بقلم: جرجس بشرى
يُعتبر الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية المصري واحدًا من أبرز وزراء المالية في تاريخ الحكومات المصرية على الإطلاق، وهذا التميز الذي يتمتع به يوسف بطرس غالي ليس نابعًا من كونه رجلاً ينتمي بجذوره إلى عائلة ارستقراطية كبيرة لها باع طويل في السياسة، حيث إن عمه هو الدكتور بطرس بطرس غالي سكرتير عام منظمة الأمم المتحدة الأسبق ورئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان الحالي، كما أن بطرس باشا غالي كان رئيسًا لوزراء مصر في مطلع القرن العشرين، وإنما لما تتميز به شخصية الدكتور يوسف، حيث قدرته الهائلة على الوصول والتواصل مع الجماهير بلغة سهلة وبسيطة يفهمونها، كما أنه يتمتع بخبرة عالية جدًا ونادرة في مجال السياسات الاقتصادية والمالية، لدرجة أن تم اختياره ليترأس لجنة السياسات المالية والنقدية بصندوق النقد الدولي عن طريق الانتخاب، وهو المنصب الذي لم يفز به أحد من قبل في العالم العربي، بل كان يذهب دائمًا إلى أشخاص ينتمون لبلاد أوروبية خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، كما فازت به شخصيات كندية في الثمانينات من القرن الماضي.
ويتميز يوسف بطرس غالي بثقة غير معهودة في نفسه، فهو الوزير الذي يستطيع بقوة حجته أن يُفحم جميع مُعارضيه ومُنتقديه سواء في الإعلام أو في مجلس الشعب المصري، فوجود بطرس غالي في وزارة المالية خلال هذه الفترة الحرجة التي يمر بها العالم كله بأزمة مالية عالمية كبرى، ألقت بظلالها على معظم بلدان العالم، خفف من حدة الآثار السيئة الناجمة عنها، خاصة بانتهاج سياسات مالية وضريبية أضافت إلى خزينة الدولة المصرية كثيرًا من الموارد الإضافية، حيث إنه وبفضل سياساته الضريبية المبتكرة، ارتفعت حصيلة الضرائب على الدخل، وبفضل إقرار القانون الجديد لضريبة الدخل، ارتفعت الضريبة من 33 مليار جنيه عام 2003 /2004 إلى 54 مليار جنيه عامي 2005/ 2006، ثم إلى 76 مليار جنيه عامي 2007 /2008، و 95و90 مليار جنيه عامي 2008/2009، بنسبة نمو 7و 175 %.
ومن المؤكد أن الإصلاحات الضريبية التي طالب بها غالي أسهمت بشكل كبير في زيادة الثقة التي كانت مفقودة بين الممول ومصلحة الضرائب، ورغم هذا النجاح الذي تحقق لوزارة المالية على يد الوزير يوسف بطرس غالي، إلا أنه لم يسلم من حملات الانتقاد من قِبل بعض الأقلام والبرلمانيين وطالبي الشهرة، لدرجة أن هناك أحد المحامين اتهمه بإثارة الفتنة الوطنية لوضعه علامة الصليب على إقرار الذمة المالية، وهو الأمر الذي لم يحدث، بل إن ما كان مطبوعًا على الإقرار ليس صليبًا بل عبارة عن رسم على شكل علامة + أو x بطرف الإقرار ناجم عن الطباعة، كما طالب مؤخرًا أحد المحامين بعزله من منصبه على خلفية ما أشيع عن سبه للدين في جلسة الموازنة بمجلس الشعب مؤخرًا.
وكان طلب الإحاطة الذي تقدم به النائب البرلماني مصطفى بكري، قد وصف وزير المالية بــ"الزنديق" بحسب ما نشرته بعض وسائل الإعلام وخاصة موقع "أنا المسلم" على شبكة الإنترنت! كما انتقد البعض وزير المالية ووصفوه بــ "وزير الجباية" وذلك بعدما أثير موضوع قانون الضرائب العقارية الجديدة، وهو اتهام باطل استطاع الوزير أن يرد عليه بكل قوة في برنامج "البيت بيتك" حيث أوضح أن هذا القانون تمت الموافقة عليه من رئيس الجمهورية وأيدته المحكمة الدستورية العليا أخيرًا
بعد إحالته إليها 3 مرات!! وأوضح غالي أن كل من يمتلك عقارة أقل من 500000 جنيه سوف يتم إعفاؤه من هذه الضريبة، مؤكدًا على أن تقديم جميع المواطنين للإقرار حتى ولو كانوا من يشملهم الإعفاء له مميزات أخرى إحصائية ستفيد مصلحة البلد والمواطن فيما بعد.
وتقديرًا لجهوده ونجاحاته في مجال الإصلاح الضريبي، تم تكريم الدكتور يوسف بطرس غالي، حيث حصل عام 2009 على جائزة أفضل وزير مالية في أفريقيا، وقد طالبت أصوات بضرورة ترشيح غالي لرئاسة مجلس الوزراء، وكانت تستند هذه الأصوات إلى أن الوزير يوسف بطرس غالي يمتلك كل المقومات التي تؤهله لشغل هذا المنصب، وأقول هنا إن تعيين يوسف بطرس غالي رئيسًا للوزراء سوف يفيد مصر كلها أكبر ما يفيد الوزير الذي اعتقد أنه أكبر بكثير من هذا المنصب، لأنه بحق شخصية فوق العادة! |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|