بقلم: د.صبري فوزي جوهرة
نعم! إنه أخذ بالثأر! هذا ما أوحت به صحيفة مصر شبه الرسمية "الأهرام": "قتل الأبرياء الجماعي وحرق المساكن ومصادر الرزق في فرشوط ونجع حمادي لم يكن إلا لأخذ الثأر!".
ابتعاد وامتناع وتقاعس قوات الأمن عن حماية الأقباط عمل ثأر! ثأر لأي اعتداء؟ إنه تبرير وضيع لحادثة "إفك" القرن الواحد والعشرين! الادعاء باعتداء شاب قبطي على طفلة مسلمة، ادعاء اصطنعته الغوغاء ثم نصَّبوا ذواتهم قضاة وجلادين يُقيمون القصاص! فلا عجب ولا حرج، أن يجرى هذا في دولة فاشلة محكومة بقوانين الطواريء التي لا يُعمل بها إلا لحماية السلطة وليس لصالح الشعب وخاصة من الأقباط. لم تكن الأمور في صعيد مصر على مثل هذا الالتهاب عندما أعلنت حالة الطواريء الابدية عقب قتل المؤمن، بل كان هناك الخوف من أن يستطيع الجهاديون الاستيلاء على السلطة والإلقاء بالرئيس الجديد إلى مصير غير واعد، إلا أن ما يجري الآن في مصر إنما هو عقاب جماعي، كما ذكر البعض من قبل، وهذا النمط السلوكي من السلطة الحاكمة القائم على ترويع جماعات بشرية, خاصة الأقليات العددية المستضعفة منها لغير ذنب اقترفوه، إنما هو تمامًا التعريف الكلاسيكي للإرهاب.. إرهاب دولة بكامل عنفوانها تقترفه ضد الأبرياء من مواطنيها.
ماذا لو امتدت نيران الفوضى والعدوان والقتل والنهب والحرق إلى باقي مدن وقرى الصعيد في تتابع كتداعي أحجار "الدومينو" الساقطة؟ هل سيوقظ ذلك أصحاب الأمر في مصرالجديدة؟ وهل في قوات الأمن الكم والقدرة على إطفاء نيران مثل هذه "الهوجة الكبرى"؟ أم أن الأمر سيتطلب استنفار القوات المسلحة لكبح جماح السوقة والغوغاء؟ ولقد كان فيما فعل الرئيس الأمريكي الأسبق "دوايت أيزنهاور" سابقة لمثل هذا الإجراء عندما تحدى حاكم جنوبي متمرد أوامره المستندة إلى حكم محكمة بإدخال الطلبة الزنوج في جامعات كانت تحصر قبولها على الجنس الابيض. وهل سيحرك مثل هذا الاستنفار لو حدث في مصر ما هو أبعد من محاولة إعادة السكينة إلى الصعيد؟ أم أن شهية رجال الجيش المصري ستمتد لابتلاع السلطة المتهالكة الفاشلة بأكملها والسيطرة التامة على الحكم و"قلش" من هم الآن على القمة؟ (خللي بالك يا ريس إنت وجيمي) وهل سينتهي بذلك عناء الأقباط واستشهادهم أم سيستمر؟ في اعتقادي أن عذاب الأقباط سيستمر، فحتى إن اختلف "ثوار" الجيش مع النظام القائم المتهالك في كل أمر واتجاه، إلا أن الدلائل تشير إلى أن جميع ما يُسمى بمؤسسات جمهورية مصر الإسلامية, وإن اختلفت في كل أمر آخر, فجميعها تتفق على هدف واحد هو القضاء على الوجود القبطى في البلاد. وتعود مصر إلى المربع الاول كما يُقال: "ظباط أحرار وكوارث من العيار الصناعي تلي الواحدة منها سابقة لها أشد فتكا بالشعب حتى وإن أصبح مؤمنًا بكامله بعد أن انقرض من بين جنباته الأقباط!
سؤال تكرر: هل مأساة محافظة قنا, وأقصد مذابح فرشوط وأبو تشت ونجع حمادي, وليس محافظها القبطي الهمام مجدى باشا أيوب, هل هي كشح العقد الجديد؟ لا أظن.. فقد تابع العالم قاطبة هذه الأحداث وما يجري ساعة بساعة. وتناولت الإذاعات المسموعة والمرئية والصحافة أحداث فرشوط ونجع حمادي في كافة أرجاء المسكونة حتى إنه للمرة الاولى منذ أكثر من ثلاثة عقود عندما اندلع عصر الاستشهاد القبطي الثاني, نفاجأ نحن أقباط الولايات المتحدة من سكان المدن الكبيرة ومتوسطة الحجم هنا بأن المواطن الأمريكي العادي على علم "بمذبحة عيد الميلاد القبطي" لا ينتظرون منا شرحًا أو تفصيلاً أو تحليلاً. فقد أبلغتهم وسائل إعلامهم هنا بهدية عيد الميلاد التي قدمها سوقة وغوغاء وجبناء وحكومة مصر إلى مواطنيهم الأقباط. فحتى إن لفقت جهات الأمن و"العدالة" المصرية كعادتها أحداث القضية بقصد "اختراقها" مثلما حدث في الكشح التي"انتحر" فيها واحد وعشرون قبطي, فلن يصدقهم العالم المتحضر هذه المرة وسيزداد التوجس والاشمئزاز والاقتناع بأن ليس لهؤلاء الهمج مكان بين الشعوب المتطلعة إلى مستقبل أفضل يسوده السلام والرخاء وربما المزيد من العدل.
مش فاهم إحنا عملنالهم إيه! ألا تخشون إدانة العالم وكرهه وازدرائه خاصة وأنتم تعيشون على فضلات إحسان من تسعون إلى القضاء عليهم من أحفاد القردة والخنازير وما قرد او خنزير سواكم. بل إن للقردة والخنازير قدرًا أعظم من الذكاء والشرف والشجاعة والسلوك الأكثر تحضرًا منكم. |