CET 00:00:00 - 08/01/2010

مساحة رأي

بقلم: القس سامى بشارة
يأتى ميلاد السيد المسيح كل عام فى اول العام الميلادى بولادة كل شىء جديد بعد عقم طويل نسى معه الكون ولادة اى شىء وقد اكتست الطبيعة بابهى حللها وازدانت الاشجار بازهى ازهارها وغردت الطيور باحلى الحانها لان السماء تقدم للارض اغلى ما عندها اذ يبتهج العالم بذكرى بميلاد الكلمة التى اتخذت جسدا وصارت بشرا وتمثلت طفلا فى مزود بيت لحم ولكنه يولد كل يوم فى قلوب الملايين بالفرح والسعادة والسلام اذ يفتقد روح الله حياة البشر وياتى كل لحظة خيرا وشفاءا ,دواءا وعزاءا , املا ورجاءا لبيوت المحرومين والمجروحين للمطروحين والمهمشين للفقراء والبسطاء جاء المسيح ليرفع الاذلاء وينزل الاعزاء ليشبع الجياع ويصرف الاغنياء فارغين جاء المسيح ليشتت المستكبرين بفكر قلوبهم وليعلى من شأن المساكين بالروح وانقياء القلب واتقياء السريرة ويطفىء جذوة الخطيئة والشهوات الدنيئة ويعلن البر والنعمة والامان والطهر للنفوس البريئة فما احسن ميلادك يامسيحى وما اكثر الامك يا ذبيحى. لكن اسمح لى ان اقدم ترنيمة قلبى ولحن حبى وجل لبى لانك حين اتيت الى حياتى غيرتها وحين سكنت روحى غسلتها وحين عبرت صحرائى لونتها وحين ترنمت مشاعرتى لحنتها وحين سلمتك نفسى رفعتها واغنيتها وجملتها فاليك ترانيم لسانى وتراتيل كيانى يااعذب لحن واطرب شجن يامولود العذراء وابن الضياء وهدية السماء وتسبحة العطاء.

1.ترنيمة اليصابات:
كانت اليصابات تهمس بترنيمتها وهى تتغنى بروعتها وارادت الدنيا ان تشاركها فرحتها واخذت تتلو سعادتها فعندما يغنى القلب يتجسد الحب وحين يعطى الرب يفيض العطاء على الارض ويدرك البشر جود السماء فيتعلم المحتاج العطاء ويعشق الفانى الخلود ويرغب العدم فى البقاء. فلما سمعت اليصابات سلام مريم قفز الجنين فى بطنها وامتلأت من الروح القدس وهتفت بصوت عال "مباركة انت فى النساء ةمباركة ثمرة بطنك"  (لو 1: 42- 45). فى مجتمعات مثل المجتمع اليهودى وفى قرينة شرق اوسطية تقاس قيمة المرأة بمقدار قدرتها على الانجاب وكان يقدم السن باليصابات يشكل وحشة مؤلمة ومحنة اليمة ولكن ميلاد المسيح فتح الارحام العقيمة وعالج الصدوع فى النفوس الكريمة اذ قدم يسوع وهو لم يذل جنينا املا ورسم بسمة ومنح رجاءا لهذه العائلة السقيمة. ويسوع على استعداد الان ان يقدم ذات الامل ونفس العمل لكل من يؤمن ولكل من يثق ولكل من يصدق. لقد تغنت اليصابات بعطية الله اكثر من ترنيمها لاجل العطية ذاتها فهى لم تفرح للطفل وان فرحت ولكنها فرحت اكثر بالعاطى ولم تبتهج للمخلوق ولكنها ابتهجت بالخالق.

