CET 00:00:00 - 22/12/2009

مساحة رأي

بقلم: عزت عزيز
في الجزء الرابع والأخير اُكمل شهادتي على مذبحة فرشوط وكنتُ قد تناولت في الأجزاء الثلاثة السابقة ما شاهدته هناك وما دار بيني وبين الضحايا بمذبحة فرشوط وأوضحت سبب تسمية هذه الفاجعة بالمذبحة، حيث إن قطع الأرزاق ما هو إلا قطع للرقاب، وأوضحت حجم الخسائر والذي تعدى لدي ضحيتين فقط - لطيف جاد وابنه أسحق- مبلغ المليون جنيه، وهذه المذبحة أظهرت مدى تواطئ أجهزة الأمن، بل ولنقل مدى اشتراكها وبشكل مباشر في هذه المذبحة، وأوضحت أيضًا دور محافظة قنا وعلى رأسها محافظها "الهُمام" الذي أمر بعدم تلقي أي شكاوي أو عمل محاضر حال وقوع الفاجعة، وعليه فقد رفض قسم شرطة فرشوط تلقي أي بلاغات من الضحايا!!؟.
 وفي لقاء مع أحد الضحايا، أوضح لنا أن هذه المذبحة كان مخططًا لها مسبقًا، حيث إنه وجد علامة الصليب وقد رُسِمَت على القفل المثبت على أرضية محله، وذلك عندما قام بفتح محله يوم المذبحة، وهناك من أخبرنا أن الباشا الضابط قال له إن الحريق الذي اشتعل في محله كان بسبب ماس كهربائي، وعندما تكررت الحرائق وتوالت أيقن الباشا أن لعبته قد انكشفت!!؟
ولا يفوتني هنا أن أنوه لقول الضحايا إن النيابة العامة قامت بعملية حصر الخسائر بصورة روتينية - أي تحصيل حاصل- والله أعلم فقد يكون وراء هذا دلائل سأوضحها في هذا المقال!!؟
وفي هذا الجزء الرابع والأخير، أوضح بعض النقاط الهامة التي خرجتُ بها من مذبحة فرشوط وأعتذر لكم لو فاتني شيئ، وأترك للقاريء أن يستنبط ما يغيب عني بفطنته .. وسوف أتناول النقاط التالية:
جهل وإجرام .. قوة وتجهيزات .. تستر حكومي بشع ... انتقام وحقد دفين .. ذبح وتجويع وسجن.. دور مسلمي فرشوط.. دور الكنيسة

جهل وإجرام..
وهذه هي طبيعة من قاموا بهذه المذبحة، وعلي حد قول "عم لطيف جاد" البقال المذبوح: "أخذوا الجبنه الرومي على أنها صابون".. دول أخرهم المش أبو دود ولبن الماعز والناقة
 وإجرامهم يأتي من أن هناك الكثير ممن اشترك في هذه المذبحة من عتاة الإجرام، والحكومة العنصرية تتستر عليهم لأنهم بمثابة عملاء ومأجورين لها في البلدة.

قوة وتجهيزات..
فَقُدِرَ عدد هؤلاء المجرمين بالمئات وأول تحركاتهم كانت باتجاه المركز، فأحد الضحايا قال: "علمنا أن هناك مظاهرات لبتوع الأزهر عند المركز، طيب فين الشرطة لتحمي البلد وبالأخص بعد أن ظهرت عدة حرائق فجر اليوم السبت الحادي والعشرون من نوفمبر وقبل هذه التظاهرات؟ أي احتياطات أمنيه قام بها من أخذوا بضائع اسحق لطيف جاد ووضوعوها في بوكس الشرطة!!؟؟".
وكان المجرمون يتسلحون بكل الأسلحة حتي أن أحد الشهود أخبرنا أنهم كانوا يحملون قنابل غازو زجاجات مملوئة بالغاز والشعل النارية والجنازير والسنج والمطاوي والعصي الغليظة!!؟

