(مارس 1954 - 1955م)
بقلم: د. ماجد عزت إسرائيل
- لمحة تاريخية عن منصب وكيل البطريرك:
البطريرك هو ممثل السيد المسيح وخليفة رسله والمسئول عن شريعته، وقد أوضحت قوانين المجامع المقبولة –في الكنيسة– وآراء العلماء أن يكون اختياره وفحصه بيد الأعيان والمقدمين من الشعب من السلطة المدنية، وهم ما اتفق على تسميتهم بـ (الأراخنة) والأساقفة، وأن يرضاه أكثر أهل طائفته (أي بالانتخاب).
والبابا البطريرك هو أسقف مدينة الإسكندرية وكبير الأساقفة والأول المتقدم بينهم، ويعتبر بابا الإسكندرية الأول بين أساقفة متساوين، لكنه من الوجهة الكهنوتية لا يزيد عن درجة أسقف، (فلا تسمى شرطونية البابا) أي وضع أيادي الأساقفة على رأسه أنها ترقية، ويرعى شعب الإسكندرية حيث بشر القديس مرقس الرسول فدعي المنصب "بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية".
وحتى القرن الحادي عشر الميلادي ظل البطريرك يقيم في الإسكندرية، إلى أن جاء البابا "خرستوذولوس" البطريرك رقم (66) (1046-1077م)، فصار يقيم بالقاهرة حيث يوجد الحاكم العربي والدواوين الحكومية، وظل اللقب عالقًا بالمنصب وأن كان في بعض العصور يعين نائب للبطريرك في الإسكندرية عُرف بلقب "وكيل البطريرك" ولكن بشرط أن يكون أسقفًا لعدم لياقة وجود شبهة أسقفين في مدينة واحدة، لينوب عن البطريرك في مدينة الإسكندرية فقط، وقد ظل هذا اللقب حتى عهد البابا "ديمتريوس الثاني" البطريرك (111) ( 1862 -1870م)، وقد اختفى هذا اللقب لسنوات طوال حتى أعيد في السنوات الأخيرة وسمي بـ(وكيل البطريركية) أحيانًا (النائب البابوي) أحيانًا أخرى، وكان يعين من الأساقفة العامين تارة وتارة أخرى من أساقفة الإيبارشيات المقربين للبطريرك الذي يسند لهم هذا المنصب، بالإضافة إلى منصبه كأسقف لإيبارشيته الخاصة.
- انتداب الأب متى المسكين وكيلاً للبطريرك في الإسكندرية:
بعد مضي ما يقرب من ثلاثة سنوات قضاها الأب متى المسكين في دير السريان، دعاه الأنبا "يوساب الثاني" البطريرك رقم (115) (1946-1956م) بالذهاب إلى مدينة الإسكندرية لتولى منصب وكيل البطريرك ويكون نائبًا عنه، ولكن الأب متى المسكين رفض ترك الدير، مما جعل البطريرك أن يكلف الأنبا "ثيئوفيلس" رئيس الدير على الذهاب إلى مغارته وإقناعه بتقبل المنصب، وحدث ذلك بالفعل ووافق.
وأشار الأب متى المسكين في مذكراته حيث ذكر قائلاً "وبعد رفضي لثاني مرة عاد البطريرك يطلب بإلحاح، وعاد الأسقف يترجاني وبإلحاح، فلم أستطع الرفض لشعوري بالخجل ولإ حساسي بأن الله معي، ولأنه لن يضيرني شيئًا أن أكون في المغارة أو في الإسكندرية".
وفي أوائل مارس 1954م أقيم في البطريركية المرقسية بالإسكندرية حفل استقبال كبير للأب متى المسكين؛ حضـرة كبار رجال الدين المسيحي والجمعيات ومدارس الأحد وكل الشعب القبطي بالمدينة، وأسهبت الجرائد القبطية في وصف الاسـتقبال، ونذكرعلى سبيل المثال جريدة الأسبوع، ومجلة مدارس الأحد.
أهم الأعمال التي قام بها الأب متى المسكين بالإسكندرية:
1- تنظيم الإدارة البطريركية: بعمل سجلات لحالات (الزواج والعماد) وسهّل على شعب الإسكندرية نظامًا لاستخراج الشهادات الرسمية.
2- تعداد السكان الأقباط: لتنظيم الافتقاد وتقديم الخدمات الاجتماعية لمستحقيها.
3- تنظيم الإحسان: لضبط نصيب كل أسرة حسب احتياجها، حتى لا يضيع حق كل فرد.
4- تنمية موارد البطريركية: بإيجاد مصادر متنوعة لتمويل النفقات نذكر منها، تنمية الأوقاف والتبرعات والنذور والعشور، لسد ديون البطريركية ولمواجهة المصروفات، ولعلاج مثل هذه المشكلات عمل مـيزانية مالية سنوية للتوازن بين حجم النفقات والإيرادات.
5- ضبط الخدمة الدينية: حيث حددت البطريركية لكل كاهن مرتبًا محددًا على أن يسلم ما يقدمه الشعب مقابل الخدمات الطقسية.
6- إنشاء المدرسة الإكليريكية.
7- الإشراف على تعليم الدين بالمدارس.
8- إنشاء المدرسة الصناعية لتخريج الكوادر التي تصلح للعمل بالسوق المحلية والعالمية.
9- تدعيم الكهنوت: ومن أجل ذلك قام برسامة كاهنين جامعيين هما القس مينا إسكندر وكان حاصلاً على الماجستير في العلوم، والقس يوحنا حنين وكان مهندسًا.
بالإضافة إلى هذه الأعمال شغلت الأسرة في الإسكندرية مكانة كبيرة، في فكر النائب البطريركي الأب متى المسكين، ومن أجل ذلك دعا إلى العودة إلى المذبح العائلي، عن طريق صلاة الأسرة بمنزلها يومًا معًا لعلاج المشكلات الأسرية، بل أكثر من ذلك عقد جلسات صلح للمصالحة بين أفراد الأسرة وإنهاء حالات الطلاق -كان يتم العمل بلائحة 1938م التي تبيح الطلاق–، وللأمانة العلمية لعب الأب متى دورًا للمصالحة بين العديد من هذه الأسر وإنهاء الأزمات، وعادت الأسر للمعيشة في حب وسلام مع المسيح. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|