وما يستحق التامل وما يثير الدهشة هو ترنيمتها وفرحتها بما حدث مع مريم حين عرفت تدبير الله للبشرية جمعاء ولما ادركت ببصيرتها الروحية حمل الله الذى يرفع خطية العالم فمجدت توقيت الله للعائلة الكونية الاكبر وللاسرة الدولية بقدر اوفر. لقد ترنمت اليصابات لان ام الرب قد جاءت اليها ورب كل ام جاء الى حياتنا ورب كل اب اتى الى عالمنا. ترنمت اليصابات لانها عانقت المنعم عليها وطوبت الطوباوية المرسل اليها ومجدت روح الله القدوس الذى يظلل البتول ويظللها. لقد ترنمت بمجىء التى آمنت ان يتم ما قيل لها من قبل الرب! ولكنها تهللت بخلاص القلب وفداء الشعب ميلاد الحب. نحتاج فى حياتنا الخاصة ان نتذكر وخاصة حيمنا يهل علينا العيد وحين يطل علينا يسوع الوليد ان الله يضبط كل الامور ويتحكم فى كل المواقف ويسيطر على الاحداث. فهل تدرك توقيتات الله وتثق فى معيته.دع ترنيمة اليصابات تسكن روحل وتعانق عدم صبرك وتهدىء عجيج حياتك.

2.ترنيمة مريم:
اننا حين ننظر للعذراء مريم لا نعطيها حقها الكافى ولا اكرامها الوافى اذ نراها مجرد وسيلة لغاية اوكما ننظر فى مجتمعاتنا الذكورية االعاربة كما نقدر اى امراة على انها مجرد وعاء للانجاب او على العكس نتطرف فى التبجيل بحسب طبيعتنا المتعاربة ونبالغ فى الاكرام فنجعل منها ربة وشفيعة وكلا السبيلين متاهة او مشكاة بلا مصباح. فعندما ندرس ترنيمة القديسة المطوبة نقدرها كما قدرها الوحى ونقيمها كما نظر اليها روح الله ونعرفها كما عرفت هى نفسها. ففى (لو 1: 46- 56 ) ترد ترنيمتها بديباجة تلخص شخصيتها وتشرح قدرها وقدرتها فحين تقول "تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مخلصى" فهى ترى الرب اعظم منها وتراه مخلصا شخصيا لها وترى العلاقة بينها وبينه روحية فى المقام الاول قبل العلاقة الرحمية.
ثم تعرف نفسها بانها امة الرب اى عبدة الرب او خادمة الرب اذ ترى الله القدير الذى يصنع الامور العظيمة والقدوس اسمه وتراه نصيرا للفقراء والاذلاء والمحتقرين والمظلومين. لقد قبلت الشابة الصغيرة عطية الله بالرغم من التكلفة الباهظة فى مجتمع يلوك بالسنته سيرتها بالقيل والقال متشدقا بالصيت والسمعة ولكنها رأت فى عار المسيح غنى وفقر المولود منها اعظم من كل خزائن العالم لقد قبلت البركة وكانت تدرك ان ثمنها غالى وان ضربيتها باهظة فسياتى يوم وترى وحيدها مصلوبا وسيجوز السيف فى نفسها فلم تهن امومتها ولم تلن عزيمتها.

اننا كثيرا ما ننكر على الله ان يتجسد او يتواضع وهذا انقاص من قدرته فهل لا يستطيع الله ان يتخذ جسدا؟ ونحن لا نقابل عطيته التى لا يعبر عنها بل هى عطية العطايا بالاستحسان بل نقابلها بالكبر والامتهان فعدم قبول الكثيرين لكون الله قد جاء الى العالم فى جسد لهو من باب الكبرياء وتنزيه الله على ان يكون له ولد لهو من باب التغرير والغرور فقد غرر بنا فكر ابليس بان نرفض عمل الله وخطة الله وعطية الله التى فرحت بها واجلتها الفتاة الصغيرة وتقبلتها فى تواضع ووجل وفى ذلك عبرة ودرس لنا ونحن ننظر فى شموع الميلاد عل الله ينير ابصارنا ويفتح بصيرتنا فنتواضع كما تواضعت مريم ونقبل عطية الله يسوع المسيح كما رحبت شابة الناصرة حتى نتغير ونصير اولاد الله بالايمان. الايمان بنعمته وبابنه الذى كلمنا به فى هذه الايام الاخيرة اذ جعله وارثا لكل شىء وجعلنا به ملوكا وكهنة لله ابيه. فهل نقول لرسالة السماء هانذا؟ وهل نجيب رسالة الميلاد: ليكن لى كقولك؟