تستر حكومي بشع..
وكما أوضحت سابقًا لم تتحرك أي جهة حكومية لاحتواء الموقف، وغاب الستة أعضاء في ما يُسمي "بمجلسي الشعب والشوري" وبأوامر من الحكومة، كما أوضح لنا نيافة الحبر الجليل "الأنبا كيرلس" في حديثه المصور لنا، وتركوا البلاد تخرب وهذا ليس بغريب، فإجرام الحكومة له تاريخ في الكشح والعديسات والخانكة والزاوية الحمراء والعياط وجرزا وغيره وغيره.
وعلمت مؤخرًا أن هذه الحكومة العنصرية لن تألو جهدًا في أن تضيّع حق هؤلاء المذبوحين في الحصول على التعويضات عن ما اقترفته أياديها بتسترها على المجرمين الذين ارتكبوا هذه المذبحة.
أما عملية حصر الخسائر، فكانت عملية روتينية كما أوضحت، حيث إن أعضاء النيابة العامة بفرشوط لم يقوموا بهذا الدور بصورة تتضح معها حجم الخسائر بصورة صحيحة ودقيقة، فهم لم يأخذوا بأقوال الضحايا ولم يعطوهم الفرصة لأن يخبروهم بخسائرهم، وقد يكون هذا هو الدافع الذي حرّك السيد المحامي العام بقنا، بأن يطلب كل ضحية على حدى ويستمع لهم .. ولكن ليس السمع فقط هو الذي يحتاجه الضحايا بل هم يريدون تعويضات فعلية وحقيقية وكافية ومساوية لخسائرهم هذا إذا كنا بالفعل نعيش في ظل دولة يسودها القانون .. ولا يفوتنا هنا أن نضع لومًا شديدًا على ما يُسمي بجمعية "الهلال الأحمر المصري" وأيضًا ما تمسي "بوزارة التضامن الاجتماعي" فلم يتحرك منهم أحد لنجدة هؤلاء المنكوبين وكنا نود أن نشعر أنهم بالفعل يخدمون ويساعدون كل مصري دون تمييز.. لكن وأسفاااه لقد ظهروا على حقيقتهم، وأتمنى أن يكون لهذا الموقف السلبي من كل هؤلاء رد فعل من مسيحيي مصر أيًا كانت صورته وشكله وطريقته ووضعه وكيانه.. وهل ما تعرض له المسيحيون في فرشوط لا يتساوى ما يتعرض له من هم في السودان وغزة وغيره ممن يدعي أشقاء لهم؟؟

انتقام وحقد دفين..
قبل ذهابي إلى فرشوط، رأيتُ فيديو يصور لنا جريمة الهجوم على صيدلية "مينا" هناك ودققتُ النظر لأرى عمليات نهب الأدوية "عيني عينك" والمصور يوضح لنا مَن بالداخل من اللصوص والمسعورين وهم يرددون هتافاتهم الحماسية التي تحلل لهم جريمتهم هذه، وما هالني في هذا الفيديو هو ذلك المسعور الذي يمسك بماسورة حديدية - كما أوضح لنا فيما بعد صاحب الصيدلية - ويضرب بكل قوة على فاترينة العرض بعد نهب كل محتوياتها .. حتي السلم الخشبي أخذوه!! "ولِما لا" والجو مهيئ لهم والآمن يحميهم ويتستر عليهم!!؟ كل هذا يوضح لنا ما يحملونه هؤلاء في قلوبهم من انتقام وحقد دفين لأناس مسالمين لم يفكروا يومًا في إيذائهم ولكن هذه هي التعاليم التي يؤمنون بها والتي نهجوها وتربوا عليها.

ذبح وتجويع وسجن..
فبعد أن ذُبِحَ عشرات التجار في هذه المذبحة وبتستر حكومي بشع، أصبحوا جميعًا دون مصدر رزق يُمَكِّنهم من مواجهة الحياة بمرارتها وقسوتها ومسئولياتها ودون أن يسأل عنهم أحد. وما رأيته ولم أقبل أن أصوره بالفيديو هو منظر أبناء أحد التجار المنكوبين وقد أصبحت ملابسهم في حالةٍ رثى لأنه مر على فجيعتهم الكثير وهم دون مصدر رزق لأبيهم حتى يمكنه أن يغطي احتياجاتهم!!؟
هؤلاء لم يُجَوَعوا فقط بل هم ينتظرون السجن لأنهم مديونون للبنوك وللتجار الذين يتعاملون معهم لأن هؤلاء التجار لا يملكون كل البضائع التي نُهبت أو حُرقت بل إن أغلبيتها تم شراؤها بكمبيالات كما هو متعارف بين التجار وبعضهم البعض، وهناك من اقترض من البنوك لفتح مشروع تجاري ولم يمر عليه سوى أيام قليلة وجاءت المذبحة لتمسح أماله وأحلامه، بل وصل الأمر لحد أن البنوك والدائنين قد بدأوا بالفعل بالمطالبة وكأنهم يقولون للمذبوحين "ها نحن نكمل عليكم همهكم" .. وهم قد يكونون معذورون .. فمن ينقذ هؤلاء من السجن بعد التجويع وقطع الأرزاق؟ آلم أقل لكم إنها بالفعل مذبحة؟

أما دور الكنيسة..
فقد كان قويًا وبالأخص في فضح كل المسئولين من كبيرهم لصغيرهم .. ورجال الكنيسة من أسقفها نيافة الحبر الجليل الأنبا كيرلس والآباء الكهنة لم يألوا جهدًا في الوقوف مع المذبوحين وبقدر استطاعتهم وإمكانياتهم. وبالطبع خرجت بعض الصحف المأجورة لتقول إن الكنيسة ستقوم بعمل جلسة صلح وهذا ما رفضه نيافة الأنبا كيرلس بل ولم يفكر فيه أصلاً ..

أما عن دور مسلمي فرشوط..
فكنتُ قد التقيتُ ومجموعة من عائلة "أبو سحلى" بفرشوط وهم يمثلون عائلة عريقة شهيرة تمتد جذورها لعهد بعيد وتحدث معي بعضهم وكان رفضهم لهذه الأحداث هو العامل المشترك بينهم وأوضحوا أن من قام بها هم من عتاة الإجرام وقطاع الطرق.
وتسائلوا عن سبب إقحام فرشوط في حادث وقع في بلدة الشقيفي؟ وكنتُ قد علمتُ مسبقًا بأن أفراد هذه العائلة قد قاموا بدور فعّال في عدم امتداد هذه الأحداث إلى المنطقة التي يقطنون بها وبالأخص أنهم يمثلون مدخلاً لمنطقة توجد بها كنيسة وكان أيضًا لهم دور فعّال في منع هجمة جديدة عندما أشاع بعض من المجرمين أن المسيحيين قاموا بحرق مقام الشيخ "أبو غريب" مما جعل هؤلاء يتجمهرون للقيام بحملة اعتداءات ضد منازل ومحال المسيحيين. وهنا قام كبار عائلة أبو "سحلى" وتصدوا لهم وأجبروهم على التراجع مما أدى لمنعهم من إتمام جريمتهم ..
وأنا بفرشوط سمعتُ أن هناك محاولاتٍ للصلح!!؟ فضحكتُ.. وكما يقول المثل شر "البلية ما يُضحك" .. وتسائلتُ: "مع مَن يتصالح هؤلاء المذبوحون؟" هل يتصالحون مع جماعة من المأجورين وعتاة الأجرام؟ هل يضعون أياديهم في أيدي قتلة ومجرمين دون أن يحمل هؤلاء أكفانهم؟ هل هؤلاء المجرمون ومن يتستر عليهم سَيُرجِِعُون لهم ما تسببت فيه أياديهم من خراب ودمار وحرق ونهب وتجويع وما ينتظرهم من سجن؟ إنها قمة المأساة الإنسانية أن تذبح إنسانًا ثم تضع يدك في يده وتقول له عفوًا لن أقصد ذبحك فقط!!؟

ما سبق من أجزاء أربعة ما هو إلا نقاط من شهادتي على مذبحة فرشوط بكل ما تحملة من ماساة إنسانية حدثت لأناس مسالمين لم يقترفوا ذنبًا، بل إن ذنبهم الوحيد أنهم مسيحيون .. مأساة توضح تستر حكومي بشع مع عتاة إجرام .. تظهر لنا هذه المذبحة مدى التسيب في أخطر أجهزة الدولة .. أختم شهادتي بقولي إن ما رأيتُه في فرشوط لن يُمحى إلا بتعويض المذبوحين وعِقاب رادع شديد لهؤلاء المجرمين ومحاكمة كل مسئول حكومي تستر عليهم .. فهل سيتحقق كل هذا؟؟

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٣ تعليق