في الشهور الاخيرة عادت ظاهرة البلطجة تطل علينا بوجهها القبيح نتيجة غياب الأمن وحالة إللا دولة التي تعيشها مصر في الفترة الراهنة، حيث يقوم البلطجية بترويع الآمنين وفرض الإتاوات عليهم تحت تهديد السلاح او بعد خطف احد أبنائهم في ظل غياب تام للأمن. وقد استهدفت تلك الظاهرة أقباط الصعيد على وجه الخصوص، وان لم يسلم بعض أثرياء المسلمين احيانا من آذاها. وقد تم اكتشاف وكر واماكن اخفاء للاطفال والشباب داخل مقابر الاقباط بقريه بنى عدى التابعه لمركز منفلوط اسيوط اثناء قيام الاهالى بدفن احد الموتى فسمعوا صوت من داخل المقبره اتضح انه لشاب قبطى من قريه رزقه الدير المحرق وكان مختطف من 4 ايام ووجد بالمصادفه. كذلك تم العثور على شابة قبطية مختطفة في المقبره المجاوره.
ولا يختلف الحال كثيرا في مدينة القوصية، حيث تتصدر المشهد مجموعة ارهابية يقودها فتوة محترف اسمه أحمد كامل زعويلة من داخل محبسه. فعن طريق هاتفه المحمول يقوم بتوجيه الأوامر لأبنائه ومن معهم من بلطجية بفرض الاتاوات على اهالى مدينه القوصيه، كما يقوم بالاتصال بالضحايا لتهديدهم وبث الرعب في قلوبهم.
وزعويلة هو مسجل خطر كان قد سبق اتهامه في 16 قضية قتل، وسلاح ناري، وفرض سيطرة، وسرقة وما الى ذلك من جرائم. وقد بدأت القصه في أعقاب ثورة يناير 2.11 حيث ظهر ذلك التشكيل العصابي وأخذ في ترويع المواطنين في مشهد بدا أقرب للقصص والأفلام القديمة منه إلى الواقع. كان زعويلة يسير محوطاً بأتباعه الذين يزيد عددهم عن 20 رجل مدجج بالسلاح، يختار ضحيته التي عادة ما تكون من التجار و أصحاب المحال المسيحيين. وبإشارة منه يتم تحديد الهدف. يذهب أحد رجال زعويلة الى منزل الأسرة برسالة واضحة، ويطلب إعداد مبلغ من المال للتسليم في اليوم التالي، فان لم يكن، وقع المحظور. وقد حاول احد الضحايا التفاوض في المبلغ المطلوب، فقدم مبلغ .5 ألف بدلا من .25 ألف من الجنيهات، فما كان الا ان تم اختطافه علناً من سوق المدينة بعد إطلاق النار على قدميه، حيث تم اجباره على توقيع أوراق بتنازله عن جميع ما يملك حتي وافق على دفع باقي المبلغ لاستعادة الأوراق. وإلى جانب الإتاوات، فقد عانى أهل المنطقة من حوادث السرقة بالإكراه، وإجبارهم التوقيع على شيكات على بياض. هذا بخلاف حالة الرعب التي أصبحت السمة الأساسية لحياتهم اليومية.
لم ينقذ الأقباط في السابق غير وقوفهم للتظاهر أمام مركز شرطة القوصية بالمئات. وقد كان من شأن تلك التظاهرات أيضاً أن أسفرت عن نقل الظابط حسام جمال الذي اعتبروه شريكاً أساسياً، إن لم يكن محرضاً على تلك الجرائم - ولعل معاناة المواطنين وشهادة الشهود لم تكونا كافيتين لدفع المسوؤلين للتحقيق معه عن دوره الشبه مؤكد في تلك المهزلة الأمنية، فكان الاكتفاء بنقله . اما اليوم، وبعد عودة زعويلة لممارسة نشاطه من خلف القضبان، فقد عاد الذعر والهلع يسكنان القلوب، وأصبح الإبلاغ او حتى التفكير فيه دربا من المستحيل. وكيف يعيد الأهالي الكرة وقد نما الى علمهم ان الإرهابيين لهم أذرع في كل مكان، وهناك من يطلعهم على كل محاولة يقوم بها البعض لإبلاغ السلطات. فيكتفي الأهالي بالصمت الحذر غير آمنين لما يضمر لهم الغد، بينما يعود السؤال البسيط ليطرح نفسه: أين الدولة؟ هل خرجت ولم تعد؟
melekghada@gmail.com
نقلا عن kitabat.info |