3.ترنيمة شخصية:
ان العلاقة الشخصية هى غاية الميلاد وان المعرفة الشخصية هى رسالة المولود وان الاختبار الشخصى لميلاد يسوع لهو جوهر التجسد وان عنوان ترنيمتى الشخصية هو"ميلاد يسوع فى قلبى". لقد فرحت اليصابات وترنمت وفرحت العذراء ورنمت فكانت هذه وتلك ردات فعل لفعل عظيم وتجاوبات بشر لخلاص كريم. لكن ماذا عنا اليوم؟ وماذا عن عالمنا؟ وماذا عن واقعنا؟
اننا نحتاج الى روح الميلاد الذى هو فكر الاتضاع فلقد تواضع الله حين ارتضى ان يتجسد ونحتاج الى السلام لنبذ الكراهية ونحن نراها تحظر بناء الكنائس فى بلدنا وتحظر صوت المآذن فى بلدان اخرى وتتجلى فى اضطهاد الاقباط فى ديروط وفرشوط  وابو شوشة وفى رفض البهائيين والوهابين والاحمدية فى اندونيسيا ويهود ابو حصيرة.

نحتاج الى روح الميلاد فى ثقافة التسامح وقبول الاخر ونحن نرى حرائق رفض الاخر تاتى على الاخضر واليابس بين شعبى مصر والجزائر.
نحتاج الى مسرة الميلاد ونحن نرى رياح الحزن فى عيون اطفال الشوارع  وفى ربوع شوارع مصرنا بسبب ظاهرة التحرش الجنسى. نحتاج الى روح الميلاد روح المحبة الحقيقية لله والوطن ونحن نرى التدين الشكلى والفرقة تجرى مع مياه النيل بين الاديان وبين الطوائف وبين المذاهب وبين افراد الاسرة الواحدة. نحتاج الى شموع الميلاد لتضىء ظلمات القلوب ودياجير النفوس التى ظللها الظلم والرشوة وطمس الفساد ابصارها وبصيرتها.
نحتاج الى وليد المذود ليذودنا بفرح النفوس وهى تتوب وترجع عن طرقها الردية وتتواضع تحت يد الله القوية فى عودة جماعية لضمير مجتمع مات وغطاه الجهل والفقر والمرض وصحوة مدوية حتى يرفع الله عنا الوباء والتطرف والغلو فى الدين وحتى يحمينا من الردة الجماعية الى عصر الجاهلية وحرب القبائل ورفض للابداع والمبدعين. ترنيمتى كلماتها ي س و ع ومفرداتها م ي ل ا د والحانها مجد فى الاعالى وعلى الارض سلام ومسرة لكل الناس.

لقد تغيرت حياتى بمولده
وتلونت ترنيماتى بتجسده
قلبى ما اسعده
يسوع ما اجوده
اخضوضرت صحرائى وازهرت
اينعت غيطانى واثمرت
هتفت روحى وترنمت
فرحت نفسى وابتهجت
حين عرفتك ياطفل المذود
غمر الرجاء قلبى الاجرد
اضاء النور ظلامى الاسود
تبدلت حياتى ونلت روح الموعد
اختبار يسوع فى قلبى
جعل من السماء دربى
غير الى العطاء حبى
جعلنى خادم فى حقل ربى
ميلاد يسوع بحبه الكافى
بحبه الشافى
بحبه الوافى
بحبه الدافي

ماجستير الدراسات اللاهوتية
Samy6868@yahoo.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق