CET 00:00:00 - 26/12/2009

مساحة رأي

بقلم: جرجس بشرى
أثار ظهور السيدة العذراء القديسة الطاهرة مريم ردود أفعال كثيرة، فهناك من رفضوا أساسًا هذه الظهورات مع أنهم شاهدوها بعيونهم أو سمعوا عنها بالآذان من شهود عيان، وهناك من يؤمنون بعين الإيمان التي ترى ما لا يُرى أن هذه الظهورات حقيقية واقعة بالفعل، وأن الظهورات الروحانية للقديسين لها ما يسندها في الكتاب المقدس والتاريخ الكنسي، وبل وبعض حياة الأفراد.

ومن أكثر المقاومين لظهورات العذراء والقديسين والذين يعتبرون مثل هذه الظهورات نوعًا من الخيال والضحك على البسطاء والسذج، بعض العلماء الذين لا يؤمنون إلا بالواقع المادي الملموس والقوانين العلمية الطبيعية، وغيرهم من المُنكرين لمثل هذه الظواهر الروحانية العجيبة، والحق أقول أن كتابنا المقدس كلام الله قد أخبرنا من آلاف السنين بأن الإيمان هو "الثقة بما يُرجى والإيقان بأمور لا تُرى"، وأن المسيحية لم تنتشر بقوة في العالم في بدايتها تحديدًا وحتى هذه اللحظة (لأن الله لم يترك نفسه بل شاهد) إلا عبر آيات وعجائب وقوات صنعها الله تبارك اسمه على يد تلاميذه القديسين والآباء والمؤمنين باسمه، لدرجة أن قال القديس بطرس الرسول "لأننا لم نتبع خرافات مُصنعة إذ عرفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح ومجيئه"، فمن علامة صدق الرسالة أو الديانة هو أن تُصدق السماء نفسها صحتها في كل مكان وفي كل زمان على مرأى ومسمع من شهود عيان كثيرين، وهذا ما أكده بالفعل الكتاب المقدس في إنجيل القديس مرقس عندما قال الوحي الإلهي على لسانه عن تلاميذ المسيح "أما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالآيات".

ويعوزني الوقت أن أتحدث عن عمل الله في كل مكان وزمان ووقت، وأؤكد بأن الذين ينكرون عمل الله في قديسيه ومعجزاته إنما هم ينكرون الله في الأساس، لأن إلهنا هو إله المستحيلات، وهو الإله القادر على كل شيء، وهو الذي لا يعسر عليه أمر، ويمكنني هنا أن أقول لهؤلاء وبكل ثقة أن المعجزة الإلهية يمكن تعريفها كالآتي "عمل إلهي فوق العادة، يجريه الله بنفسه أو من خلال قديسيه، دون التقيد بعوامل الزمان والمكان والتنبؤ المبني على القواعد والأسس العلمية والطبيعية".

فمن شروط المعجزة أن تكون ضد نواميس الطبيعة والعلم وإلا في هذه الحالة لن تصبح معجزة، وإن استوعب العقل البشري المعجزة لا تصبح معجزة لأنها أساسًا فوق العقل وضد نواميس الطبيعة وقواعد العلم، وإلا فلييجيبني أحد من العلماء كيف حملت العذراء بدون زرع بشر أو دون أن يلمسها بشر؟!! وكيف يخلق المسيح تبارك اسمه من الطين طيرًا؟!!! وكيف يبرئ المرضى من الأمراض المستعصية وكيف يفتح عيون العميان؟ وكيف يرسل الله القديسين إلى عالمنا لإبلاغ رسالة معينة أو لإرسال تعزية لكنيسته المقدسة وسط هذا الهجوم الضاري عليها والمخططات الشيطانية التي تدبر لها في الخفاء والعلن؟، فالله بل شك يعلن ذاته ويتمجد هو وحده في مثل هذه الظهورات والمعجزات، ورغم محاولات التشكيك في عمل الله فإن عدم اعتراف البعض بهذه الظهورات والمعجزات لا يمنع ولا ينفي وجودها كحقيقة إيمانية ثابتة وراسخة ووعد من الله بحفظ ورعاية أولاده وكنيسته، وستظهر العذراء ومعها قديسين وملائكة رغم أنف المقاومين وسيستعلن مجد الرب بقوة في أرض مصر كما سبق ووعدنا الرب بذلك، وكما سبق وأشرت -أنا الضعيف- إلى ذلك في مقال على موقع الأقباط متحدون منذ أسبوع تقريبًا.

وفي النهاية فإنني أسأل الذين اتهموا الذين شاهدوا ظهورات العذراء بأنهم بسطاء وساذجين بأن الله تبارك اسمه يعلن ذاته لهؤلاء البسطاء والفقراء والمساكين، وهو الذي اختار تلاميذه من زمرة البسطاء بل والجهلاء لنشر المسيحية والكرازة في العالم ليخزي بهم الحكماء، كما اختار الله ضعفاء العالم ليخزي بهم الأقوياء، واختار أدنياء العالم والمُزدري وغير الموجود ليبطل الموجود!
فكم عظيمة جدًا هي المسيحية القوية بمسيحها القادر على كل شيء، فظهور العذراء عمل إلهي معجزي فائق للعقل وضد نواميس الطبيعة، ويبين مدى الكرامة التي تتمتع بها هذه القديسة لدى الله تبارك اسمه، فهي التي قالت "هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني لأن القدير صنع بي عظائم وإسمه قدوس ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه".
فسلام لك أيتها العذراء القديسة مريم لأنك ولدت لنا مُخلص العالم، وصلي لأجل سلام العالم كله أمام إبنك الذي له كل المجد والكرامة والقدرة والسلطان والسجود والبركة منذ الأزل والآن وإلى دهر الدهور آمين.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ٦ تعليق