئا للتعرض لأزمة وقوف المسلم ضد التاريخ والجغرافية معًا, وبينهما القانون والنظام السياسي غير الإسلامي الذي يحاول استغلال إسلاميته لأسلمته بخطط التمسكن وصولاً للتمكن (بالمصري يتمسكن – يفتعل الذلة والمسكنة – حتى يتمكن – يتحكم – ) وهو نفس المنهج الإسلامي القديم من المسكنة المكية إلى التمكن المدني أو المديني نسبة للعصرين اللذين شكلا التاريخ الإسلامي في عهد النبوة المحمدية.
فكانت الدعوة المحمدية في مكة تتسم بالوداعة والمهادنة وانقلبت إلى العداوة والمحاربة بعد تأسيس دولة الرسول في يثرب, وهكذا يجد المسلم المنضوي تحت لواء الماضي الجميل المثل والقدوة في رسول الله الذي قال عنه المصحف العثماني في مكة لو كنت فظًا غليظ القلب لأنفضوا من حولك, ثم ردد على مسامع المسلمين في المدينة "كتب عليكم القتال وهو كره لكم" ولا عجب فتلك الخطط مستمدة من الوعي بالتاريخ وموازين القوة والضعف إلا أنها خلفت لدى المسلم المعاصر شعور قوي بأنه يعيش عصر التمكين لدين الله في أرض الله وعلى رقاب عباد الله من أي دين آخر!!

وتأتي المفارقة من أن المسلم يعتقد أن قانون الله هو إقامة الحدود وقتل اليهود والتنكيل بالنصارى لأنهم لا يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون, ويقول سيد قطب مستشهدًا على هذا العلو من نص المصحف (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون) وينسى آيات أخرى مكية!!
ولا يرى المسلم المعاصر خاصة إذا كان في بلاد الغربة أن لبلاد غربته حق عليه بالعكس المنضوي من المسلمين تحت لواء التنظيم السياسي يرى أن عليه الدعوة لدين الإسلام في هذه البلدان لإخراجها من ظلمات العلمنة –من وجهة نظره- إلى نور الأسلمة –من نفس وجهة النظر-!!
وإذا كان التبشير مهمة كل مسيحي فالدعوة مهمة كل مسلم كذلك, لكن انحرافات الدعوة هي التي تجعل الداعي غير مسالم في كثير من الأحايين, بينما التبشير يجبر المسيحي على الموادعة لأنه يبشر بالمحبة ومع ذلك حدث الانحراف فيما يعرف بالحروب الصليبية, وغيرها من المآسي التي راح ضحيتها المسيح المثالي المصلوب من أجل الإنسان!!

في بلدي الغالية مصر يقف المسلم الرسمي ضد قانون التبني لغير المسلمين وهو يستند على المادة الثانية من الدستور التي نسعى لتغييرها من أجل المواطنة والمصرية, ورفض مجمع البحوث للمشروع الذي تقدم به الصديق المستشار نجيب جبرائيل الذي لمته على عرضه عليهم يعكس مؤشر خطر لأنهم يقولون يجب عرضه من قبل جهة تشريعية, وهو ما يؤكد المرجعية الدينية للدولة المدنية المزعومة التي نحارب على مدنيتها ليل نهار.
كنت ومازلت أرفض تدخل المؤسسات الدينية في صياغة التشريعات والقوانين المدنية والآن أرفضها جدًا, وضد تدخلها في دولة ينص دستورها على المواطنة ومن أجل عيون الدستور كله يهون!!
السادة المواطنون: لن نخضع لأي ابتزاز طائفي من أي نوع, وسنحاول جاهدين ومجهدين ومجاهدين أن نصل بالمواطنة المصرية الكاملة بر الأمان وليوفقنا الوطن إلى ما يحبه ويرضاه, وعلى المعنيين بحقوق الناس والقانون مساندة هذا المطلب الدستوري بمدنية مصر لا أسلمتها ولا تنصيرها!!

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٤ صوت عدد التعليقات: ١٩ تعليق