بقلم: جرجس وهيب
لا أحد يستطيع أن ينكر أن اهتمام الدولة زاد خلال الفترة الأخيرة بالصعيد بعد أن أُهمل كثيرًا ومنفى للمغضوب عليهم، وسآخذ بني سويف نموذج لذلك.
فتم ويتم تنفيذ مشروعات كبرى بالمحافظة في شتى المجالات، فتم توصيل الصرف الصحي بمعظم مراكز المحافظة وبعض القرى الكبرى ورصف عدد كبير من الشوارع الرئيسة بمدن المحافظة وافتتاح العديد من مشروعات المياة الكبرى كان آخرها مشروع كفر الجزيرة
بتكلفة تزيد عن 100 مليون جنيه، وزاد الاهتمام بالمستشفيات بشكل كبير وتطورت عما كان وسيتم افتتاح ثلاث مستشفيات بمدن ناصر الواسطى والفشن خلال الأيام القادمة بتكلفة تزيد عن 300 مليون جنيه، بالإضافة إلى تطوير عدد كبير من الوحدات الصحية القروية، كما تم إقامة العديد من المجمعات الحكومية النموذجية وافتتاح العشرات من المدارس.
ولكن يبقى السؤال.. لماذا لم يتغير شكل الحياة بالصعيد على الرغم من تنفيذ كل هذه المشروعات بل يزداد الأمر سوءًا؟ سواء كان بالمستشفيات أو بالمدارس أو الشوارع أو جودة المياه أو....؟ بمنتهى البساطة إن المشروعات التي يتم تنفيذها وافتتاحها كان من المفترض أنها تنهي المشكلة التى أنشأت من أجلها فتبحث الدولة عن مشكلة أخرى لحلها، ولكن الذي يحدث على أرض الواقع مختلف.
فالمشروعات التي يتم الانتهاء منها لا تحل المشكلة! ولكن تبقى هي مشكلة في حد ذاتها، فهذه المشروعات كان من المفترض ألا تحتاج إلا لصيانة دورية بسيطة، نجدها بعد وقت بسيط من عملها أنها بها عيوب جوهرية تحتاج إلى ميزانية جديدة لإعادة إصلاحها، فأصبحنا نصلح الإصلاح وبالتالي أصبحت المشاكل لا تُحل.
فعلى سبيل المثال تم إنشاء مجمع للمحاكم بمدينة بنى سويف وكانت المحافظة في حاجه ماسة لوجوده، فعظم المحاكم كانت بأماكن متناثرة وبعيدة وفي مباني متهالكة، فكان إنشاء مجمع المحاكم إنجاز كبير، وكذلك الحال بالنسبة لمديرية التربية والتعليم بمدينة بني سويف ولكن بعد تسليم هذه المباني وبداية العمل بها واستقبال الجمهور اكتشف أن هذه المباني بها عيوب جوهرية في عمليات الإنشاء، فبدأت عمليات إصلاح الإصلاح وتم تخصيص ميزانية جديدة لإعادة إصلاح هذه المباني، فبدلاً من أن يتم البحث عن مشكلة جديدة لحلها نصلح ما تم إنشاءه.
وكذلك الحال بالنسبة لخطوط مياه الشرب الجديدة بمدينة ناصر التي أصبح انفجارها يومي ومعتاد، مما يؤدي إلى قطع المياه لفترات كبيرة، ومحطة مياه كفر الجزيرة التي اعتقد المواطنين مع إنشائها انتهاء معاناتهم مع مشكلة ضعف وانقطاع المياه ولكن تحول الأمر إلى العكس، فمع إنشاء المحطة زادت المعاناة.
فمن المسئول عن تكرار المشاكل وعدم حلها؟ هل الدولة التى رصدت هذه الأموال لحل المشاكل؟ ومن هي الدولة؟ هل هي رئيس الجمهورية الوزراء فقط؟ أم المهندسين والمحاسبين والإداريين والنجارين والحدادين والسباكين والعمال الذين قاموا بإنشائها؟ فالمشاكل التي نعاني منها يتقاسم مسئوليتها كبار المسئولين بالإضافة إلى المواطنين العاديين بعد أن استشرى الفساد فى كافة المستويات من الوزير إلى الخفير وانعدم الضمير وأصبح شعار الجميع شيلنى وأشيلك، فهل ما زالنا نبحث عن حلول لمشاكلنا؟ إذا أردنا حل مشاكلنا علينا بتطبيق نظام الاحتراف في كل قطاعات الدولة أو استيراد عمالة من الصين!!! |