CET 00:00:00 - 09/01/2010

كلمه ورد غطاها

بقلم: ماجد سمير
كلاكيت.... مرة، جملة شهيرة جدًا تُقال دائمًا عند تصوير مشهد، ولكن في هذه المرة لم يتسطِع الرجل الذي تم تكليفه بعمل واقعي فيلم عن الاعتداء على الأقباط تلعثم عن النطق ونسى الرقم، بل ونسى أي مشهد لايف ستنقله الكاميرا على الهواء من موقع الأحداث، وتاه الرجل ولف حول نفسه لأن بداية الفيلم تعود إلى أحداث الخانكة سنة 1972 -في العقود الأخيرة فقط-، ومنذ المشهد الأول في هذا العام المشئوم وحتى مذبحة كنيسة نجع حمادي ليلة عيد الميلاد في عام 2010 عدد لا يُحصى من الأحداث.

عاد الرجل للمخرج وقال له ما يفيد عدم تذكره لرقم المشهد وأن ذلك سيتسبب في مشكلة كبيرة عند بدء مونتاج الفيلم، فصرخ فيه المخرج بصوت عالٍ.. لا يهم العدد لأن ما يحدث تصوير واقعي، وأضاف قائلاً: انت عارف إني ملك الواقعية وأمثل للمشاهد الواقع كما هو، وحينما وضح على المساعد عدم فهم أي شيء من خلال نظرته البلهاء وفتحه لفمه على طريقة من سمع النداهة أو كالريفي الذي بهرته أضواء المدينة، قرر المخرج فورًا الاستغناء عن خدماته حتى يرتاح ويعمل بشكل هادئ وبدون أي قلق.
يعرف المخرج أن الفيلم لن يتم رفعه أبدًا من على شاشة العرض لأنه فيلم الموسم وكل موسم، فالمسحيين هم دائمًا منذ قرون طويلة اللعبة فرصة ممتازة لجعل الشعوب المقهورة في الشرق الأوسط بوجه خاص ودول العالم الثالث تشعر بنوع من النصر والإنتصار، والأغلبية في هذه الدول يجب أن تحس ولو بالخداع بنوع من الزهو والإفتخار بالقوة والسطوة، والمسيحيين هم لوحة النشان التي يصوب عليها الأغلبية في عالمنا النايم، وهذا الأمر يدركه المخرج تمامًا لذا أقنع المنتج بأن إستمرار العرض فيه مصلحة لا تُقارن.

ولأن المقهور يحتاج من وقت لآخر إلى مجرد الشعور بالإنتصار، والجسم الذي يشرف على التحلل والإنتهاء دائمًا تجد أضعف شيء فيه الأطراف بصرف النظر ظن ونفس النظرية تنطبق تمامًا على الدول، مصر الآن تصرخ كل ما فيها من الألم والوجع، والمستقبل غامض، وأطراف أي دولة هم الأقليات، وبنظرة ثاقبة سنجد أن الأقباط والنوبيين والبدو يعانون بشدة في مصر ولا يعلم أي شخص أين سترسو سفينتهم.
ومشهد مذبحة نجع حمادي والدماء التي سالت من شهداء الكنيسة أثناء خروجهم من قداس ليلة عيد الميلاد لن يكون الأخير، وأكثر شيء مؤلم كان موقف التليفزيون المصري الذي تصور أن المشاهد لا زال "داقق عصافير" وأنه يكتفي بالحقنة الإعلامية الصادرة من صيدلية الإعلام المصري الفاشل، فإعلان القنوات المصرية المملوكة للدولة أن الحادث كان في سوق في مدينة نجع حمادي وأن القتلى كانوا من المسملين والمسيحيين، يؤكد أن مصر لم تفيق من غفوتها حتى الآن وأن فيلم قتل وذبح الأقباط لن ينتهِ وأن "العرض مستمر".

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق